العدد 3647 - الجمعة 31 أغسطس 2012م الموافق 13 شوال 1433هـ

«أم أمل»: النعيمي حلم بوطن لا يرجف فيه الأمل

تحدثت لـ «الوسط» عن رفيق دربها في المنافي والوطن

عبدالرحمن النعيمي متحدثاً في إحدى الندوات
عبدالرحمن النعيمي متحدثاً في إحدى الندوات

كانت رفيقة عمره وحياته ودربه ونضاله على مدى أكثر من خمسة عقود، حيث باتت المنافي وطنهما الذي اقتسما فيه كل شيء، بدآ معاً بأحلام أسرة وديعة تشكلت نواتها أواخر الخمسينات، لكنهما ظلا على مدى عقود يبحثان عن طيف بهيٍّ لم يفارقهما معاً، ظلا يبحثان عن «وطن لا يرجف فيه الأمل».

إذاً، هي مريم النعيمي «أم أمل» زوجة المناضل الراحل عبدالرحمن النعيمي، رفيقة حياة «سعيد سيف»، شريكة عمره ونضاله الوطني والعروبي.

في ذكرى رحيله الأولى، اليوم السبت (1 سبتمبر/ أيلول 2012)، تحدثت أم أمل إلى «الوسط» عنه، ذاكرة أنه «لم يطمع في حياته إلا أن يحلم لشعبه بوطن لا يرجف فيه الأمل».

وأضافت «مسيرته ليست إلا امتداداً لنضال أجيال سلمته الراية، وقد سلمها لنا لنكمل المشوار».


تحدثت إلى «الوسط» عن رفيق دربها في المنافي والوطن...

«أم أمل»: مصداقية النعيمي جمعت البحرينيين حول نضاله

قلالي - حسن المدحوب

كانت رفيقة عمره وحياته ودربه ونضاله على مدى أكثر من خمسة عقود، حيث باتت المنافي وطنهما الذي اقتسما فيه كل شيء، كانت البداية معاً بأحلام أسرة وديعة تشكلت نواتها أواخر الخمسينات، لكنهما ظلا على مدى عقود يبحثان عن طيف بهي لم يفارقهما، ظلا يبحثان عن «وطن لا يرجف فيه الأمل».

إذن، هي مريم النعيمي «أم أمل» زوجة المناضل الراحل عبدالرحمن النعيمي، رفيقة حياة «سعيد سيف»، شريكة عمره ونضاله الوطني والعروبي، التي عاشت معه شبابه الثوري، ونضاله الوطني والقومي، كانت أحد طائري فينيق، حلقا في المنافي بدءاً من بيروت وأبوظبي ومروراً باليمن ودمشق، إلى أن حطّا من جديد على سدرة الوطن، رحلة حياة طويلة ممتدة كانت ثمارها اليانعة أمل وخالد ووليد وعائشة وسلوى.

في ذكرى رحيله الاولى، اليوم السبت (1 سبتمبر/ أيلول 2012)، تحدثت أم أمل لـ«الوسط» عنه، ذاكرة أنه «لم يطمع في حياته إلا أن يحلم لشعبه بوطن لا يرجف فيه الأمل».

وأكدت أن «مصداقيته هي السبب الرئيسي في التفاف البحرينيين على اختلاف مذاهبهم وأفكارهم وتوجهاتهم حول شخصيته ونضاله الذي تجسد على أرض الواقع بأفعاله وأقواله وكلماته وسلوكياته، فهو يمثل قناعتهم العميقة بحب الوطن، ويعبر عنها بكل صدق».

وفيما يلي نص اللقاء معها:

كيف كانت بدايات العمل السياسي لأبي أمل في المرحلة التي عرفتينه فيها؟

- بداية نشكر «الوسط» على اهتمامها الدائم بنشر صفحات من عبق تاريخ الوطن، وما المرحوم عبدالرحمن النعيمي إلا أحد أبنائه المخلصين الذي نذر نفسه من أجل قضية عادلة.

لقد تأثر أبو أمل بالأجواء السياسية التي عاصرها في الخمسينيات من القرن الماضي، ففي فترة الدراسة الإبتدائية - حيث برزت الهيئة التنفيذية العام 1954- شاءت الصدف أن يتواجد في المهرجان الخطابي للمرحوم عبدالعزيز الشملان، وأن يستمع لكلماته الوطنية الحماسية، فكانت بداية المسيرة، حتى وإن لم يعي ذلك في تلك المرحلة العمرية. وأصبح بعدها متابعاً لإذاعة صوت العرب التي أثرت في انبثاق حسه القومي مما دفعه للمشارك في مظاهرة الغضب التي خرج فيها الكثير من شعب البحرين احتجاجاً على العدوان الثلاثي على مصر العام 1956. كما أن وجود الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في تلك المرحلة، وما شكله الفكر الناصري من نشر للوعي القومي ساهم في بدايات تبلور قناعاته، وكان الكتاب رفيقه الدائم أينما ذهب، لإدراكه أن القراءة هي المصدر الحقيقي لصقل الأفكار واكتشاف المعرفة. عقد زواجنا في العام 1959 وبعدها بفترة سافر لبيروت وأكمل دراسته الثانوية العام 1960. ويمكن القول أن بيروت كانت المحطة الحقيقية الأولى.

تنقل أبو أمل بين الدول والمنافي (بدءاً من بيروت ثم أبوظبي مروراً باليمن وسورية.. حدثينا عن كل فترة قضيتموها في هذه الدول:

- نعم لقد كانت حياة تنقل مستمرة محطتها الأخيرة سورية إلى أن وضع ترحاله في البحرين.

لنبدأ من محطته ومحطتكم الأولى في بيروت..

- بيروت محطته النضالية الأولى، حيث أكمل دراسته الجامعية بعيداً عن العائلة، وكانت فرصة كما كان يقول لصقل شخصيته. أما مع العائلة فقد كانت بيروت محطة توقف سريعة لمدة شهر العام 1970 قبل الذهاب إلى اليمن.

لكنكم انتقلتم معاً إلى أبوظبي. صحيح؟

- كانت النقلة إلى أبوظبي نوعية على الصعيد المادي - الذي لم يغُرّه في يوم من الأيام- فكان عمله الثوري السري ضد الاستعمار الإنجليزي سبباً في اعتقاله بعد 6 شهور، ومن ثم إبعاده عن أبوظبي.

كانت أسرتنا صغيرة مكونة من بنت وولد وآخر قادم في الطريق. أسرة تعيش حياتها اليومية ببساطة تتغلفها السرية والعمل الدؤوب.

ماذا عن اليمن، كيف كانت الأمور هناك؟

- وصلنا اليمن بعد محطة بيروت القصيرة، نشاطه أيام الثورة العمانية فرض عليه التنقل الدائم لنشر قضية الثورة، والتنسيق مع القوى الثورية وحركات التحرر العربية.

كانت حياتنا في بيتٍ يشبه خلية نحل بين تربية وإطعام واجتماعات وأعمال متفرقة. حركة لا تنتهي إلا ليبدأ يوم آخر. تقبلت هذا الوضع وصبرت على بعده لإحساسي بعظيم ما يسعى إليه، لقد عشنا كما يعيش الآخرون، حالنا من حالهم.

آخر محاطاتكم في المنافي كانت في سورية. ما الذي تذكرينه عنها؟

- التطورات السياسية والتنظيمية في تلك المرحلة انعكست على وضعنا ومكان إقامتنا. وكانت سورية المحطة الأخير الطويلة قبل العودة للوطن. سورية التي ندعو الله أن يفرج كربة أهلها لم تقصِّر معنا، فقد كانت الحاضن لنا وللكثيرين من العرب.

حين اعتقال أبي أمل إبان حرب الخليج الثانية لإسكات صوت الحق الذي لا يخشى في القول لومة لائم. وعلى رغم القلق على مصيره وكيف هو حاله في المعتقل إلا أننا علمنا أنه كان يُعامل بكل احترام، خرج بعدها وبين يديه كتاب ألفه بعنوان «الصراع على الخليج».

ما هي الدولة عشتم فيها أو الفترة الأكثر ثراء في ذكريات أم أمل والعائلة عن أبي أمل؟

- لكل بقعة وزمان ذكريات جميلة وأليمة، لكن سورية تحمل الكثير من الذكريات حيث الاستقرار المكاني والزمني الذي انعكس على الجو النفسي والعاطفي والاجتماعي. ففي سورية تسنت لنا فرصة اللقاء بالأهل عن قرب.

فكنا في البداية نذهب للعراق في حر بغداد، ونعود بعدها لشتاء دمشق! بعدما ساءت العلاقات بين سورية والعراق التي كانت منطقة وسطى للقاء. أصبح الأهل يأتون لدمشق لزياراته وزيارتنا. نذكر أم عبدالرحمن كيف كانت تكنى بأم سعيد فتضحك، لكنها عارفة ومقدرة ضرورة العمل وسريته.

خلال تلك الفترة، هل زارت العائلة (أم أمل وأبناؤها) البحرين؟

- نعم شاءت الصدف أن نذهب إلى البحرين مرة واحدة في العام 1982 مع ابنتي الصغيرتين، وكون الوفد المتحرك إلى البحرين عدده كبير ومن عائلة واحدة فقد عدّت الأمور بخير وسلامة. كانت تجربة رائعة جميلة حيث التقينا بالوطن وأهله.

كيف كانت تصلكم أخبار البحرين في مختلف المحطات التي عشتم فيها خارج الوطن، وهل كان أبو أمل شديد المتابعة لأخبار البحرين، أم أن نضاله الخليجي والعروبي شغل بوصلته ولو مؤقتاً عنها؟

- أخبار البحرين كانت تصل بطرق سرية وعلنية كالرسائل والمسافرين والراديو. أما التلفزيون فلم يدخل إلا متأخراً. ولا يمكن فصل النضال الوطني عن الخليجي والقومي، فبالنسبة لعبدالرحمن إحقاق الحق والتزامه بالفكر الإنساني المتفتح والمنفتح على الآخر لم يجعلانه يفصل النضال الوطني عن القومي والأممي فكلهم يتداخل في حلقات متكاملة. ذات مرة سألته والدته مستغربة: من أين لك معرفة كل هذه الأمم، الأبيض والأسود والأسمر والأشقر؟!

المعروف أن السياسة والنضال خاصة عندما تكون خارج الوطن يأخذان الكثير من الوقت والجهد، كيف كانت علاقة أبي أمل بالعائلة في كل تلك المنافي؟

- رغم مشاغله إلا أنه حاول قدر استطاعته أن يحافظ على قربه، من خلال قيامه بتدريس الأطفال أو المساعدة في إنجاز الأعمال المنزلية أو الخارجية كجلب الغاز أو متطلبات المنزل واستمر ذلك كجزء من حياته وواجب عليه إلى أن كبر الصبية، وتولوا تلك المهام.

وعلى الصعيد الشخصي كان أبو أمل الناصح والصديق. وحين نحتاج لمشورته لم يكن يستمع لنا بل يترك ما بيده، ويصغي بصدق ليحيط بكامل الموضوع محاولاً إيجاد الحلول وتقديم النصح، أما القرار النهائي لأي حل فهو غالباً ما يتركه لنا. مما ساعد على تكوين شخصيات مستقلة، مختلف بنيانها لدى أولادنا الخمسة.

هل كان أبو أمل يطلعك على أسراره المتعلقة بالنضال السياسي؟ أم أنه كان يفصل العائلة عن هذه الأمور؟

- منذ بداية الحياة الزوجية كان واضحاً بأنني سأرى أموراً غير قابلة للتساؤل، وعليَّ المحافظة على سرية كل حركاته وأعماله. لكن تداخل حياة الأسرة مع النضال خلق نوعاً من التناغم يصعب فصله، خصوصاً عندما تكون هذه الأسرة جزءاً من التنظيم، لكنها لا تخوض في تفاصيله.

ما هي قصة الاسم الحركي لأبي أمل (سعيد سيف)؟ وهل كان بديلاً لاسمه الحقيقي حتى وسط عائلته؟

- لم يكن سعيد سيف اسمه الحركي الوحيد ففي كل مرحلة، وحسب الظروف، تخرج الأسماء. لكنه الأكثر شهرة لارتباطه بالثورة في ظفار. عند عودتنا للبحرين وبدء كتابة مقالاته في الصحف باسمه الحقيقي سأله أحد الأخوة من خارج البحرين، هل هذا هو اسمك الحركي الجديد؟!

لم يكن اسم بديلاً عن الاسم الحقيقي، فللأسرة أيضاً أسرارها. لكن الأطفال عرفوا اسمه الحقيقي حين دخول المدارس.

هل كنتم تتوجسون أو تخافون على أبي أمل مما كان يقوم به خلال فترات نضاله الخليجي والعروبي؟

- طبعاً، خاصة خلال سفراته الطويلة، كان قلقي يشتد كلما طالت المدة، خصوصاً في ظل عدم توافر وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى الهاتف لم يكن متوافراً، لكنه كان يلجأ للرسائل كي نطمئن عليه.

هل كان أبو أمل يظهر رغبته في الرجوع إلى البحرين خلال المحطات التي عاشها في الخارج، وهل قُدمت له فرص للعودة إليها قبل فترة الميثاق؟

- كانت رغبته غير المشروطه حاضرة لعودته وعودة رفاقه جميعاً، والدعوة الحقيقية حدثت، وكانت نتيجتها العودة لجميع المبعدين.

في أحد الجلسات مع الأولاد وبعد سؤال تكرر منهم، لماذا لا نعود للبحرين؟ قال: من أجلكم أنا مستعد أن أطلب التماساً لمنحكم الجوزات، لتسهيل حركتكم، وهذا التنازل من أجل مستقبلكم وسعادتكم. فكان الرد واضحاً من قبل الأبناء والبنات: أبداً لن نقبل لك هذا، وسيجد الله لنا مخرجاً.

كيف تلقيتم خبر السماح لكم بالعودة إلى البحرين بعد مرحلة ميثاق العمل الوطني؟

- بفرح عارم غير مصدقين له، إلى أن وطأت أرجلنا أرض الوطن بهامات مرفوعة.

ما أول الأمور التي قام بها المناضل عبدالرحمن النعيمي لدى عودته من المنفى؟

- أول مهمة قديمة حديثة كانت له ولرفاقه هي تجميع أقطاب التيار الديمقراطي تحت تشكيلة تنظيمية موحدة، كي تكون أحد الروافد الفاعلة في عملية الحراك السياسي.

خلال العام 2001 تأسست جمعية «وعد» وكان النعيمي -ولازال- أباها الروحي. هل تعتبرون هذه الجمعية جزءاً من إرث أبي أمل لكم؟

- هي إرث لكل من يؤمن بهذا الفكر الذي انتهجه عبدالرحمن ورفاق دربه.

بدءاً من العام 2002، بدأ المشهد الوطني يتغير في البحرين، هل كنتم تلحظون ضيقاً لدى أبي أمل من انتكاسة الوضع السياسي؟

- لم يفارقه التفاؤل، فتلك مسيرة طويلة بالنسبة له لا تختزل في مرحلة. والوضع السياسي النضالي تتوسع رحابته وتضيق. بل كان يسعى دوماً لإيجاد الحلول بعد دراسة العثرات وأسبابها.

هل كان يعبِّر النعيمي عن يأسه من التغيير الحقيقي في البحرين؟ أم أنه ظل متفائلاً إلى حد ما؟

- كان يقول إن الأيام ستثبت إن كان عملنا وفكرنا صحيحاً، فتجارب الشعوب تبين أن الزمن لم يكن هو العامل المحرك بل مدى صحة اتجاه البوصلة والسير على خطاها، فنظرته لم تقف عند حدود زمنه ليقطف ثمار عطائه، كما أن حسه وفكره الإنساني جرده من النظر لكأس الماء الفارغ والتركيز على الجزء الممتلئ. لطالما اعتقد أن مسيرة الفكر الإنساني لن تتوقف، ومن هذه القناعة اكتسب تفاؤله.

كان العام 2007، علامة فارقة لعائلة النعيمي وللبحرينيين عموماً، كيف بدأت إصابة أبي أمل بالمرض؟

- أين البداية -كمرض- ذلك علمها عند رب العالمين، إلا إن عدم التمكن من إجراء التشخيص المبكر لالتهاب البنكرياس والجهد المبذول فوق الطاقة أوصل الوضع الصحي لحالة قادت لانهيار تلك الوظيفة، وعدم تمكنها من إكمال مهامها الحيوية.

حدثينا عن علاجه في الرباط والرياض، ومن كان من العائلة معه؟

- اتصل صديق يخبرنا بتعب أبي أمل ودخوله المستشفى، وما أن سمع أخوه الخبر حتى كان أول الواصلين للمغرب للوقوف إلى جانبه وتقديم يد العون. ولحقت به باقي العائلة بالتتابع خلال أيام لاحقة. إلا أننا لم نصل إلا وكان قد دخل في غيبوبته بيوم قبل وصولنا. في آخر ساعات الصحوة طلب من أخيه أن يأتيه بجهاز الحاسوب للضرورة، فعليه أن ينجز بعض المعلقات إلا أن الوقت لم يسعفه. بذل الجميع كل وحسب طاقته كل الجهود بإرسال التقارير الطبية لكبرى المستشفيات الطبية لمعرفة إمكانية توافر العلاج. وبالنتيجة كان مستشفى الملك فيصل التخصصي هو المكان المناسب لذهابه، وهكذا كان.

على رغم أن النضال والسياسة كانت هاجس أبي أمل طوال 40 عاماً، إلا أن عائلته ظلت بعيدة عنها، هل كان ذلك مقصوداً من النعيمي، أم أنه جاء بشكل عفوي؟

- من يؤمن بمبدأ الحريات عليه أن يمارس ذلك بشكل عملي في حياته اليومية، هناك نقطة رئيسية وهي الأخلاق والمعرفة والقناعات والفكر الإنساني إن تواجدت وتجانست في أطرها الصحيحة فأي طريق يسير به الإنسان ستشكل دفعة ترتقي بالمجتمع والإنسان. وذلك أيضاً نضال، وإن لم يلبس ثوب السياسة. فالمسألة ليست بقصد أو بغير قصد، بل هي مبادئ طبقت ولكلٍ كان خياره.

معروف عن النعيمي بغضه للطائفية، فما هي المواقف التي يمكن أن تذكريها على هذا الصعيد؟

- تواصله مع جميع أطياف الحركة الوطنية بجميع توجهاتها الفكرية والدينية، ومحاولاته الحثيثة لإيجاد مساحات التقاطع مع الآخرين، الذين يكون الشأن الوطني قمة همهم. تعامله مع الجميع بروح التسامح والتفاعل الإيجابي دون النظر لمشاربهم الفكرية أو الدينية أو العرقية، فبالنسبة له التعددية عملية صحية لرقي العمل الوطني. هذا ما لمسناه في أحاديثه الأسرية التي لم تتعاطَ مع المسألة الطائفية إلا من باب النقد الموضوعي البناء لتعرية هذه الأفكار الهدامة في المجتمع وبكل صراحة.

ما أبرز تطلعات وأمنيات الراحل النعيمي على الصعيد الوطني؟

- تطلعات وأمنيات أبي أمل لا يمكن حصرها على الصعيد الوطني، فهو يؤمن بأن القضية المركزية هي فلسطين فعندها تتقاطع كل القضايا الوطنية. كان يؤمن بضرورة احترام الإنسان في ظل دولة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات بحماية دولة القانون والمؤسسات.

ما أكثر ما تتذكره العائلة عن أبي أمل حتى اللحظة؟

- كل صباح كان يقول أصبحنا وأصبح الملك لله، وكأن بهذه العبارة الطاقة التي تزوده بزخم يوم جديد من العطاء.

حالة دخوله المنزل ينادي يا أم أمل.. يا أم أمل.. ترن هذه الكلمات في أذني كل ظهيرة.

اجتماعنا على طعام الغداء الذي لا يبدأ إلا بحضور جميع أفراد العائلة كجزء من احترامه للآخر الذي يحمل معه الحنين للوطن وهموم الغربة.

إن طلبته بمشورة يترك ما لديه، ولا يستمع لك فقط بل يصغي بكل جوارحه محاولاً تفهم الحديث وإيجاد الحلول الإيجابية إن كان موضوع الحديث مشكلة.

يومه يبدأ منذ الصباح الباكر بقلم لا يمل ولا يكل، أو بقراءة كتابٍ فتلك وجبةٌ وغذاءٌ للعقل والروح.

ما أبرز الصفات التي ورثها الأبناء عن أبي أمل؟

- التفاني في إنجاز الأعمال الموكلة، ورؤية الحياة بنظرة متفائلة، العمل بصمت. يخجلون من ذكر محاسنهم فهم يرونها في ابتسامة رضى تحيط بهم. المحاولة المستمرة لتشذيب الذات والالتزام باحترام الآخر ومحاولة تفهم موقفه.

كيف تنظرون إلى التفاف البحرينيين على اختلاف مذاهبهم وأفكارهم وتوجهاتهم حول شخصية ونضال أبي أمل؟

- مصداقيته هي السبب الرئيسي في ذلك، والتي تتجسد على أرض الواقع بأفعاله وأقواله وكلماته وسلوكياته. فهو يمثل قناعتهم العميقة بحب الوطن ويعبر عنها بكل صدق.

في ذكراه الثانية، ماذا تقول عائلة النعيمي إلى شعب البحرين الذي ناضل أبو أمل طوال عمره من أجله؟

من يعرف أبا أمل يدرك إيمانه بكونه إنسان سخّر أفكاره النبيلة من أجل الكرامة الإنسانية. لم يطمع النعيمي إلا أن يحلم لشعبه بوطن لا يرجف فيه الأمل فمسيرته امتداد لنضال أجيال سلمته الراية وقد سلمها لنا لنكمل المشوار. وهذا المشوار النضالي لا ينحصر في العمل السياسي، فذلك جزء من الصورة. علينا أن نغسل أرواحنا عن دنسٍ يحاول الكارهون إغراقنا به. فنحن نرتقي بالمحبة لا بالكراهية.

وماذا تقول له رفيقة عمره ونضاله، وكذلك عائلته في ذكرى رحيله؟

نقول:

أيها الراحل... كان ترحالك... عملاً وأملاً... أسلمت الجسد ومضيت... لكنك مازلت هنا... فمثلك لا يرحل...

العدد 3647 - الجمعة 31 أغسطس 2012م الموافق 13 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 9:24 ص

      المناضل الكبير رجل بحجم وطن

      هنيأ لأم انجبت وللوطن الذي انجب هذا الرجل المعطاء الذي بذل عمره من اجل المطالبة بحقوق الناس والمطالبة بتحقيق العدالة الانسانية ورفض كل أساليب الترهيب والترغيب ، حقيقة شخصية غريبة ونادرة في هذا العصر

    • زائر 8 | 7:48 ص

      رحمك الله

      تفانيت في خدمة الوطن وابناء الوطن
      قاسمت محبيك همومهم فأمسيت نجماً في سماء هذا الوطن رحمك الله برحته الواسعة وجزاك خير الجزاء

    • زائر 7 | 7:39 ص

      جميل هذا الرجل

      جميلا هذا الرجل يتحمل أعباء الغربة وهو في مقتبل عمره ثم يعود بعد زمنا طويلا من غربته الى الوطن ويضل مخلصا لوطنه وشعبه دون ان يقبل اي عرض من الحكومة
      تحياتي لك أيها المناضل لقد مت وانت واقفا بعزتك وكرامتك

      عذرا ع التقصير

    • زائر 6 | 5:59 ص

      بو محمد

      الله يرحمك يا النعيمي يا ريت القوم يحذون حذوك في وطنيتك اما من يدعون الوطنيه هذه الايام فأغلبهم طائفيون ويعملون من اجل الطائفه واللي على راسه بطحه يتحسسها وما اكثرهم

    • زائر 4 | 2:48 ص

      خيرت الرجال

      رحمك الله يا أبا امل فكنت من خيرت رجال هذا البلد لن ينساك شعب البحرين على ما قمت به اعمال نضالية وكفاحية لكل الشعوب العربية المظلومة، رحمك الله برحمتة الواسعة وادخلك جناتة.

    • زائر 2 | 1:39 ص

      ولد الموسوي

      الى
      جنان الخلد ابا أمل الوطن محتاج الى اناس من مثلك الله يرحمك

    • زائر 1 | 12:38 ص

      الكستنائي

      رحمك الله يا عبد الرحمن النعيمي, فقد أفنيت عمرك في النضال من أجل حرية وكرامة هذا الشعب.

      سيتحقق يوما ما الأمل الذي كنت تحلم به.

اقرأ ايضاً