العدد 3658 - الثلثاء 11 سبتمبر 2012م الموافق 24 شوال 1433هـ

تركيا... أحد الخاسرين من الربيع العربي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أوردت الأنباء قبل يومين - نقلاً عن صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية - أن السلطات التركية بدأت تقرع أبواب الآلاف من اللاجئين السوريين بمدينة أنطاكية وطالبتهم إمّا بالعيش في المخيمات المخصصة للاجئين أو الانتقال إلى داخل تركيا بعيداً عن منطقة حدودية متوترة بالصراع الطائفي. وقالت الصحيفة إن الحملة المفاجئة تسببت في حالة من الهلع في أوساط 40 ألف سوري يعيشون في بيوت مستأجرة في جنوب تركيا حيث أبلغت عناصر الأمن الحكومية والشرطة التركية العائلات التي أصيبت بالارتباك بأن يحزموا متعلقاتهم ويغادروا مساكنهم، رغم أن هؤلاء يحمل الكثير منهم مستندات ووثائق سفر صحيحة ويعيشون بشكل قانوني في مدن مثل أنطاكية. التقرير قال إن الإجراءات الصارمة تمثل تحوُّلاً كبيراً من جانب حكومة رجب طيب أردوغان الذي يؤيد الثورة المسلحة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، ولكنها تشكو من أن الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة تخلّوا عن تركيا على خط المواجهة في صراع ينساب عبر حدودها.

والسؤال هو كيف تحولت تركيا من موقع متقدم ذي رمزية عالية في المنطقة العربية إلى وضع يتراجع بشكل ملحوظ في الوقت الحالي؟ تركيا انطلقت من خلال ازدهار اقتصادي قاده حزب العدالة والتنمية، وصعد نجمها في 2003 عندما رفضت الحكومة التركية السماح للقوات الأميركية باستخدام أراضيها لغزو العراق، ونأت تركيا بنفسها - في بداية الأمر - عن المشكلات والحزازات الطائفية والفئوية والمحاور التي تمزق العالم العربي، وركزت على مساندة القضية الفلسطينية ومواجهة إسرائيل في المحافل الدولية، وأوضحت اختلافها مع أميركا فيما يتعلق بقضايا حساسة ترتبط بمقاطعة إيران وغيرها من القضايا، بل وتجرأت واقترحت حلولاً تركية لقضايا ترتبط بملفات حرجة.

وقد اندفع العرب خلال السنوات الأخيرة نحو مشاهدة المسلسلات التركية، وانهال السياح العرب على زيارة تركيا، وملأت المسلسلات التركية فراغاً نفسياً وثقافياً لدى العرب. تركيا قبل الربيع العربي أصبحت نجماً محبوباً من قبل الحكومات والشعوب العربية، وزادت جاذبيتها عبر إطلاق سياسة «تصفير المشاكل مع دول الجوار»، وأصبحت تركيا مستعدة لاستلام موقع متميز بصفتها شريكاً عادلاً لديه أطروحة معتدلة متقاربة مع الجميع.

ولكن ما بعد الربيع العربي بدأت الموجة تنعكس، وبدلاً من أن يستمر التأثير التركي على العرب، بدأت تركيا تتأثر بنمط السياسة والثقافة العربية الرسمية الغارقة في مصائب الطائفية والتمزق من كل جانب، وهكذا بدأت تركيا تتخذ مواقف وكأنها دولة عربية تقليدية بامتياز؛ ما أوصلها إلى حالة من التردد والانحياز ضد المبادئ التي رفعتها في مطلع القرن الحادي والعشرين، وهي الآن تمر في فترة خيارات صعبة غير متوائمة مع التوقعات الكبيرة التي حظيت بها من قبل، وهي لذلك تبدو أحد الخاسرين من الربيع العربي.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3658 - الثلثاء 11 سبتمبر 2012م الموافق 24 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 36 | 12:25 م

      فعلاً ... تركيا تنسج غفلات

      إن العالم الإسلامي أحوج ما يكون إلى حضارة راسخة المعالم،وما غياب رؤية تركيا الاستراتيجية الإسلامية لهو دليل للسهوات والغفلات ،ها هي جهود المكر لدول الغرب،ومن ورائها العون الإمريكي المادي دائبة على تدويخ الإسلام وإذلال شعوبه،إنها سياسة قطعان استغلوا تفوقهم العسكري ليملؤا الحياة فساداً ، مما نتج ما نتج عصبية يتوارى لبابها الإبادة والتشريد وما بقي في بلاد المسلمين،يجتهد في تمزيق أوصالهم وإفساد ضمائرهم، وتقديم حقوقهم للطامعين .وتحياتي لكم ... نهوض

    • زائر 35 | 10:57 ص

      كنا من المعجبين بتركيا

      كنا من المعجبين بتركيا وحريتها وانفتاحها وبعدها عن المحاور الطائفيه رغم غلاقتها المتميزه مع اسرائيل وامريكا إلا أنها سحبت من الاحوان المسلمين ودخلت المستنقع الطائفى فى سوريا والذى أعدته حكومات السلف والتلف وبالتالى كشفت عن حقيقتها الطائفية و ما زمجرتها عن البحرين وفلسطين إلا صراخ ذئب فى ظلام ذامس

    • زائر 34 | 9:20 ص

      السياسات العربية الرسمية

      مالفت نظري في هذا المقال قولك الصائب (عندما بدات تركيا تتاثر بالسياسات العربية الرسمية والثقافات الغارقة في مصائب الطائفية ولو اضفت فقرة الوقوع في احضان السياسة الامريكية لكملت الصورة ) وان هي لم تتراجع عن هذه السياسة سندم على ما اوصلها هذا الاردوكان في وحل السياسات العربية الرسمية وحينها قد يكون فات عليها الربيع العربي وحصدت بفعلتها نتائج ما يحصل في سوريا

    • زائر 33 | 8:42 ص

      تركيا اكثر الرابحين

      اخالف الدكتور الراي فتركيا من اكثر الرابحين من الحراكات العربي تركيا وقفت مع الثورات العربية والاسلامبين الذين وصلوا للسلطة يضعون النموذج التركي نصب اعينهم واذا سقط النظام في سوريا ستكون تركيا اكثر الرابحين تجاريا سياسيا اقتصاديا

    • زائر 32 | 8:41 ص

      تركيا اكثر الرابحين

      اخالف الدكتور الراي فتركيا من اكثر الرابحين من الحراكات العربي تركيا وقفت مع الثورات العربية والاسلامبين الذين وصلوا للسلطة يضعون النموذج التركي نصب اعينهم واذا سقط النظام في سوريا ستكون تركيا اكثر الرابحين تجاريا سياسيا اقتصاديا

    • زائر 31 | 7:37 ص

      العثمانية الأردوغانية!!

      مسكين الطيب أردوغان كان حلمه استرجاع المجد العثماني المفقود فقام بإخراج مسلسلات تركية تدغدغ المشاعر العربية والإسلامية فتارة مسلسل "مرمرة" في غزة وتارة مسلسل "المنتدى الإقتصادي" في حواره مع بيريز وتارة مسلسل "كربلاء" البحرين وآخرها مسلسل " المسجد الأموي" والصلاة فيه قريباً!!
      أبوصادق الدرازي

    • زائر 30 | 6:02 ص

      بديهية البداية والنهاية

      من آياته جعل الليل والنهار آية .. والشمس والقمر آية... ومن غير البديهي أن ظلام الليل لا يكشفه ضياء الشمس و يترك الليل مظلماً ولا يصبح نهارا بعد الفجر.
      فقول أن "الباديء أظلم" وصف لحالة من حالات التعامل بين إنسان وآخر من البشر وهذا صحيح بين الشعوب والقبائل. فأحدهما قام بالظلم ووقع على الآخر فعل ظلم الأول.
      والمساعدة والمساندة من صفات أفعال دعم الظلم لا إدعاء فيها. فالمساعدة على حفر حفرة لأخيك المسلم لا تمنع تركيا من السقوط فيها قبل دول عالم لا ربيع عربي فيه وهذا بديهية أيضا

    • زائر 29 | 5:24 ص

      المدرعات المباركة

      شكرًا لتركيا لدعمها اللامحدود لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وذلك عبر تصدير المدرعات العسكرية لاستخدامها في القمع

    • زائر 26 | 4:43 ص

      تركيا

      وماادراك ماتركيا سوف تقسم وتحرق كما جاء في الانجبل

    • زائر 24 | 4:35 ص

      الحكومة الاردوغانية

      الحكومة الاردوغانية باتت كباقي الانظمة العربية اداة منفذة ليس الا مقابل بضع ملايين من الدولارات واذا ما استمرتهذه السياسة على ما عليه الآن فان تركيا يتشهد مشاكل على جميع الاصعدة يصعب الخروج منها

    • زائر 21 | 3:03 ص

      الفلوس تغير النفوس يا دكتور سأذكركم بعد ايام

      إن وراء الأكمة ما وراءها ومواقف اوردغان وتغييرها كان بسبب المال المحثور حثوا
      ما يكفيه مليون ياخذ 2-3 -4 الى ان يقول بس.
      ما سمعتوا او تصريح له عن البحرين؟ كربلاء-مالذي جعله ينقلب 180 درجة انه المال الذي يغير النفوس ولا نذهب بعيدا فلدينا في البحرين الكثير من هذه الاشكال وما ابي ازيد لا يقطع التعليق

    • زائر 20 | 2:54 ص

      الخدعة

      تركيا وقطر ماهما الا اداة فى يد امريكا ،فما قبل الربيع العربي كانت الاوامر لهما ان تكونا اكثر الدول محبة للشعوب ،والناصر الاول لهما ،وتقديم يد العون للمحتاج،وكل هذا من اجل كسب السمع الجيدة ،لكي تؤمن الشعوب بهذه الاطورح الجديدة من قبل تلك الدولتين ،وبعد ذلك تاتي الاوامر بتدمير البلدان العربي وتفكيكها بسم الحرية والديقراطية،وجعلها تعيش في صراع دائم ،وتصفوا الاجواء الى الكيان الصهيوني،هذه تركيا وقطر وهذا هو دورهما

    • زائر 19 | 2:54 ص

      نعم

      متاحف تركيا مملؤه بماسرقته من آثار تخص الدول العربية والأسلامية

    • زائر 18 | 2:08 ص

      امريكا تخلت عن تركيا على خط المواجهة في الصراع الدائر في المنطقة !!

      من يرمي نفسه في احضان الغرب خوفا او طمعا او تآمرا فسيكون السؤال : هو كيف تحولت تركيا او غيرها من موقع متقدم ذي رمزية عالية في المنطقة العربية إلى وضع يتراجع بشكل ملحوظ في الوقت الحالي؟

    • زائر 17 | 2:05 ص

      تابع .. المسلسل التركي

      حينها أجاد الدور و استحق التصفيق الحار من عمر موسى!!
      و كانت كربلاء اردوغان هي من أسدلت الستار على المسلسل التركي (اوردغان .. المارد الجديد ..)

    • زائر 16 | 2:04 ص

      المسلسل التركي ..كربلاء اوردوغان

      بلا شك ان السياسة الاردوغانية إتجاه المنطقة بشكل عام و بإتجاه سوريا بشكل خاص ستأتي بالوبال على تركيا ، و ما تفجير اسطنببول يوم أمس إلا بداية الوقوع في الحفرة التي حفرها اوردغان لأخيه و جاره السوري .
      كثيرون هم من إنخدعوا بالمارد التركي الجديد المعادي للصهيونية و المناصر لقضايا الأمة العربية و الإسلامية ، فكان فيلم سفينة مرمرة التركية العابرة لغزة ، و حتى اردوغان نفسه قام بدور الممثل الكومبارس في إحدى القمم الإقتصادية عندما دخل في عراك لفظي مع رئيس الكيان الصهيوني ،

    • زائر 15 | 2:04 ص

      لا تلوموا تركيا

      اللوم يقع عليكم انتم اهل الخليج فأنتم من ساهم في تدمير سوريا ب
      المسلحين والسلاح فكفوا ايديكم عن سوريا واتركوا الشعب السوري يقرر مصيىه بنفسه،رجاء لا تتدخلوا في شؤوننا

    • زائر 14 | 2:00 ص

      شكرا أستاذ

      السبب الرئيسي في كل هذا هو اموال الملوك العرب بعد بدء الربيع العربي كيف توفدء الملوك على تركيا.

    • زائر 13 | 1:55 ص

      بل العكس

      تركيا هي الرابح الأكبر وخصوصا على المستوى الشعبي العربي
      رغم ان لديها أخطاء نتيجة الضغوط الخارجية ولكن زادت شعبيتها بشكل كبير بعد الربيع العربي
      اما الخاسر الأكبر فهي ايران وحزب الله
      ستبدي لك الايام ماكنت جاهلا وتاتي بالاخبار مالم تعلم

    • زائر 11 | 1:53 ص

      بوابة الشر

      تركيا هي بوبة الشر الذي يستخدم

    • زائر 10 | 1:32 ص

      الربح والخسارة ميدانها الدنيا ونتائجها العدالة السماوية

      وعلى الباغي تدور الدائرة
      طال الزمان أم قصر كما تفعل تجازى
      والمستعان بالله ، فهل أنتم قادرون على تغيير سنن شرعها الله
      وبينها لكم ، ميزان العدالة السماوية لا يمكن ان يميل ، لأنه
      عدالة إلهيه سماوية . ألن تتعظو ؟ إذن إبشرو بحرب من الله ورسوله.

    • زائر 9 | 1:23 ص

      شفيت تسائلي عن تركيا هذه الأيام

      فانا أيضاً أراها تتخبط في تصريحات من هنا وهناك
      وأرضيتها مهزوزة
      واتضح انها تخسر اوراق في الربيع العربي
      وصداقات فقدتها

    • زائر 8 | 1:06 ص

      سبب ازمة تركيا

      تريد الكسب من دون ضمير
      فدعمت من يدفع
      فخرجت المعارضة لهذة السياسة من تركيا نفسها

    • زائر 7 | 1:01 ص

      الثوره السوريه المسلحه!!!!!!!!!!

      وعي القارئ البحريني اكبر من ان يتقبل السم المدسوس في العسل

    • زائر 6 | 12:42 ص

      من ساعد القاعدة نهشت من لحمه..

      الدلائل أثبتت بأن من يساعد القاعدة فإن الزمان يدور عليها لتنهش من لحمه.. فقد رأينا كيف تحولت باكستان من المغذي الأول للقاعدة الى أول متضرر من شرورها.. ورأينا سوريا التي طالما مررت من هؤلاء المسلحين الى العراق والذين قاموا بأفعال شنيعة في العراق الحبيب.. ماذا يجري الآن؟ حبيب الأمس ينهش اليوم في اليلد المساعد.. وستريكم الأيام دلائل أخرى..

    • زائر 5 | 12:40 ص

      تركي مقيم

      .... ستشهد كربلاء ثانية.

    • زائر 4 | 12:27 ص

      تركيا

      نعم بات الانقلاب واضحا في المواقف التركية حيال قضايا المنطقة وبدا التاثير الغربي والعربي للانظمة واضحا على الموقف التركي .. كنا ان تبقى على الحياد ان لم تقف مع مبادئها

    • زائر 3 | 12:24 ص

      عند البطون تعمى العيون ..

      كل شىء لها ثمنها و ثمن الموارد الماليه الشخصيه بعد الخريف ؟ الربيع العربى اكثر بكثير و اقل جهد .

    • زائر 2 | 12:22 ص

      تركيا الخاسرة

      السبب في تغيير السياسة التركية من دعمها للثورة السورية هو المشكلة الكردية وما يحمل هذا الملف من تعقيدات بالغة الصعوبة ،لا اعتقد ان تركيا ستجازف وتدعم الثورة السورية وتعرض امنها للخطر فتركيا أدركت مؤخراً فقط بان اللي بابه زجاج لا يقذف أبواب الاخرين بالحجارة ، نتمنى من بقية الدول ان تدرك ذلك !!!

    • زائر 1 | 11:46 م

      تسليم الهاشمي

      وتجد خير مثال أنها ترفض تسليم الهاشمي للمحاكمة للحكومة العراقية.

اقرأ ايضاً