العدد 3659 - الأربعاء 12 سبتمبر 2012م الموافق 25 شوال 1433هـ

الفساد والحرية الاقتصادية

منبر الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع منبر الحرية

يستطيع العلماء دائماً أن يتعلموا الكثير، وأن يقدّموا نصائح أفضل، عندما تكون الظاهرة التي ينظرون لها قابلة للتكميم؛ وينطبق ذلك على العلاقة التي تربط ما بين النمو الاقتصادي والحرية الاقتصادية والفساد.

إن قياس إجمالي الدخل الوطني والناتج الوطني (GDP/GNP) يمكن تأسيسه على منهجية متينة ومعايير مقبولة تم التوافق عليها في المنظمات الدولية عبر عقود طويلة. كما أن المقارنة بين دول العالم بحسب دخل الفرد تستند إلى أسعار الصرف أو تقديرات القوة الشرائية، ما يعكس الواقع بشكل أكثر صدقية في معظم الحالات. ولاشك في أن هنالك هامشاً من الخطأ يعتري البيانات الدولية، ولكن ذلك لا يمنع من تمتعها بالمتانة والقبول الواسع.

أما تحديد مستوى المؤسسات التي تستند إليها الحرية الاقتصادية فهي مهمة أصعب من ناحية القياس والمقارنة على المستوى الدولي، وذلك لأنه لا يمكن الحيلولة دون تضمنها لتقييمات ذاتية واعتمادها على نماذج صغيرة. وفي ثمانينيات القرن العشرين توصل عدد أكبر من الاقتصاديين إلى إدراك الأهمية العظيمة لمؤسسات الحرية الاقتصادية، ما أدى إلى البدء بعدة جهود لتقدير مستوى حقوق الملكية والأداء الحكومي، وحرية العمل، وأسواق رأس المال والمنتجات ومدى انفتاحها على التنافس العالمي. ومنذ العام 1986، قام مركز فريزر (Fraser Institute) الكندي بتنسيق جهد عالمي ضخم لتطوير منهجية متفق عليها وجمع المعلومات اللازمة حول معايير الحرية الاقتصادية. وقد لاقت البيانات المجموعة قبولاً واسعاً وقدمت أفكاراً قيمة تدعم السوق الحر والخيار الشخصي. وإلى جانب ذلك، كان هنالك جهد مشابه يقوم به مركز هيريتيج (Heritage Foundation) الأميركي بالتعاون مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، وعلى رغم اختلاف المنهجية المتبعة فإن النتائج التي تمخضت عنهما هاتان الدراستان تروي القصة نفسها: الحرية الاقتصادية تلائم النمو والمستوى المعيشي المرتفع.

إن درجة الفساد في فرض القواعد لم تتلقَ الاهتمام نفسه خلال مدة طويلة؛ ثم ملئت هذه الفجوة خلال العقد الماضي بواسطة مشروع للتقدير السنوي لمستويات التعامل غير النزيه في مجال السياسة والإدارة، وهو ما أطلق عليه: مؤشر تمييز الفساد (Corruption Perceptions Index: CorrPI). ويتم احتساب هذا المؤشر في جامعة باسو الألمانية تحت إشراف البروفيسور يوهان غراف لامبسدورف، وذلك بالتعاون مع منظمة الشفافية الدولية، وهي مركز أبحاث يقوم سنويا بنشر «تقرير الفساد العالمي». وهذا المؤشر، جنباً إلى جنب مع التحليلات ودراسات الحالات الواردة في «تقرير الفساد العالمي»، يهدف إلى تقوية عزيمة شريحة الناخبين وما لها من وكلاء على المستوى السياسي والقضائي والتنفيذي على محاربة الفساد.

أصبح هذا المؤشر يتضمن في العام 2005 بيانات 159 دولة، وذلك على رغم أنه يعتمد على قاعدة بيانية أكثر اختلافاً من ناحية البيانات الرئيسية؛ ففي عدد كبير من الدول، يرجع المؤشر إلى بيانات تعود إلى ثمانينيات القرن العشرين، ولهذا يمكننا تقفي أثر بعض التوجهات بعيدة المدى بفضل هذه البيانات، على أن لا ننسى حدوث بعض التغيرات في شمول المعلومات ونوعيتها عبر الزمن.

إقرأ أيضا لـ "منبر الحرية"

العدد 3659 - الأربعاء 12 سبتمبر 2012م الموافق 25 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً