العدد 3661 - الجمعة 14 سبتمبر 2012م الموافق 27 شوال 1433هـ

البابا يحيي من لبنان شجاعة الشباب السوري ويجدد دعوته الى السلام والتعايش

رويترز
رويترز

حيا البابا بنديكتوس السادس عشر السبت (15 سبتمبر/أيلول 2012)، في اليوم الثاني من زيارته الى لبنان، "شجاعة الشباب السوري"، مبديا تعاطفه مع احزان السوريين، وذلك بعد ان كان جدد دعوته الى التسامح والتعايش والحرية الدينية وعدم الانجرار الى الاحقاد.
وقال البابا مساء السبت امام اكثر من 15 الف شاب وشابة تتراوح اعمارهم بين 17 و30 عاما تجمعوا في باحات مقر البطريركية المارونية في بكركي شمال بيروت "علمت ان بينكم شبابا قدموا من سوريا. اريد ان اقول لهم كم انا معجب بشجاعتهم".
وتابع متوجها الى السوريين "قولوا لعائلاتكم واصدقائكم ان البابا لا ينساكم. قولوا ان البابا حزين بسبب آلامكم واحزانكم. انه لا ينسى سوريا في صلواته واهتماماته. لا ينسى الشرق اوسطيون الذين يعانون".
واعتبر البابا ان "الوقت حان لكي يتحد المسيحيون والمسلمون من اجل وضع حد للعنف والحروب".
ويأتي هذا الكلام في وقت دخلت فيه الازمة السورية شهرها التاسع عشر، وقد بدأت بانتفاضة شعبية سلمية ضد نظام الرئيس بشار الاسد وما لبثت ان تحولت الى نزاع دام حصد حياة اكثر من 27 الف شخص.
وكان البابا قال الجمعة للصحافيين الذين رافقوه على متن الطائرة التي اقلته الى بيروت ان "الربيع العربي امر ايجابي (...) وكان موضع ترحيب تحديدا من قبلنا كمسيحيين"، وذلك في اول تعليق له منذ بدء الانتفاضات الشعبية في العالم العربي التي اثارت مخاوف لدى الاقليات المسيحية في المنطقة من تصاعد نفوذ الاسلاميين.
الا ان البابا حذر من ان "صرخة الحرية بمثل هذه الاهمية والايجابية تواجه مخاطر ان تغفل شقا جوهريا من الحرية وهو التسامح مع الاخر".
ودعا البابا شباب لبنان الى عدم الهجرة، مؤكدا انه يدرك الصعوبات التي يعانون منها من "نقص الاستقرار والامن وصعوبات الحصول على عمل والشعور بالوحدة او التهميش".
وطلب منهم ان لا تدفعهم هذه الصعوبات الى "تذوق مرارة الهجرة مع مغادرة الارض والانفصال نحو مستقبل غير واضح المعالم. بالنسبة اليكم يجب ان تكونوا صانعي المستقبل في بلدكم وان تقوموا بدوركم في المجتمع والكنيسة".
وكان البابا دعا في وقت سابق من مقر الرئاسة اللبنانية في بعبدا شرق بيروت حيث التقى المسؤولين الرسميين والدينيين، المسؤولين الى صنع السلام.
وقال "ايها السياسيون والدبلوماسيون ورجالات الدين، ويا رجال ونساء عالم الثقافة، أدعوكم (...) ان تشهدوا بشجاعة... وبالرغم من العراقيل المحيطة بكم، ان الله يريد السلام".
واشار الى ان "الواجب الأول لفتح مستقبل سلام للأجيال القادمة، هو التربية على السلام لبناء ثقافة سلام" التي تحتم "حظر كل عنف شفوي أو جسدي".
وتابع "يقتضي ان نقول لا للثأر، أن نعترف بأخطائنا، ونقبل الاعذار بدون التماسها، وأخيرا أن نغفر. لأن وحدها المغفرة الممنوحة والمقبولة تضع الأساسات الدائمة للمصالحة وللسلام للجميع".
وشدد على اهمية "الحرية الدينية"، "الحق الأساسي الذي تركن اليه الحقوق العديدة الاخرى. المجاهرة بالديانة وعيشها بحرية بدون أن يعرض الشخص حياته وحريته للخطر يجب أن يكون ممكنا للجميع".
وجاء هذا الكلام في وقت تسود اضطرابات في المنطقة احتجاجا على فيلم مسيء للاسلام انتج في الولايات المتحدة.
والقى رئيس الجمهورية ميشال سليمان كلمة ترحيبية بالبابا قال فيها ان "لبنان يتمنى للشعوب العربية الشقيقة وللشعب السوري بالذات ما تريده لنفسها من اصلاح وحرية وديموقراطية"، معتبرا ان من ابرز مستلزمات هذه الديموقراطية "اشراك المكونات البشرية والحضارية المتنوعة للعالم العربي، ومن بينها المكون المسيحي المتجذر في هذا الشرق (...) في الحياة السياسية وفي ادارة الشأن العام، بصرف النظر عن النسب العددية".
وكان البابا وصل الى القصر الجمهوري في سيارته "بابا موبيلي" الزجاجية، واستقبله الاف الاشخاص الذين احتشدوا على مسافة خمسة كيلومترات تقريبا تحت الشمس. وشارك في الاستقبال الذي واكبته تدابير امنية مشددة، لبنانيون من طوائف اسلامية مختلفة.
وحمل المحتشدون الاعلام اللبنانية والفاتيكانية، ولفت التزام الجميع بالتعليمات الكنسية التي اعطيت ومنعت رفع الاعلام الحزبية، وذلك تجنبا لتوترات في بلد ذي تركيبة سياسية وامنية هشة.
وسارت فرقة من الخيالة على رأس موكب البابا، فيما استقبلته في باحة القصر فرق "الدبكة"، الرقصة اللبنانية التقليدية، واطلقت طيور من الحمام.
والتقى البابا في بعبدا رؤساء الطوائف الاسلامية. وسلمه مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني مذكرة جاء فيها "آلمنا ما تعرض له بعض المسيحيين في بعض بلدان الشرق من اعتداءات على ارواحهم ومقدساتهم، ورفعنا الصوت عاليا ضد كل هذه الاعمال المدانة والمرفوضة شكلا ومضمونا، وهي لا تسيء فقط الى تاريخنا المشترك في العيش معا، بل تتناقض مع قيمنا في الاسلام".
وكان البابا وقع الجمعة في اليوم الاول من زيارته "الارشاد الرسولي" الذي يعتبر نتيجة اعمال السينودس من اجل الشرق الاوسط الذي عقد في الفاتيكان في تشرين الاول/اكتوبر 2010، ودعا فيه المسيحيين الى التجذر في ارضهم، وابناء المنطقة الى "استئصال الاصولية الدينية".
وتناول البابا الغداء مع البطاركة والاساقفة واعضاء الجمعية الخاصة لمجمع الاساقفة من اجل الشرق الاوسط، في مقر بطريركية الارمن الكاثوليك في بزمار (حوالى 25 كلم شمال بيروت).
ومساء السبت، كان اللقاء الحاشد مع الشبيبة الذين صفقوا له وهتفوا لساعات، ونادوا باسمه "بنديكتوس، بنديكتوس"، ثم بالعربية "مبارك، مبارك".
وعلى المنصة المستحدثة على شكل شراع ابيض تحيط بها ثلاث اشجار زيتون، توالت الفرق الموسيقية والجوقات تنشد التراتيل. وسادت اجواء فرح ورقص.
وختمت الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي الحفل بترتيلة "طوبى للساعين الى السلام، فانهم ابناء الله يدعون!".
ويتوج البابا صباح الاحد زيارته بقداس عند الواجهة البحرية لبيروت يتوقع ان يشارك فيه عشرات الاف من المسيحيين، قبل ان يعقد بعد الظهر اجتماعا مسكونيا مع رؤساء الطوائف المسيحية غير الكاثوليكية.
ثم يغادر بعد الظهر عائدا الى روما ويقام له وداع رسمي في المطار.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً