العدد 3675 - الجمعة 28 سبتمبر 2012م الموافق 12 ذي القعدة 1433هـ

بدء محاكمة كبير خدم البابا في حدث غير مسبوق في تاريخ الفاتيكان

بدأت اليوم السبت (29 سبتمبر/ أيلول 2012م) في الفاتيكان محاكمة كبير الخدم السابق للبابا بتهمة تسريب عشرات الوثائق السرية الى وسائل الاعلام في فضيحة باتت تعرف باسم "فاتيليكس" واخرجت الى العلن التوترات التي تحكم العلاقات بين اعلى مسؤولي الكنيسة الكاثوليكية.
واعلن الكرسي الرسولي في بيان اليوم السبت ان باولو غابرييلي (46 عاما) يمثل في قاعة المحكمة امام ثلاثة قضاة علمانيين.

اما خبير المعلوماتية كلاوديو شاربيليتي الذي يحاكم معه بتهمة التواطؤ، فيمثله محاميه.
وفي حدث غير مسبوق في التاريخ الحديث لحاضرة الفاتيكان، التي اشتهرت بتكتمها الشديد في كل ما يتعلق بشؤونها الداخلية، فان هذه المحاكمة علنية وقد سمح لمجموعة مختارة من الصحافيين بتغطية وقائعها كاملة.

وهؤلاء الصحافيون المنتقون وعددهم ثمانية فقط سيحضرون كل الجلسات ولكن لن يسمح لهم بنشر المداولات الا بعد انتهائها.
وتجري المحاكمة في مبنى المحكمة الواقع خلف كاتدرائية القديس بطرس ولكن وخلافا للاف السياح الذين يتواجدون كل يوم في ساحة الكاتدرائية الواقعة على بعد خطوات من قاعة المحكمة، لن يسمح لاي من الحاضرين داخل المحكمة، بمن فيهم الصحافيون، ادخال اجهزة تصوير او تسجيل.
وغابرييلي، العلماني والاب لثلاثة اولاد واحد مواطني دولة الفاتيكان القليلين، يواجه عقوبة السجن لفترة تصل الى اربع سنوات في حال تمت ادانته.
وهو كان موظفا مثاليا وخادما امينا للبابا بنديكتوس السادس عشر.

وكان اول وآخر من يراه يوميا حيث كان مكلفا بتحضير ثياب الاحتفالات وتقديم طعامه.

وفي الصور الرسمية دائما ما يظهر غابرييلي قرب البابا، بما في ذلك داخل ال"باباموبيلي"، السيارة الزجاجية التي يتنقل فيها البابا خلال زياراته.
وهو متهم بانه وعلى مدى اشهر عدة سرق ونسخ عشرات الوثائق السرية التابعة للبابا ومعاونيه.

وقد سرب هذه الوثائق بعدها الى الصحافي جيانلويجي نوتزي الذي نشرها في كتاب بعنوان "قداسته" وفضح فيها التنافس الشديد الذي يصل في كثير من الاحيان الى درجة العداء بين كبار المسؤولين في اصغر دولة في العالم.
واتهم غابرييلي بانه سرق من على مكتب المونسنيور جورج غانشفاين السكرتير الخاص للبابا رسائل عدة بالغة السرية بعضها موجه الى يوزف راتزنغر البابا الحالي وانه نسخها وسربها خارج الفاتيكان.
وقد وضع غابرييلي الذي اوقف في 23 ايار/مايو، في الاقامة الجبرية في منزله بالفاتيكان في 21 تموز/يوليو بعد اعتقاله 53 يوما في زنزانة في قصر المحكمة وراء كنيسة القديس بطرس.
واعترف كبير الخدم بالتهم المنسوبة اليه.

واوضح اثناء استجوابه انه قام بما قام به "بوحي من الروح القدس" وبهدف كشف "الشر والفساد" داخل اروقة الفاتيكان ولانه رأى ان البابا لم يكن على علم بكل الفضائح.
واثناء مقابلة اجرتها معه القناة السابعة الخاصة في شباط/فبراير قبل كشف هويته، قال ان هناك في الفاتيكان "ارادة في طمر الحقيقة ليس عن طريق التنافس على السلطة بل ربما بسبب الخوف".
واعتبر في هذا الحديث ان حوالى عشرين شخصا "في الاجهزة المختلفة" للفاتيكان قد يكونون متورطين في فضيحة فاتيليكس.
واكد التحقيق انه كان لغابرييلي شركاء لم تكشف اسماؤهم.

وكان كبير خدم البابا يكشف اسراره لاب روحي اشير اليه بحرف "ب".
وصرح ماركو توساتي الخبير في شؤون الفاتيكان لفرانس برس ان "غابرييلي اقر منذ الان بذنبه. بالتالي اعتقد انه ستتم ادانته. لكن لا احد يعلم بعد طبيعة العقوبة. ولا احد يعلم ايضا ما اذا سيصفح عنه البابا وهذا احتمال وارد".
واضاف ان "هذه المحاكمة تبدأ بسرعة. وهذا دليل على ان البابا يرغب كما الرجل الثاني في الفاتيكان الكاردينال تارتشيتسيو بيرتوني (وزير خارجية دولة الفاتيكان) في تسوية هذه القضية في اسرع وقت ممكن".
وقال هذا الصحافي المعروف الذي يعمل لحساب صحيفة لا ستامبا ان "القضاة اشاروا الى جنح اخرى محتملة وبالتالي يتوقع فتح تحقيقات جديدة وتورط اشخاص جدد".

واضاف انه يمكن في مرحلة لاحقة رفع الملف الى القضاء الايطالي.
وتنشر الصحافة الايطالية معلومات عن تورط شخصيات اخرى في الكنيسة الكاثوليكية، منذ نشر في ايار/مايو الصحافي جان لويجي نوتسي كتابا بعنوان "قداسته" كشف فيه الوثائق السرية.
واجرى ثلاثة كرادلة سابقون تحقيقاتهم الخاصة وسلموا في نهاية تموز/يوليو تقريرهم الى البابا لكن لم يرشح اي شيء عن مضمونه.
ويرى المشككون في محاكمة كبير خدم البابا، طريقة لطمر القضية من خلال محاكمة رجل مذنب على الارجح تم استغلاله.
ويرى آخرون ان هذه المحاكمة ليست سوى بداية عملية لاعتماد شفافية حقيقية اعطى البابا الضوء الاخضر لاطلاقها.
وفي جميع الاحوال ستكون شفافية المحاكمة تحت المجهر في خطوة يتحمل الفاتيكان مسؤوليتها.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً