العدد 3686 - الثلثاء 09 أكتوبر 2012م الموافق 23 ذي القعدة 1433هـ

أردوغان و«الفزعة الإخوانية»

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يظهر رئيس الوزراء التركي ورئيس حزب العدالة والتنمية الذي يملك غالبية مقاعد البرلمان رجب طيب أردوغان (26 فبراير/شباط 1954) هذه الأيام وكأنه أبرز مسئول في العالم الإسلامي، يخطو نحو النجومية على أفق الانتهاز والتصغير.

أردوغان الذي نشأ في أسرةٍ فقيرةٍ، كان كثيراً ما يشير إلى فقر طفولته «لم يكن أمامي غير بيع البطيخ والسميط في مرحلتي الابتدائية والإعدادية، كي أستطيع معاونة والدي، وتوفير قسم من مصروفات تعليمي، فقد كان والدي فقيراً». وأكمل تعليمه في مدارس دينية، وتخرّج من جامعة مرمرة من كلية الاقتصاد والأعمال. بدأ نشاطه السياسي عندما انضم إلى حزب الخلاص الوطني بقيادة نجم الدين أربكان في نهاية السبعينيات، وبعد عودة الحياة الحزبية في تركيا العام 1983، وعاد نشاط أردوغان من خلال حزب الرفاه، الأمر الذي هيأ له الفوز بمنصب عمدة إسطنبول في انتخابات 1994.

في العام 1998 اتُهم أردوغان بالتحريض على الكراهية الدينية وأودع في السجن لإلقائه خطاباً حماسياً. وعند خروجه من السجن أسس حزب العدالة والتنمية ورشّح ممثلاً عن الحزب بعد اكتساحه للانتخابات لتشكيل الحكومة التركية في مارس/آذار 2003.

إن فوز أردوغان كان علامةً بارزةً في التاريخ التركي، فبعد سيطرة النظام العلماني طيلة ثمانين عاماً، ظهر حزب إسلامي بديل، التفت حوله الطبقات الوسطى الشعبية، نظراً إلى ترهل النظام السابق بالفساد والرشوة، وأصبح خارج الرضا الشعبي لأنه لا يمثل سوى النخبة المتخمة.

ما ميّز سيرة أردوغان في سياسته الخارجية وأصبح مثار إعجاب للشعوب الإسلامية، موقفه من حرب غزة 2009، إذ قام بجولة في الشرق الأوسط من أجل القضية، وكانت تصريحاته التي جاءت على غرار «إني متعاطف مع أهل غزة»، تسبب قلقاً لـ «إسرائيل». كذلك ما حدث في مؤتمر دافوس، إذ جاء رده على الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز مزلزلاً، إذ قال له «إن الجيش الإسرائيلي يقتل الأطفال في شواطئ غزة، ورؤساء وزرائكم قالوا لي إنهم يكونون سعداء جداً عندما يدخلون غزة على متن دبابتهم». وأكسبه انسحابه من المؤتمر احتجاجاً على عدم مساواته مع الرئيس الإسرائيلي في الحديث شعبيةً كبيرةً، جعلت الآلاف من الأتراك يحتشدون لاستقباله ليلاً، حاملين لافتات كتب عليها «أهلاً وسهلاً بزعيم العالم». وعلّقت حماس على الحادث بالقول «على الحكام العرب أن يقتدوا به». وجاء فوزه بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام ليصبح الرجل الذي يُشار إليه بالزعيم الإسلامي.

لا أحد ينكر أنه مشى خطوةً في الاتجاه الصحيح، وقدّم نفسه للعالم الأوروبي على أنه زعيمٌ للتيار الإسلامي الديمقراطي، مختلفاً عن تيار أربكان والأصولية التقليدية، وبهذا استقطب احترام الجميع. لكنه مع اندلاع الأزمة السورية، تحوّل بين عشيةٍ وضحاها إلى حامل اللواء العثماني، مذكّراً العالم بالتوسع العثماني وأيام السلطنة، عارضاً نفسه خير من يتزعم العالم الإسلامي. ففي الخطاب الذي وجّهه أمام أعضاء حزبه (العدالة والتنمية) بالمؤتمر العام والذي أقيم قبل أيام في أستاد رياضي بالعاصمة أنقرة وحضره الآلاف، صرح بأن «التاريخ لن يغفر للذين يقفون بجانب الطغاة». وفي هذا على حد قوله يكون «الموقف تخطى حدود بلادنا وأصبح نموذجاً لكل الدول الإسلامية».

لم يخفَ على أحد حضور زعماء الإخوان في العالم الإسلامي للمؤتمر، وعلى رأسهم الرئيس المصري محمد مرسي، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية خالد مشعل، الذي وصف الزعيم التركي بقوله «لم يعد زعيماً في تركيا فحسب، بل أصبح زعيماً في العالم الإسلامي أيضاً» .

إن الركوب على المنحى في التأجيج الطائفي لأخذ الزعامة والمبادرة باجترار التاريخ لنيل الصبغة من فترة تعتبر أسوأ فترات التاريخ الإسلامي، لهو لعبٌ بالنار ودفعٌ بالأمة إلى التهلكة، فليس من شيم الكبار البحث عن القيادة من أسوأ الأبواب.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3686 - الثلثاء 09 أكتوبر 2012م الموافق 23 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 8:31 ص

      المشكلة في تأييده للثورة السورية

      المقال كله يقول أردوغان زعيم عظيم.. بس لو مشى مع إيران في موضوع الثورة السورية كان أحسن وأصدق..
      وطلع أردوغان طائفي.. لكن إيران مثلا دولة مواطنة ديمقراطية..
      كل هذا لأنه ذكر الدولة العثمانية.. وناصر الثورة السورية.. من حقه تمجيد تاريخه.. هنالك أخطاء كبيرة في الدولة العثمانية.. وهنالك أمجاد..
      واجبه مناصرة الثورة السورية.. هنالك طاغية يسفك الدم سيول جارفة..
      لكن عين الكاتب المؤدلجة لم تبرر نقدها لأردوغان بغير الآيدلوجيا

    • زائر 4 | 2:59 ص

      هذه مشكلة اردوغان

      آخر تصريحاته: الشعب السوري أمانة اجدادنا. والقائل هو طيب اردوغان الذي يتضور نفسه سلطان عثماني جديد ارسله لله لعودة الخلافة العثمانية. هذه هي المشكلة.

    • زائر 3 | 2:38 ص

      ماهي مشكلتك؟

      و لو حكم الإسلاميون هذه الدول جميعا، فما هي المشكله؟ ألا تؤيدون جمهوريه إيران "الإسلاميه" وتتبعونها عميانيا؟

    • زائر 2 | 2:30 ص

      ماذا لو ؟

      «التاريخ لن يغفر للذين يقفون بجانب الطغاة» ، ماذا لو قال تلك الجملة خامنائي أو نجاد وهو يتكلم عن البحرين، هل ستكتبين مقال تنتقدين فيه كلمته وجماعته ؟؟؟

    • زائر 5 زائر 2 | 7:43 ص

      من فمك ادينك

      جنت على نفسها براقش. هذه عليك لا لك. من فمك ادينك

    • زائر 1 | 12:45 ص

      التنظيم الاخواني العالمي

      الحس الموجود لدى الاخوان هو حس كيف نعيد الخلافة الاسلاميه بقيادة اخوانية
      فهم يحكمون في تونس ويتملقون في المغرب ويجهزون في الجزائر ليبيا لهم كما مصر لايضهرون اسم الاخوان علنا في سوريا بل يتبطحون خلف المعارضه ويمثلهم اعلاميا السيد اردوغان ليكون الرجل المنقذ في نهاية المطاف . ويؤسس دولة الاخوان الاسلامية

اقرأ ايضاً