العدد 3690 - السبت 13 أكتوبر 2012م الموافق 27 ذي القعدة 1433هـ

«صحافة المواطن» جزء من تطور الحضارة الإنسانية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

عبّر بيان المجموعة العربية لرصد الإعلام قبل ثلاث سنوات في بيروت عن قلقه من الوضع الذي يعيشه الإعلام العربي في ظل استمرار سياسات القيود التشريعية والقضائية والأمنية أمام الصحافيين والمؤسسات الإعلامية بالمنطقة العربية. ورغم القلق الذي عبّر عنه بيان المجموعة العربية إلا أن هذا القلق استمر حتى وقتنا الراهن مع المتغيرات التي شهدتها الساحة العربية مع ثورات واحتجاجات الربيع العربي من الخليج إلى المحيط.

ولوحظ في الآونة الأخيرة أن الأوضاع السياسية وقمع الحريات باستمرار، أدى إلى إعاقة عمل وسائل الإعلام بالمنطقة العربية لدورها المهني ولمهامها كمؤسسات من المفترض أن تلعب دور الوساطة بين الحكام والمحكومين، وصولاً إلى أشكال الضغوط القانونية والقضائية والأمنية، وإلى السياسة المتكررة في أغلب البلدان العربية.

إن ما طرحته المجموعة العربية في بيانها قبل سنوات ليس بجديد، لكن الجديد يكمن في تعريف من هو الإعلامي، أي أن الفضاء الإلكتروني خلق نوعاً آخر من الإعلاميين، وهو ما يُطلق عليه «صحافة المواطن».

إن التطور الحاصل في عالم الاتصالات أصبح اليوم جزءًا لا يتجزأ من عملية نقل الخبر الصحافي، وأيّة محاولة من قبل الجهات الرسمية في بلداننا العربية لإبعاد التكنولوجيا وتقنينها عبر سن قوانين تحد التواصل والتفاعل ليس منطقياً وليس عملياً، لأن عجلة الإعلام متجددة، وهي تتفاعل مع الأحداث، وفي طرق نقل الحدث والمعلومة، إذ اندمج منتج المعلومة مع مستهلكها، وغدت الصحافة التقليدية مجرد واحدةٍ من خيارات عدة لتشكيل الرأي العام والتأثير عليه.

المواطن العادي يتمكن حالياً من نقل الحدث بتفاصيله عبر استخدام هاتفه النقال وإيصاله إلى القنوات الفضائية، وهو ما يعني أن كل شخص في وقتنا الحالي يمكنه أن ينقل الحدث إلى أوسع نطاق مادام بيده هاتف نقال ومتصلاً بشبكة الإنترنت، وإذا كان هذا الشخص لديه وجهات نظر ومحتوى فكري، فإن بإمكانه أيضاً أن يؤثر على الآخرين لأنه يعيش في عصر انتهت فيه الأمية في الكتابة والقراءة، وانتهت فيه الأمية في استخدامات تقنية المعلومات.

لننظر ما يحدث يومياً في الشوارع العربية بدءًا من احتجاجات المصريين أمس الأول على أحكام «موقعة الجمل» الشهيرة التي قُتل فيها متظاهرون كثر، وصولاً إلى كارثة تسونامي في العام 2004 التي أوضحت أن الكثير من التقارير والصور التي التقطت وتناقلتها وسائل الإعلام جاءت من قبل أشخاص عاديين كانوا في مواقع الحدث، وليسوا صحافيين بالمعنى التقليدي.

إن هذا العصر ووسائله يمهد الطريق لظاهرة جديدة في الصحافة والإعلام، إذ إن كلّ مواطن يمكنه أن يتحوّل إلى مشروع صحيفة وإذاعة وتلفاز، يبث ما لديه إلى أية جهة ترغب في الحصول على ما لديه. وبالتالي فإن صحافة المواطن Citizen Journalism تفرض نفسها على الواقع في مختلف المجتمعات، وينبغي لأي بلد يود اللحاق بركب العصر أن يندمج في هذا المجال بدلاً من محاولات قمعه أو محاربته.

والتجارب العملية تدل على أن كل بلد لن يستطيع النهوض إذا حاول إبعاد نفسه عن الحضارة «المدعومة إلكترونياً في الوقت الحاضر»، وعليه، فإن كبت المعلومات وحجب المواقع الإلكترونية التي تقوم بها بعض الحكومات في منطقتنا ما هي إلا عقبات مؤقتة، لأن حركة العصر لا يمكن تعطيلها بمثل هذه القرارات.

لذا من الضروري أن ينفتح المسئولون في الجهات المعنية على تطورات الإعلام الجديد، الذي بدأ يؤثر على كبريات المؤسسات الإعلامية التي تتسابق حالياً على التفاعل مع صحافة المواطن، كما أن من المفترض أن نكون مساهمين في تطوير هذه التكنولوجيا لننتقل إلى مستوى الدول المتطورة، فنحن حتى الآن نسعى إلى اللحاق بما ينتجه الآخرون من تقنيات، والبعض منا يحارب هذه التقنيات بل ويسعى إلى حجبها.

وعربياً، لماذا لا نكون جزءًا من تطور الحضارة الإنسانية في الانفتاح وتقبل الرأي الآخر، ضمن سياق وإطار احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان؟

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3690 - السبت 13 أكتوبر 2012م الموافق 27 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً