العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ

ليبيا الجديدة عرفت الحرية لكن تركز على اعادة الامن والقضاء

خطت ليبيا الجديدة خطوة كبيرة في اتجاه الديموقراطية بتنظيمها اولى انتخاباتها الحرة، غير ان عجز السلطات عن اعادة فرض الامن في مواجهة تصاعد التطرف وانتشار الاسلحة والميليشيات يؤخر بناء مؤسسات الدولة.
ومنذ سقوط نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في تشرين الاول/اكتوبر 2011 باتت السلطات الجديدة تتخبط في معالجة نزاعات قبلية ومطالب اجتماعية او اقليمية.
وفيما شهد العنف تجددا باستمرار، لم تتسن لها اي فرصة لبدء العمل على اعادة اعمار البلاد بعد نزاع استمر ثمانية اشهر.
لكن ما ينقصها ليس الامكانات لا سيما مع الاستئناف السريع لانتاج النفط الذي بلغ تقريبا المستوى الذي كان عليه قبل نزاع 2011، واصبحت هذه الدولة النفطية الغنية تملك في 2012 موازنة بقيمة 56 مليار دولار، هي الاعلى في تاريخها.
لكن معمر القذافي ترك خلفه ارثا ثقيلا: بلد محروم من مؤسسات وجيش مهمش واتباعه متهمون بالعمل على عرقلة العملية الديموقراطية في ليبيا.
وبحسب مصدر في اجهزة الامن فان "احتياطات" اتخذت لمنع اي محاولة هجوم من قبل الموالين للقذافي لاحياء الذكرى الاولى لرحيل "القائد" السابق السبت.
ومن غير المرتقب تنظيم اي حفل بهذه المناسبة من قبل طرابلس التي ستحتفل في المقابل بذكرى اعلان "تحرير البلاد" في 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011 بعد ثلاثة ايام على مقتل القذافي في 20 تشرين الاول/اكتوبر في مسقط رأسه سرت.
وتاتي هذه الذكرى فيما يحضر رئيس الوزراء الجديد علي زيدان تشكيلة الحكومة التي سيعرضها خلال اسبوعين على المؤتمر الوطني العام، اعلى هيئة سياسية في البلاد منبثقة عن انتخابات 7 تموز/يوليو، من اجل الموافقة عليها.
وزيدان الذي انتخب الاحد يخلف عبد الرحيم الكيب الذي قادت حكومته فترة انتقالية ونظمت اول انتخابات حرة في البلاد في ظرف صعب.
وكانت المجموعة الدولية رحبت انذاك بمرحلة مهمة في تاريخ ليبيا اتاحت لليبيين ان يعرفوا الديموقراطية وحرية التعبير بعد عقود من الطغيان مع التفكير في الوقت نفسه بالامن وسطوة القانون.
واعتبر المحلل الليبي ناصر الدعيسي ان "ليبيا نجحت في اول اختبار للديموقراطية عبر انتخاب جمعية وطنية بعد اكثر من 42 عاما من الاستبداد" مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة حصول توافق وطني من اجل انشاء مؤسسات وتاسيس جيش وصياغة دستور.
وقال محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني العام امام ضباط في الجيش الاثنين ان "جيشا محترفا قويا هو حيوي لضمان امن وسلطة الدولة".
وفشلت الحكومة المنتهية ولايتها في اعادة تفعيل الاجهزة الامنية وضم اليها الثوار السابقين الذين اصبحوا يشكلون معضلة بالنسبة للسلطات.
من جانب اخر، فان الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي (شرق) في 11 ايلول/سبتمبر الذي قتل فيه السفير الاميركي وثلاثة عناصر اميركيين اظهر تصاعد قوة مجموعات اسلامية متطرفة تعمل بكل حرية خصوصا في شرق البلاد.
ووجهت اصابع الاتهام الى هؤلاء المتطرفين في الهجوم على القنصلية لكن ايضا في اغتيال ضباط في بنغازي واعتداءات ضد مصالح غربيين.
وعلى الحكومة الجديدة ايضا ان تعمل على اعادة تفعيل السلطة القضائية على خلفية انتقادات منظمات دولية مدافعة عن حقوق الانسان تندد بحصول اعمال تعذيب واعتقالات تعسفية يقوم بها ثوار سابقون يفلتون من العقاب.
وكانت هذه الانتقادات بدأت تظهر بعد مقتل القذافي وابنه المعتصم، اثر اعتقالهما وهما على قيد الحياة بحسب عدة شهادات.
واعلنت السلطات الليبية انذاك عن فتح تحقيق لم تنشر نتائجه ابدا.
ويشكل اعتقال سيف الاسلام القذافي من قبل كتيبة الزنتان (غرب) منذ توقيفه في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 مصدر قلق ايضا للمجموعة الدولية. وتصر طرابلس على محاكمته رغم صدور مذكرة توقيف بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية.
وقدرة طرابلس على ضمان محاكمة عادلة لسيف الاسلام القذافي ورموز اخرى في النظام السابق مثل عبد الله السنوسي رئيس الاستخبارات السابق ورئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي، موضع شك من قبل عدة ناشطين في مجال حقوق الانسان.
وعلى السلطات الجديدة ايضا ان تعمل على ملف المصالحة الوطنية في وقت تهدد فيه النزاعات القبلية باغراق البلاد في حرب اهلية وابعادها عن مهمتها الاساسية وهي صياغة دستور يدير الانتخابات المقبلة المرتقبة خلال سنة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً