العدد 3694 - الأربعاء 17 أكتوبر 2012م الموافق 01 ذي الحجة 1433هـ

الاضطراب لا يعني موت الربيع العربي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

Common Ground

منذر بن حميدة - وفاء بن حسين - محمد مالوشي 

سمع معظم الناس الذين يملكون سبل الوصول إلى الأخبار، أن العالم العربي ينخرط في اضطرابات عميقة مرةً أخرى.

لاشك أن الأحداث التي وقعت يوم 14 سبتمبر/ أيلول، عندما هاجمت جموع من المتظاهرين السفارات الأميركية في تونس والقاهرة والخرطوم وصنعاء، عملت على إفشال رياح الديمقراطية التحوليّة التي تعصف بالمنطقة. كما لطّخ الفقدان المأساوي لدبلوماسيّ أميركي مميّز وثلاثة من أعضاء سفارته في بنغازي، المدينة التي أصبحت رمزاً للتوجه الجديد للسياسة الأميركية الخارجية في العالم العربي، لطخت صورة الربيع العربي الناشئ.

بعد ذلك هاجمت مجموعة من المتطرفين المدرسة الأميركية في تونس. أضرّت هذه الهجمات كثيراً بصورة تونس والاحتمالات الاقتصادية، بعد أن كانت تتمتع بقدر كبير من التعاطف والدعم، في الولايات المتحدة وكل أنحاء العالم.

لقد كان من المثبط للهمم بشكل خاص مشاهدة عدد من السياسيين الأميركيين وخبراء السياسة يسرعون لكتابة مرثاة الربيع العربي. يدسّ حوارهم في الأذهان أن الأمر لم يحتج إلا إلى عشرين شهراً لكي ينتقل الحلم من المهد إلى اللحد، وفي الدولة نفسها، وهو أمر يدعو إلى السخرية.

الواقع أكثر تعقيداً بالطبع. تتعرض دول الربيع العربي لتحوّل سياسي ومجتمعي هناك حاجة شديدة له، ولكن الربيع العربي مازال حياً يرزق.

المَشاهِد الفوضوية التي جرى بثها على شبكات التلفزة الأميركية خلال الأسبوعين الماضيين لا يمكن أن تكون أكثر تضليلاً.

بفضل القيادة الأخلاقية القوية والدعم الفعلي للرئيس أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون، ولو جزئياً، وبدليل دعمهم المبكّر للحكومة التونسية المؤقتة السنة الماضية، تخوض منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عملية تحوّل لا يمكن عكسها نحو ديمقراطية نشطة. ونحن كمجموعة من التونسيين الأميركيين من خلفيات مهنية مختلفة، نتشارك بهدفين أساسيين: ضمان تحوّل ديمقراطي ناجح في بلدنا الأصلي ورؤية القيم والمبادئ الديمقراطية، مثل حرية الكلام ودعم حقوق الإنسان، تزدهر في تونس.

نبقى مقتنعين أن تونس بالذات تملك المقومات الضرورية للنجاح: مؤسسات قوية وطبقة وسطى واسعة ونخبة فكرية نشطة ووضع متقدم للمرأة وقرب جغرافي وثقافي لأوروبا. ترعى هذه المكونات العطش للديمقراطية، وليست هناك اليوم عودة إلى مؤسسات الهيمنة، دكتاتوريّة أكانت أم سلطويّة دينية.

تُعلّمنا نظرية الأنظمة أن المرحلة الأولى من التحول تكون عادة هي الأكثر ألماً وهشاشة وحسماً، حيث إن العديد من القوى المتناحرة، تتنافس أحياناً وتتزاحم من أجل السيطرة، وتجربة تونس ليست مختلفة. يجب ألا نتوقع أن دولة كانت فيها حرية الكلام معدومة والمجتمع المدني مكبّل والفساد مستشرٍ، أن تصبح فجأةً نموذجاً كاملاً للديمقراطية. شهدت صورة الولايات المتحدة، من خلال مناصرتها للشباب التونسي ضد النظام الذي رأسه حليفها زين العابدين بن علي لفترة طويلة، شهدت تحسناً تاريخياً.

تابع العرب هذا التحوّل في السياسة، الذي ساهم كذلك في طرد الرئيس حسني مبارك من مصر وأدّى إلى الإطاحة بالرئيس معمر القذافي في ليبيا، بخليطٍ من الشكوكية والاعتراف بالجميل وبالطبع، الشك. والخاسر الأكبر وسط هذه الأحداث التاريخية كان تنظيم القاعدة وأتباعه على اختلافهم، حيث إن هذه السياسة الأميركية الجديدة بدعم التطلعات الديمقراطية للشباب العربي، أفشلت وبشكل كبير جهود القاعدة في تجنيد الشباب.

إلا أنه وعلى رغم جميع هذه التحديات، تعتبر هذه التجربة الجديدة تستحق تعب الشعب التونسي والعالم العربي، وكذلك بالنسبة لاستقرار الاقتصادات الغربية. لقد بدأت الديمقراطية التونسية تعمل، وعقدت انتخابات حرة ونزيهة للمرة الأولى في أكتوبر/ تشرين الأول 2011. ويجري اليوم بحث مواضيع، كانت تجابَه بالاعتقال والتعذيب لو فتحت علناً قبل سنتين، على محطات التلفزة.

لأجل ملايين الناس الذين يستحقون الديمقراطية ويحتاجونها، ولأجل مُثُل أميركا ومصالحها الجغرافية الاستراتيجية، يتوجّب على الأميركيين أن يكونوا صامدين في دعمهم لتونس. يجب ألا ندع العنف اللامعقول والأحمق من قبل قلّة من الناس أن يعرض عملية تاريخية للخطر. سيخبرنا التاريخ أن جهودنا اليوم ستترجَم على شكل أفضل استثمار قمنا به.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3694 - الأربعاء 17 أكتوبر 2012م الموافق 01 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً