العدد 3700 - الثلثاء 23 أكتوبر 2012م الموافق 07 ذي الحجة 1433هـ

الثقافة العنصرية سبب للشقاء

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

يرتبط اسم صربيا بمذابح وحروب أهلية في البلقان، راح ضحيتها أعداد كبيرة من الناس، وتعود كثير من تلك المصائب إلى انتشار الثقافة العنصرية في تلك البلدان.

في منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2012 نقلت الأنباء؛ كيف حدثت مشكلة كبيرة بين مسئولي الاتحادين الإنجليزي والصربي لكرة القدم، وذلك بعد الواقعة العنصرية التي شهدتها مباراة المنتخبين تحت 21 عاماً في تصفيات كأس الأمم الأوروبية للشباب، التي تألق فيها لاعب المنتخب الإنجليزي الأسمر اللون داني روز، وتعرض لهتافات عنصرية تصفه بـ «القردة» بسبب بشرته السمراء، ما دفعه للتوجه إلى الجماهير بعد هدف فوز إنجلترا والاشتباك مع بعض لاعبي صربيا عقب نهاية المباراة.

بعد ذلك طلب الاتحاد الإنجليزي من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم اتخاذ موقف حازم تجاه صربيا بسبب هذه الواقعة العنصرية، لكن الاتحاد الصربي لكرة القدم ردّ ببيان اتهم فيه اللاعب بأنه سبب المشكلة. من جانبها أدانت الحكومة البريطانية الهجوم العنصري الذي تعرض له المنتخب الانجليزي، وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: «ذُهلت من المشاهد التي رأيناها في صربيا، من الواضح أن الاتحاد الأوروبي بات مطالباً بالتحقيق في هذه القضية، ونحن نتوقع عقوبات قاسية لأننا نريد القضاء على العنصرية داخل ملاعب كرة القدم، ونأمل ألا تكون العقوبة مجرد غرامات تبعث السخرية كما هو الحال في الآونة الأخيرة».

ولسخرية القدر؛ وفي الفترة نفسها بالضبط، كان زعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كاراديتش يُحاكم في لاهاي بارتكاب بعضٍ من أسوأ الفظائع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك أثناء التفكك العنيف لجمهورية يوغوسلافيا السابقة التي كانت تعيش فيها أعراق مختلفة بين العامين 1991 و1999، ما أسفر عن مقتل أكثر من مئة ألف شخص وتشريد الملايين. وقد اتهم ممثلون للادعاء في المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة كاراديتش بالمسئولية عن قصف العاصمة البوسنية أثناء حصار قوات صرب البوسنة لها من 1992 إلى 1996. ويتهم كاراديتش أيضاً بالمسئولية عن مذبحةٍ قتل فيها ثمانية آلاف من مسلمي البوسنة في سربرنيتشا العام 1995.

العنصري كاراديتش قال أمام المحكمة: «بدلاً من توجيه الاتهامات لي؛ كان يجب أن أنال مكافأةً على كل الأشياء الجيدة التي فعلتها. فعلت كل ما هو بوسع بشر لتفادي الحرب. ونجحت في تقليل معاناة كل المدنيين. أعلنت العديد من الهدنات من جانب واحد والاحتواء العسكري. وأوقفت جيشي في مرات عدة عندما كان على وشك الانتصار».

ويا ترى لو قارنا ما يقوله كارديتش وغيره من العنصريين مع ما تقوله بعض الجماعات التي تكره العيش مع الآخرين بمجرد الاختلاف معهم؛ سنرى أن جذور الثقافة العنصرية هي التي تعشش في رؤوسهم، وهؤلاء ليست لهم علاقةٌ بتاريخ البشرية الثقافي المتنوع والمتعدد. والأخطر أن هؤلاء العنصريين يحصلون على دعم من حكومات بعض الدول التي تسعى إلى حماية مصالح فئوية عبر الفرقة والتمييز سواءً في الدين أو المذهب أو العرق أو المنطقة. لكن بمراجعة ما حدث لمجتمعات عششت فيها العنصرية؛ نكتشف أن أزمات تلك البلدان تحوّلت إلى شقاء، لأن ثقافة العنصرية تعتمد على التمييز وترفض التعايش مع ثقافة ولغة ولهجة وتقاليد الآخرين.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3700 - الثلثاء 23 أكتوبر 2012م الموافق 07 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:25 ص

      وطن العنصرية

      احنا عايشين في قمة العنصرية واحنا السكان الأصلي للوطن

    • زائر 3 | 2:00 ص

      صحفية الربيع العربي

      انت صحفية الربيع العربي في البحرين.

    • زائر 2 | 1:59 ص

      العنصرية

      في البحرين العنصريين يفتكرون انهم في امن من العقاب. شكرا استاذة

اقرأ ايضاً