العدد 3708 - الأربعاء 31 أكتوبر 2012م الموافق 15 ذي الحجة 1433هـ

النهج الجديد لدبلوماسية مجلس التعاون... كتعبير عن القوة الناعمة الصاعدة (1)

محمد نعمان جلال comments [at] alwasatnews.com

سفير مصر الأسبق في الصين

إذ يتابع المرء كباحث حركة صعود القوى الناعمة لمجلس التعاون فإنه لا يمكن أن يخطئ في رصد بروز الدبلوماسية الخليجية كمحور ارتكاز لهذه القوى الناعمة من عدة مظاهر وتصرفات نسوق من بينها المظاهر التالية:

الأولى: استخدام عدد من أعضاء الدبلوماسية الخليجية للإعلام الجديد خصوصاً «التويتر»، والإقدام في طرح الآراء بقوة ووضوح دون تهيب لردود الفعل من القوى السياسية والمجتمعية المتنوعة في تصوراتها وانتماءاتها. وبرز في هذا الصدد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة الذي أصبح نجماً من نجوم التويتر، وموضع نقاش مجتمعي في تغريداته المتعددة والتي تتسم بالجرأة والحداثة ومتابعة التطورات والأحداث على الساحة الخليجية عامة والساحة البحرينية بوجه خاص. وهي لا تقتصر على السياسة الخارجية وقضاياها بل تتعدى ذلك لقضايا عديدة، في المجتمع البحريني. ومن هنا حظي بإعجاب وإشادة من عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين وصرحوا بذلك لما يتسم به من بُعد نظر وتطور مستمر في التعامل مع وسائل الإعلام الحديثة. كما نشرت صحيفة «الوسط» البحرينية بتاريخ 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2002 نقلاً عن أحد المراكز المتخصصة في قياس أنشطة الحسابات على موقع «تويتر» أنه يغرد بمعدل 8.8 يومياً، حيث يرد من خلالها على متابعيه ومن يحاوره ويعيد نشر بعض التغريدات المهمة.

وإنني أتساءل أين هذا النمط الفريد في الدبلوماسية الخليجية الجديدة من دبلوماسية وزراء خارجية في دول عربية مهمة كانوا يهابون الصحافة والإعلام والكتابة؟ إن النمط الجديد من رجال الدبلوماسية والمسئولين البحرينيين نجده أيضاً في تغريدات أخرى ذات دلالة منهم وزير العدل الشيخ خالد بن علي، ومستشار جلالة الملك نبيل الحمر، لكن هذه المجموعة الأخيرة ينطبق عليها القول كل يغرد على ليلاه، بمعنى أن كلاً من هؤلاء يرسل تغريدات في مجال عمله أو مجال اهتمامه لينقل رسالة واضحة للمجتمع كمعلومات أو آراء أو تصورات أو تعليقات على الأحداث الجارية في مملكة البحرين.

الثانية: استخدام الدبلوماسية المكوكية لحل الأزمات، وقد برز في هذا الصدد أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني، الذي وضعته الأقدار في بؤرة الأحداث الساخنة، حيث من أول لحظة لوصوله لمقر عمله في الرياض ذهب لليمن، وهي في قمة التوتر الموشك على الانفجار، وسعى لإطفاء ذلك الحريق المدمر، واستمر حتى وصل باليمن إلى ما يقرب من بر الأمان بالتوقيع على اتفاق المصالحة من قبل القوى اليمنية المتعددة. كما واصل الزياني إصدار تصريحات وبيانات متنوعة حول جميع الأحداث والتطورات في دول مجلس التعاون الخليجي سواءً كانت أحداثاً إيجابية أو سلبية باختصار، كما يقال في المثل، لم يترك شاردة ولا واردة إلا وعلق عليها، ومن ثم فإنه عبر عن دبلوماسية التواصل النشط من قبل الأمانة العامة لمجلس التعاون مع الدول الأعضاء في مختلف الحالات.

الثالثة: بروز نجم شخصيتين من دولة الإمارات العربية المتحدة في قلب الأحداث الخليجية خصوصاً والعربية عموماً، وهما رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان الذي أصبح شخصيةً أكثر إقداماً في تعليقاته وتصريحاته وآرائه القوية التي أشار إليها الكثيرون متسائلين عن دوافعه والقوى المساندة له، إذ إن تصريحاته سياسية بامتياز، ولا تقتصر على عمله الأمني بالمعنى الضيق، ولكن ربما الأمن السياسي. أما الشخصية الثانية فهو نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد، وخصوصاً تصريحاته القوية ضد قوتين إقليميتين لهما تأثير على المنطقة الخليجية والعربية، إذ له تصريحات انتقادية قوية ضد السياسة الإيرانية ومخاطر البرنامج النووي الإيراني وحول ادعاءات إيران بخصوص الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة منذ سبعينات القرن العشرين، وتصريحاته حول جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهو ما أثار التساؤل حول أسبابها الحقيقية ودوافعها وانعكاساتها. ولكن بعد أيام من إطلاق تلك التصريحات، اتضح أن وراء الأزمة ما وراءها، إذ ظهر اعتقال السلطات الإماراتية لأكثر من 60 عضواً من جماعة الإخوان المسلمين الإماراتية التي لاتزال محظورة في هذه الدولة الخليجية المهمة.

الرابعة: واصلت الدبلوماسية السعودية تصريحاتها، وإن كان بوتيرة أقل من الفترة السابقة، لأن نجم الدبلوماسية الأمير سعود الفيصل يعاني من المرض شفاه الله، وقد كانت له تصريحات قوية ضد السياسة الأميركية في العراق والتي، كما قال، سلمت العراق لإيران على طبق من ذهب، وكذلك عن الأحداث في سورية وغيرها من أحداث المنطقة العربية.

الخامسة: الدبلوماسية القطرية التي تفوّقت في عملية انطلاقها الإقليمي والدولي بل والخليجي، واعتمدت بوجه خاص على شخصية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وتصريحاته القوية ومواقفه الواضحة، سواءً ضد الدبلوماسية المصرية والسياسة المصرية عندما كانت في أوج توهجها وقوتها بقيادة عمرو موسى، أو ضد إيران أو ضد الولايات المتحدة، وإن اتسمت التصريحات في هاتين الحالتين بقدر كبير من الكياسة نظراً لعلاقات قطر المتشابكة مع هاتين الدولتين.

بلاشك هناك تصريحات من مسئولين خليجيين آخرين مثل الكويت وسلطنة عمان، ولكنها ربما أقل إثارةً للاهتمام الإقليمي والعالمي ولم تسلط عليها الأضواء بخلاف الشخصيات التي أشرت إليها من البحرين والإمارات وقطر والسعودية والأمانة العامة لمجلس التعاون.

إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"

العدد 3708 - الأربعاء 31 أكتوبر 2012م الموافق 15 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:55 ص

      ريش النعام في زمن سياسة العين الواحدة

      اسال بالله كيف تكون قوة وفي نفس الوقت تكون ناعمة ، وهذه التعبيرات اظنها هروب عن الواقع الواقع يقول القوة لاتحتمل النعومة والحديد لايصير ورق وهل يفل الحديد ريش النعام ، طبعا هنا انا لااقصد الكاتب فقط بل ان هذه العبارات بدات تظهر اليوم في سياسة هذا العصر بعبارات ومصطلحات زمن الازدواجية وزمن العين الواحدة والاخرى عورة ومن هنا يتوهم الاخرون باننا قد نصدق بان ريش النعام يفل الحديد وهؤلاء اليوم لايعلمون بان الامس غير اليوم وما كان السابقون يصدقون هذه السياسة فاليوم هم يكذبون ويصدقون كذبتهم

    • زائر 3 | 12:53 ص

      تويتر العظيم

      الحين صار الكتابة على تويتر دبلوماسية وأبهة؟ حتى العيال الصغيرين عندهم حسابات في تويتر يا عزيزي.

    • زائر 2 | 12:24 ص

      رب ارجعوني,,,,,,,,,,,,,

      ليست أميركا من سلمت العراق لإيران,بل العراق كانت وستظل عصية على أميركا, إنها أميركا التي انقلبت على صدامها الديكتاتور من أجل أن تتصنع بالديمقراطية المزيفة من جهة, ومن جهة أخرى لكي تحاصر الجمهورية الإسلامية الإيرانية فتضعفها أكثر فتنقض هي وربيبتها إسرائيل المحتلة وكل من يدور في فلكهم على إيران, ويصنعوا بذلك أمبراطوريتم على العالم بأسره

اقرأ ايضاً