العدد 3714 - الثلثاء 06 نوفمبر 2012م الموافق 21 ذي الحجة 1433هـ

إنهم قلقون

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تطالعنا وكالات الأنباء العالمية مع كل تحرك سياسي في البلدان الخليجية أو العربية ببيانٍ لمسئولين وناطقي عواصم دولية يعبّرون فيه عن قلقهم إزاء أي حدث أو تصريح ما، فأصبح القلق سمة بارزةً لتصريحاتهم الصحافية.

«هم قلقون» تعبير لفظي يصف عدم رضا أكثر مما هو وصف حالة أو إحساس، ولكن ماذا وراء هذا التصريح، وما ثقله في عالم السياسة؟ وبعد أن زادت نسبة القلق لدى رجال السياسة الغربيين، فهل يصح لنا القول بأنهم أصبحوا أكثر الناس قلقاً، على غرار أن رجال السياسة العرب هم أكثر الناس شجباً واستنكاراً؟

ما فتأت بعض الشخصيات الأميركية والأوروبية والدولية عن الإعراب عن قلقها البالغ إزاء تصاعد العنف في هذا البلد أو ذاك، أو عن قلقها العميق إزاء أوضاع حقوق الإنسان هنا أو هناك، كما أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند في مؤتمر صحافي بقولها «نشعر بقلق بالغ لأن محكمة التمييز أيدت الأحكام الصادرة ضد تسعة من العاملين في مجال الخدمة الطبية الذين تم الربط بينهم وبين احتجاجات العام الماضي».

أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فما عجز وهو يعبّر عن قلقه من عواقب ما يجري في البحرين، آخرها كان حظر التظاهر والتجمعات العامة، وحضّ السلطات البحرينية على إعادة النظر في هذا القرار.

عصرنا يوصف بأنه عصر القلق بسبب حجم ما تعانيه البشرية من ضغوط ترافقها ازدياد السرعة في عالم يضخ بالتكنولوجيا والتطور التقني. الإنسان وُلد وهو مفطورٌ على القلق وفقاً لقوله سبحانه وتعالى: «إنَّ الإنسانَ خُلِقَ هَلوعاً. إذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوعاً. وإذا مَسَّهُ الخيرُ مَنوعاً» (المعارج/19-21)، فالقلق كما يُعرّفه علماء النفس هو حالة مزاجية عامة تتركب من تضافر عناصر إدراكية، وجسدية، وسلوكية، لخلق شعور غير سار يرتبط عادة بعدم الارتياح والتردد. يختلف القلق عن الخوف؛ فالخوف مرتبط بسلوكيات محددة منها الهرب والتجنب. ويعتبر القلق أمراً إيجابياً أن يشعر الإنسان به في بعض الحالات، فمردوده يكون حسناً، خصوصاً إذا حفزه على التفوق في مكان عمله أو دراسته.

يشار إلى أن شخصاً واحداً من بين كل أربعة أشخاص قد يعاني من القلق خلال فترة حياته، وتكون أعراضه على مستويين، المستوى الأول نفسي وهو الشعور بالعصبية وعدم الراحة، وأما الثاني فيصاحبها أعراض فسيولوجية كآلام في الصدر وخفقان القلب أو رعشة في اليدين.

يُقال أن أكثر القلق سببه الخوف من المستقبل، ولمواجهته هناك طريقان، إما مواجهة المصاعب التي تسبب هذا القلق وتحديها لكسرها وإزالتها، أو تقبل الواقع والإيمان بمبدأ التسليم، وعلى غرار «تعلم كيف تنسى لتعيش».

لكننا لا نعلم كيف سيواجه هؤلاء الساسة قلقهم إزاء ما يحدث في المنطقة، هل سيختارون المواجهة، وهل خانتهم الحيلة والإمكانية؟ أو الاستلام للواقع والاكتفاء بالقلق الذي لا يعدو كونه جلوسك على كرسي هزاز يُشعِر من حولك أنك تتحرك دون إن تنجز شيئاً لأنك لا تسير قدماً؟!

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3714 - الثلثاء 06 نوفمبر 2012م الموافق 21 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً