العدد 3719 - الأحد 11 نوفمبر 2012م الموافق 26 ذي الحجة 1433هـ

واحد وثلاثون بحرينياً تسقط عنهم الجنسية

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كنت بصدد كتابة المقال حينما سألني زوجي مستغرباً: هل قرأتِ هذا الخبر؟ وكنت على جهاز الكمبيوتر مستعدةً للشروع في الكتابة. كل ما سمعته هو سحب الجنسيات، فقلت: ما الذي فعله هؤلاء المجنسون حتى يسحبوا منهم الجنسيات؟ فربما سرق بعضهم من برادة أو ضرب أحداً، أو اعتدى أطفاله على أطفال آخرين في المدرسة كما يحدث أحياناً. ولكن زوجي لم يدعني استرسل كثيراً وقال: لا، لم يسحبوها من المجنسين كما تظنين يا الحلمانة! بل من البحرينيين الأصليين وبعضهم كان في البرلمان! ففتحت عينيّ على سعتهما قائلة: ماذا تقول؟ واحد وثلاثون بحرينياً؟ غير معقول! قلتها بعفوية وأنا في غاية الاندهاش والاستياء.

وأعدت السؤال: بحرينيون؟ هل أنت متأكد؟ فبعض الغرباء صدرت منهم الكثير من التجاوزات، وبعضهم تورط في جرائم، ومع ذلك لم نسمع عن سحب جنسياتهم على رغم توقع الكثيرين لذلك الإجراء. شعرت بوجود خلل في الحياة، وهاجمتني الكثير من التساؤلات حول هذا الخلط الغريب وعدم التوازن في فهم هذه الأحكام. فلا يوجد أسوأ من الشعور بالضياع، حينما يجد الإنسان نفسه من دون قاعدةٍ أو مبادئ تشكل خطاً أحمر، وأن عليه أن يتقبل كل يوم شيئاً جديداً، وأن يتلون فيما يكتبه كي يتلاءم مع ما يدور حوله ويتنقل بين أحكام وتحديات جديدة قادمة، ولا تنسجم بالضرورة مع أفكاره ومبادئه! وشعرت أننا بصدد مرحلة صعبة وحرجة للغاية، وبداية لزيادة حدة المواجهة والمشاكل.

ما الذي قام به هؤلاء كي يستحقوا مثل هذا العقاب؟ نسمع عن السجن، ولكن لماذا تميّز هؤلاء وسحبت جنسياتهم؟ هل هم أكثر نشاطاً من الآخرين؟ وبدأت أسأل نفسي وأتخيل: كيف بالإمكان أن يرى الإنسان نفسه من دون وطن أو مواطنة؟ ما هي ردّات فعلهم والآلام التي تتنازعهم؟ وأين سيسيحون بانتماءاتهم؟ وهل يمكن أن تُسحب الانتماءات من البشر بجرة قلم؟ وهل هي فعلاً تستحق هذا العقاب؟ إنه شيء من الأمور المستحيلة التي يصعب تصديقها!

ثم إنهم كيف سيسافرون من دون جواز؟ وماذا سيكون جوابهم إذا سئلوا لماذا تركوا ديرتهم؟ هل سيقولون: نحن مطرودون؟ منبوذون؟ مشاغبون؟ أم أنهم مظلومون؟ وأي نوعٍ من البشر سيتحمل ذلك العبء؟ وماذا عن الكم الرهيب من القلق النفسي بينهم وبين أهاليهم ومحبيهم؟ ألا يهم ذلك أحداً؟ وعلى من وقع عليه الظلم... هل يعتبر خائناً؟ وما هو تفسير الخيانة؟ هل المطالبة بالحقوق والإصرار عليها هي نوعٌ من الخيانة في الدول الديمقراطية؟ وهل توجد وجهة لنفيهم؟ وماذا سيكون مصير أبناء وعوائل هذا العدد الكبير في حياتهم اليومية، من دراسة أو عمل؟ وما هو وضع عائلاتهم في الإقامة؟ هل سيتم نفيهم معهم؟ أم ستترك لهم فرصة الإقامة في بلدهم البحرين؟ وكم مدة صلاحية الإقامة؟ وكيف سيحصلون على قوت أيامهم؟ وهل نعيد تجربة الكويتيين الفاشلة مع الفرق في نوع البدون؟ علماً بأن هؤلاء البدون من أبناء الوطن الأصليين، أم سيصبحون مشرّدين ولاجئين مثل الفلسطينيين يبحثون لهم عن أرضٍ بديلة بعد طردهم من بلادهم؟

لقد نُفي البعض في الحروب العالمية لكونهم جواسيس وخونة، ونفى نابليون لأنه خسر الحرب إلى جزيرة سانت هيلانة مع عشيقته! ولكن هل سيعامل هؤلاء كمن خسروا النضال؟ أم كجواسيس خانوا بلادهم أم ماذا؟ أسئلة كثيرة تبقى من دون إجابة.

وشعرت ولأول مرة أن من حصلوا على الجنسية حديثاً هم أوفر حظاً من المواطنين، وقد نحسدهم على المميزات التي يحصلون عليها من الجانبين في حال سحب جنسياتهم من البلاد التي وفدوا إليها وتنعموا بخيراتها، ويبقى لهم العودة إلى بلادهم ومن حيثُ أتوا وطناً يلجأون إليه في الشدائد!

ولكن أين يذهب المواطنون من مواليد هذه الأرض، ممن لم يعرفوا هم ولا آباؤهم وأجدادهم الذين عاشوا وماتوا في البحرين... وطناً غيره؟ إنها البداية لمأساة شعبٍ ووضع خطير للغاية... تُرى ما الذي سيأتينا به المستقبل بعد من مفاجآت؟

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 3719 - الأحد 11 نوفمبر 2012م الموافق 26 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 36 | 5:55 م

      سحب الجنسيه وليس إسقاطها

      الذي سيعرف الفرق سأعطيه جائزه

    • زائر 32 | 12:40 م

      ...

      هذا هو تمهيد لإعطائهم جوازات الكوكب الاخر
      فقط ينطرون تخطيط الكوكب

    • زائر 31 | 10:54 ص

      تلك شهادة العجز والحماقة

      من غيب عقله وامات ضميره وعطل بصره وبصيرته
      وما العاقبة ؟؟؟؟

    • زائر 29 | 8:11 ص

      باختصار .. أنا لم أكمل قرائة الموضوع .. وعرفت التكملة

      يا أختي العزيزة على ما يقول المثل : كلمة ورد غطاها
      بالمختصر المفيد والواضح وضوح الشمس : بأن كل شيء أصبح بالمقلوب .. وشكراً

    • زائر 26 | 6:09 ص

      كارثة

      البلد تحترق والمتمصلحون واصحاب القرار يتلاعبون في مصير الناس نسوا انه بقضاء الله حينما يقضي لملك الموت بسحب روحهم يوم لا ينفع مال ولا بنون لكنهم ماذا حملوا من زاد لبيت الدود وبيت الوحشة

    • زائر 25 | 5:08 ص

      الابارتهايد

      مقال جديرة بالقراءة من كاتبة جريئة يا سيدتى الفاضلة انها ( الابارتهايد ) باجل معانيها ...

    • زائر 24 | 5:08 ص

      لا تسألي ولا تتساءلي فهذا هو القانون الجديد الذي ربما يطبق عليك

      ربما انت تنامي اليوم ولا تصبحي غدا الا وانت بجنسية اخرى او على الاقل خالية من اي جنسية.
      البلد مليء بالمفاجآت لأن الشعب لن يتنازل عن مطالبه وفي المقابل هناك عقاب له على هذه المواقف الصلبة من مطالبه

    • زائر 22 | 4:20 ص

      و الحل ويه آل خليفة؟

      المقال مليء بالتساؤلات

    • زائر 21 | 3:39 ص

      على صغر حجم البحرين لكنها..

      قضية شعب البحرين علمت الشعوب العربية والاسلامية الكثير عن البطش والهمجية فعلا ، وخصوصا الاجانب سيمقتون الاسلام والمسلمين جراء هذه التصرفات التعسفية والدكتاتورية والصلف السياسي المعفن والحقد الاسود الذي قل نضيره في هذا العالم على الرغم من قلة العدالة في الغرب لكنهم ارحم بخلق الله من هؤلاء مدعي التطهر بالدين والفضيلة وهم كشفوا للناس عن أخس معدن عرفته البشرية . . ويدّعون انهم يتدثرون ببساط الاسلام وسماحته وهم أبعد الناس عن الفضيلة والعفة والطهر .

    • زائر 19 | 2:44 ص

      هناك البديل ياحكومتنا الرشيده!

      بدل كل هذاالفجوات والانشقاقات بينك وبين شعبك راضيهم وانظري لمطالبهم مثل اب حنون يداري على مصالح ابنائه ولا كاب قاسي ومتغطرس الذي يقول انا ومن بعدي الطوفان يرمي ابنائه بالشارع لكي يلتقطهم كل من هب ودب وفي الاخير ان شاءالله ازمه وتعدي .

    • زائر 18 | 2:12 ص

      انام بحريني واصبح خجري ههههههههه

      قال بوجسوم في مسرحية سف العرب انام كويتي واصبح....
      نعم هنا في البحرين حدث هذا اناس ناموا بحرينيون واصبحوا غير بحرينيين بجرة قلم هكذا عبث البشر اذا ارادت ان تعبث يتغير كل شيء فلا شيء ثابت وهذه المحاولة ليست اكثر من عبث يعبث به الانسان متناسيا انه محاسبا وسيلقى
      كل هذه التصرفات.
      قمع وتعذيب وقتل وسحب جنسية وماذا بقي بعد؟
      لكن اقول لمن قام بذلك هل اوقف هذا الفعل حراك الشارع او حدّ منه؟

    • زائر 17 | 1:56 ص

      مقال في الصميم

      والله مقالكي يتطرق الى مستقبل اهل الديرة.لايا أختنا العزيزه قري عينن بأن سحب الجنسيه من هائلاء هو مجرد تحدير الى من تسول له نفسه ويطالب بحقوقه بأنه سوف يلق نفس المصير وهو ايضالحتيد جميع البحرينين من أصول ايرانه وينتمون الى مذهب ال البيت بعدم المطالبه بحقوقهم وحتى من اللذينه قد حصلوا على الجنسه ويفكرون في يوم من الايام بالمطالبه بأن لذيهم حقوق مسلوبه فهذا كل مافي الامر.واما بتسفير هذا لن يحصل لان زمن الثمانينات قد ولاو اليوم غير أمس لانه لاتوجد دوله على وجه الارض تستقبل اناس مجهولي الجنسيه.

    • زائر 15 | 1:18 ص

      خرم التعريفة في بلادي

      كل غريب وكل عجيب في وطني البحرين واقول وطني وربما اسلب هذه الكلمة غدا من احدهم يصدر تقريرا عني فأنام بحريني واصبح مجنس بل ومطرود هكذا هي البحرين.
      هذا امر دبّر بليل وله مدلولاته وغاياته وابعاده ونقول افعلوا ما شئتم لن يوقف الحراك فنحن اصحاب قضية عادلة وحقوق لا تقبل التنازل عنها هذه قناعة اصبحت لدى كل الشعب ولا نحتاج لمحرّك او دافع من احد

    • زائر 13 | 12:26 ص

      شدّ الله أزرك أيتها الفاضلة

      لقد كبرت في عيني كثيراً بعد هذا المقال الجريئ والرائع، فبارك الله فيك.

    • زائر 12 | 12:24 ص

      بحرين مال مو

      بحرين مو ..أنشر

    • زائر 33 زائر 12 | 2:38 م

      أخي زائر 12 للتوضبح

      (بحرين مال مو)، هذه الكلمة أخي العزيز كنا نرددها كثيراً في نهاية الستينات، و هي تعبير عن أطماع الشاه المقبور في البحرين. و لكن وفي الإستقتاء على عروبة البحرين عام 1971، صوت شعب البحرين و لاسيّما الذين ينتمون لجذور إيرانية (العجم) -الذين كنا نعايرهم و نلقي هذه الكلمة على أسماعهم- صوتوا لعروبة البحرين و رفض تبعيتها لإيران، و أثبتوا ولاءَهم الحقيقي للبحرين التي وُلدوا و آباؤهم على أرضها و وصلوا بفضلها لأعلى المراتب نتيجة هذا الولاء و الإخلاص

    • زائر 11 | 12:22 ص

      الرساله واضحه ..!!

      الرساله تقول أن الدور جاي علي كل واحد يرفع راسه ويتكلم بالحق حتي حديثي الجنسيه من الدول العربيه ... لا تفرحون جاينكم الدور ... ياناقي

    • زائر 6 | 11:03 م

      شكرا للكاتبه

      اشكر الكاتبه على تطرقها لاهم موضوع على الساحه الآن وذكر مظلومية الشعب البحريني التي هي في ازدياد ومحاوله اركاعه ليتوقف عن نيل حقوقه لكن هيهات

    • زائر 5 | 10:14 م

      مطلوب التحقيق في ادعاءات

      كثر في الآوانة الاخيرة اقاويل عن بيع او تبرع بعض من حصلوا الجنسية و اغلبهم من بلاد يسهل اختراق القانون فيها بالرشاوي استصدار شهادات ميلاد لقصر باسم صاحب المتبحرن حديثا ليحصل على الجنسية صغار ليسوا ابنائه. الدي ان اي الوسيلة الوحيدة لكشف هؤلاء ان كانت هناك نية فعلية للتحقيق في الموضوع

    • زائر 4 | 10:13 م

      الاسلوب القذر

      تقرير >>>> لم يجد نفعا لما ابتغوه فاتجهوا لهذا الاسلوب القذر لعله يفي بما يصبون اليه

اقرأ ايضاً