العدد 3735 - الثلثاء 27 نوفمبر 2012م الموافق 13 محرم 1434هـ

المجتمع المدني قد يحمل مفتاح السلام في باكستان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بعد أقل من سنتين من إيقاف الجيش الباكستاني حملته لمجابهة عمليات المتمردين في وادي سوات الذي يتمتع بطبيعة جميلة، بدأت المناطق الحدودية الباكستانية تهتز مرة أخرى نتيجة هجمات انتحارية واغتيالات مستهدفة. وفيما قد تبدو الدولة وكأنها عالقة في نزاع راسخ، إلا أن المجتمع المدني الباكستاني قد يحمل مفتاح مستقبل يسوده سلام دائم.

أتمّت المنظمة العالمية لتنمية الموارد والتعليم، وهي منظمة تعليمية غير ربحية تهدف إلى تعزيز التواصل والتفاهم بين المجتمعات المسلمة وغير المسلمة، أتمّت مؤخراً دراسة استمرت سنة كاملة لفهم قدرة المجتمع المدني الباكستاني على حل النزاع داخل حدوده. سافر فريق المنظمة إلى أكثر من 35 مدينة وقرية، من المناطق القبلية المدارة فيدرالياً إلى أعماق السند، من أجل مقابلة ما يزيد على مئة منظمة تعارض الطروحات الراديكالية وتدعو إلى التناغم الاجتماعي. وتشير بحوثنا إلى أن المجتمع المدني الباكستاني يملك القدرة على تشجيع السلام والاستقرار الإقليمي من خلال خمس آليات قوية:

أولاً، يقود الناشطون مبادرات شجاعة لنشر الوعي وتثقيف السكان حول تهديدات الراديكالية المتطرفة. عملت مهرجانات شعبية مثل «أنقذوا المعاهدات الباكستانية» على استقطاب السكان وإنشاء وحدة ضد الإرهاب. في العام 2009 على سبيل المثال اجتمعت الأحزاب الإسلامية المحافظة مع الحركة التقدمية المسيحية في باكستان لتنظيم مسيرة ضمت 25.000 شخص في يوم العلم الباكستاني في إسلام آباد لإظهار التضامن الوطني ضد التطرف العنفي.

يستخدم الشباب الباكستاني كذلك، متّبعاً أمثلة من الربيع العربي، منتديات الإعلام الاجتماعي مثل «تويتر» و «فيسبوك» لتشجيع السلام، غالباً على حساب مخاطرات شخصية كبيرة. ففي الشهر الماضي، أطلق مسلحون في وادي سوات النار على مالالا يوسافزاي، وهي فتاة مراهقة مدوّنة وناشطة في مجال تعليم الفتيات، لأنها نشطت في الحديث ضد الطالبان.

ثانياً، هناك جهود مكثّفة عبر الدولة لتمكين الشباب ببدائل عن التشدد المسلّح. على سبيل المثال، تنظّم مدارس مثل «دار العلوم أوكارا» في جنوب البنجاب حلقات دراسية مكثفة تستمر لمدة أسبوعين حول مبادئ السلام وحل النزاعات في القرآن الكريم. وتجري مدارس أخرى مثل «دار العلوم بهيرا» تدخلات مكيّفة بشكل فردي لمساعدة الشباب المعرضين للخطر، تدحض فكرة العنف باسم الإسلام. تقدم المدارس الكبيرة كذلك، حيثما أمكن، دورات متقدمة باللغة الإنجليزية والعلوم والرياضيات والتدريب المهني لإعداد الطلبة لمستقبل عملي مهني بعد التخرج.

ثالثاً، تشكل التصريحات العامة أيضاً آلية قوية لمجابهة الايديولوجيات العنيفة. فمنذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، ظهرت عشرات الفتاوى، وهي آراء غير ملزمة يطلقها علماء مسلمون، باللغات الأردية والمحلية الأخرى، تدين الإرهاب على المستوى الديني العلمي. وإذا أخذنا بالاعتبار العدد الكبير لأعمال القتل المستهدفة في باكستان، يتردد العديد من العلماء في التعامل مع قضية التطرف مباشرة. بدلاً من ذلك فإنهم يبطّنون رسائلهم المضادة للإرهاب ضمن خطب حول القضايا الاجتماعية الأوسع.

رابعاً، ينظم علماء الدين محاضرات عامة وحلقات حوار لتفكيك التفسيرات الراديكالية للإسلام مستخدمين قصص القرآن الكريم عن الأنبياء وأمثلة من التاريخ. وفي أقاليم مثل البنجاب حيث تتواجد منظمات مجتمع مدني نشطة، تُعقد حلقات نقاش عامة ومحاضرات بشكل أسبوعي. وتجري تلفزة تلك المحاضرات التي تضم متحدثين بارزين مثل أرشاد كاظمي أو تحميلها على اليوتيوب.

خامساً، تستخدم المنظمات الباكستانية المرتكزة على الإيمان، شبكاتها الاجتماعية لتوزيع المعونة الإنسانية على المجتمعات المحلية الفقيرة المعرضة للتشدد المسلّح. على سبيل المثال انضمت «جامعة صبحانية رزفيا»، وهي مدرسة قريبة من المناطق القبلية، انضمت مؤخراً إلى الجيش ومنظمات رعاية اجتماعية لتوزيع حزم إغاثة طارئة وأكثر من 30 طناً من البضائع على النازحين داخلياً في مناطق معرضة لأعمال إرهابية.

باختصار، هناك العديد من الأمثلة على الجهود البنّاءة التي يبذلها المجتمع المدني الباكستاني من أجل تحقيق التغيير. ويرتكز مستقبل باكستان على تكرار وتوسيع هذه الجهود في جميع أنحاء البلد. إلا أن الاعتبارات الأمنية وانعدام التمويل والموارد تمنع الناشطين من إيجاد حركة وطنية مستدامة.

واليوم، ومع صرخة شعبية عامة في أعقاب الهجوم على مالالا يوسافزاي وغيرها من الناشطين في مجال السلام، حصل المجتمع الدولي، وخصوصاً الباكستانيين في الشتات، على نافذة فرصة لتوفير التدريب في مجال بناء القدرات والمعونة الفنية والدعم المادي لتقوية المجتمع المدني الباكستاني. ويمكن لهذا الدعم في نهاية المطاف أن يزيد من عملية تمكين الباكستانيين ليضغطوا سلمياً ضد تيار التطرف العنفي.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3735 - الثلثاء 27 نوفمبر 2012م الموافق 13 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً