العدد 3737 - الخميس 29 نوفمبر 2012م الموافق 15 محرم 1434هـ

قصة عبدٍ امتلك حريته في العالم الجديد قبل قرنين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

ليس ما يحصل لجسد الشخص المتوفى بالنسبة للعديد من الأميركيين، بدرجة أهمية ما يحصل لروح ذلك الشخص. على رغم ذلك يهرع المؤرّخون من كل الخلفيات لتحديد موقع رفات وممتلكات مسلم دُفِن في واشنطن العاصمة قبل نحو مئتي سنة، لأن ذلك يتعلق بروح التاريخ الأميركي المبكر.

كان المتوفى، وهو يارو ماماوت، من بين عشرات الآلاف، إن لم يكن الملايين من المسلمين الذين تم إحضارهم إلى أميركا أثناء حقبة تجارة العبيد، ولكنه واحد من قلّة يملك المؤرخون عنهم الكثير من المعلومات.

تقترح الوثائق التاريخية أن يارو ربما يكون قد دُفِن على قطعة أرض اشتراها بعد حصوله على الحرية والاستقلال العام 1797. تقع تلك الأرض في حي جورجتاون التاريخي بمدينة واشنطن، حيث تباع المنازل اليوم بمبالغ تصل إلى ملايين الدولارات. ويأمل مالك قطعة الأرض والمطوّر العقاري «ديي عوض الله» أن يبني ويبيع مسكناً جديداً على قطعة الأرض. لم يكن يعلم شيئاً عن يارو عندما اشترى الأرض في الربيع الماضي، ولكنه مستعد لإعطاء علماء الآثار فرصة، لمدة بضعة أسابيع أو شهور للبحث والتقصي قبل أن يباشر مشروعه. يقول السيدعوض الله في مقابلة هذا الشهر «أحاول احترام الوضع، فهو أمر يستحق الاحترام».

وبحسب جيمس جونستون، فقد بيع يارو عبداً وهو مازال مراهقاً في السنغال العام 1752. قضى المحامي والكاتب المستقل ومركزه مدينة واشنطن ثماني سنوات يتقصى قصة يارو لكتابه الذي صدر العام 2012 وعنوانه «من سفينة العبيد إلى جامعة هارفرد: يارو ماماوت وتاريخ أسرة أميركية من أصول إفريقية». ويضيف جونستون «كان مشهوراً إلى درجة كبيرة في عهده، ولكن منذ تلك الحقبة، لم يبحث أحد في من يكون».

أتى الإلهام لبحث جونستون بعد أن رأى صورتين ليارو، وهما تعبيران إرستقراطيان لرجل أميركي من أصول إفريقية تعودان إلى أيام العبودية. رسم اللوحة الأكثر شهرةً من اللوحتين فنان أميركي مشهور هو تشارلز ويليام بيل، وهي موجودة في متحف فيلادلفيا للفنون. بالنسبة لجونستون، تمثّل اللوحة الكرامة والصمود والمرونة أثناء فصل قاتم بشكل خاص من التاريخ الأميركي. يقول جونستون: «لقد أعجب الناس باللوحة لأنك تنظر إلى هذه الصورة الجميلة لرجل يبدو موسراً على رغم أنه تعرض لظروف العبودية الرهيبة».

كان يارو معروفاً جداً في مجتمع جورجتاون المحلي. كان خادماً شخصياً لصموئيل بيل وابنه بروك، وهما مهنيان مؤثران كانا على معرفة بالرئيس الأميركي المؤسس جورج واشنطن. ويتذكره معاصروه غالباً بأنه كان مرحاً مثابراً ومكرماً لدينه وعقيدته، وكان يتوقف عن العمل ليصلي خمس مرات كل يوم أينما كان.

كان يارو كذلك رجل أعمال مبدع يجيد الكتابة والقراءة. وكان يُسمَح للعبيد في جورجتاون أن تكون لهم أعمالهم التجارية الخاصة، لذا أصبح يارو صانعاً لطوب البناء. وواقع الأمر أنه حصل على حريته بعد أن بنى منزلاً لسادته ووفر الأموال لبناء منزل له.

تجعل هذه التفاصيل من يارو «هامشاً مهماً» في التاريخ، كما يقول مدير متحف التراث الإسلامي في واشنطن أمير محمد: «يُظهِر ذلك للناس أن المسلمين الأميركيين هم جزء من النسيج الأميركي. إنه شخصية حقيقية، ليس فقط في لوحته وإنما في أعماله وأفعاله».

بالنسبة لعالمة الآثار الرسمية لواشنطن العاصمة، روث تروكولي، فإن أية آثار باقية ليارو تساعد الجمهور على فهم كيف عاش العبيد، وخصوصاً المسلمين منهم، بصورة أفضل: «هذا مصدر معلومات موازٍ عن يارو لا نستطيع الوصول إليه بأي أسلوب آخر». السيدة تروكولي بدأت مهمة استكشافية على قطعة الأرض هذا الأسبوع.

إلا أن عملية الاستكشاف تشكّل تحدياً. فقبل بضع سنوات، اكتشف علماء الآثار مقبرةً صغيرةً تضم قبور خمسة أشخاص من أصول إفريقية أميركية من تلك الحقبة على أرض تحاذي الحدود الخلفية لأرض يارو. إلا أن أحداً من الأجساد المدفونة لم يطابق أوصاف يارو المسنّ.

جرى هدم منزل يارو قبل أكثر من قرن، وسوف يجري هدم المنزل القائم على قطعة الأرض الآن لأنه غير متين من ناحية إنشائية. وبركة السباحة في الحديقة الخلفية للمبنى تحول دون التوسع في عمليات الحفر. ولكن السيدة تروكولي متفائلة بأن المساحات المكشوفة من أرض يارو ربما تحتوي على معالم أصلية، مثل بئر ماء أو مرحاض خارجي أو قبو أو قبر يارو. وتقول: «قصة يارو تتمتع بأهمية خاصة، فهي قصة عن شخص عانى وصمد. إنه عبد اشترى حريته، بشكل أساسي».

يعترف السيد عوض الله أن اهتمامه بمجال التطوير العقاري أكبر من اهتمامه بالنواحي التاريخية، ولكنه كأميركي مسلم من أصول فلسطينية، يعترف أن عملية الاستكشاف هي مجرد مصادفة: «كنت أعلم بوجود عبيد إفريقيين من أصول مسلمة، ولكنني لم أكن أعرف ببساطة أنهم قريبون منا إلى هذه الدرجة، على بعد خمسة أميال من منزلي في فولز تشيرتش بولاية فيرجينيا».

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3737 - الخميس 29 نوفمبر 2012م الموافق 15 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:16 ص

      هذا هو التاريخ الجديد

      التاريخ الجديد يرفع الوضيع ويضع الرفيع ... تاريخ أعوج

اقرأ ايضاً