العدد 3739 - السبت 01 ديسمبر 2012م الموافق 17 محرم 1434هـ

الشركات توفّر بين 30 و40 % من تقاسم البنى التحتية لشبكات الجوال

يمكن توفير ما بين 1,2 و1,5 مليار يورو في حال تقاسم البنى التحتية
يمكن توفير ما بين 1,2 و1,5 مليار يورو في حال تقاسم البنى التحتية

الوسط - المحرر الاقتصادي 

01 ديسمبر 2012

بمقدور شركات الاتصالات اليوم توفير من 30 إلى 40 في المئة من الكلفة المتكبدة عبر تضافر الجهود مع منافسيها في الأسواق بُغية إنشاء شبكات الجوال وتشغيلها وصيانتها. وفي الواقع، مكثت شركات الاتصالات فترة طويلة في دراسة إمكانية تقاسم البنى التحتية لشبكات الجوال. ومن المستغرب أنه لم يتم اتخاذ سوى إجراءات محدودة حتى الآن في هذا الصدد للتمكن من جني ثمار هذا التقاسم بالكامل.

ففي القطاع الخاص، تُبدي شركات الاتصالات أسباباً مختلفةً لعدم انخراطها في اتفاقيات التقاسم، وفي كثير من الأحيان تخشى من التعقيدات التشغيلية التي قد تصاحب هذا التقاسم، وتكاليف التحوّل المسبقة، واحتمالية فقدان السيطرة على مكانتها المستقبلية في السوق.

وفي هذا السياق، كشفت دراسة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية بوز أند كومباني، أن هذه التبريرات المتكررة من شركات الاتصالات غالباً ليس لها أساس من الصحة. وفي واقع الأمر، يمكن لشركات الاتصالات جني منافع جمّة من تقاسم شبكات الجوال؛ وخاصةً بالنظر إلى إمكانية تحقيق وفورات في التكاليف، إلى جانب المرونة في نطاق اتفاقيات التقاسم وتوفّر نماذج الحوكمة التي يمكن لأطراف الاتفاقيات الاختيار من بينها.

الأسباب المنطقية للمشاركة

في خضمّ تعرض العائدات لضغوط كبيرة، وثورة البيانات الماضية قدماً والتي تتطلب تحديث الشبكات القائمة، وتقنية الجيل القادم (LTE) والتي تستدعي ضخ المزيد من الاستثمارات في الشبكات، تحتاج شركات الجوال في وقتنا الحاضر إلى مراجعة هياكل تكاليفها أكثر من أي وقت مضى.

ونتيجةً لذلك، ظلت تلك الشركات تسعى بدأب إلى تطبيق اتفاقيات تقاسم الشبكات كوسيلة لزيادة العائدات على رأس المال وخفض التكاليف.

وفي هذا الشأن، أفاد شريك في «بوز أند كومباني» هلال حلاوي، قائلاً: «نتوقع أن يُساهم تقاسم شبكات الجوال في توفير مبلغ يتراوح ما بين 20 إلى 40 مليار يورو سنوياً لقطاع الجوال الأوروبي في غضون السنوات الخمس المقبلة، فيما يُتوقّع أن يصل حجم المبيعات إلى 150 مليار يورو في العام 2012.

وهذا يُترجم إلى وفورات سنوية في حدود تتراوح ما بين مليار إلى ملياري يورو لأي شركة اتصالات رائدة تحقق إيرادات تبلغ 50 مليار يورو، وهو ما يُشكل وفورات هائلة».

ردود أفعال متباطئة

على رغم هذه الإمكانات الضخمة، والمرونة التقنية والمالية النسبية لتقاسم الشبكات، لم يأخذ زمام المبادرة سوى بعض شركات الاتصالات. ففي أوروبا، تقاسم العديد من شركات الاتصالات بشكل محدود مواقع البث الخلوية، ولكن حتى الآن فقط 10 اتفاقيات شاملة وواسعة النطاق قد تم إبرامها وتنفيذها على أرض الواقع.

ومؤخراً، وافقت «فودافون» و«تليفونيكا» على دمج البنى التحتية لشبكاتهما في المملكة المتحدة وفقاً لهيكل المشروع المشترك؛ إذ تهدفان من خلال دمج 18500 موقع من مواقع أبراج البث التابعة لهما إلى تحسين جودة التغطية، كما يمكن أن توفر كل شركة منهما ما بين 1,2 إلى 1,5 مليار يورو وفقاً لتقديرات المحللين. وتعليقاً على هذه المسألة، قال مدير أول في «بوز أند كومباني»، شادي سميرة: «لقد تم إبرام المزيد من اتفاقيات تقاسم الشبكات في الأسواق الناشئة، ويعود ذلك إلى أن كثرة المناطق الناشئة والتي تتطلب إنشاء شبكات جديدة كلياً تجعلها أرضاً خصبةً للتعاون بين الشركات الجديدة الوافدة إلى الأسواق. وأما في الأسواق المتقدمة، فإننا نجد أن شركات الاتصالات القائمة يساورها القلق أيضاً إزاء الآثار الضريبية الكبيرة المترتبة على نقل الأصول إلى كيان جديد؛ فضلاً عن الآثار اللاحقة على معدلات الأرباح. ومع ذلك، ونظراً إلى الانخفاض النسبي لمعدلات الضريبة على الشركات في الشرق الأوسط، لا ينتاب شركات الاتصالات العاملة في المنطقة مثل هذا المخاوف».

إيجابيات تفوق السلبيات

وعموماً، تنقسم العوامل الكامنة وراء هذا الإحجام إلى أربع فئات تتمثل في العوامل الاستراتيجية والمالية والفنية والمعاملاتية، وعلى الحلول المقترحة تقديم السبل المتاحة أمام كل شركة جوال لاكتشاف المنافع التي يمكن حصدها من تقاسم الشبكات.

الشبكات - عامل التميز الاستراتيجي

تفترض العديد من شركات الاتصالات؛ ولاسيما الراسخة منها التي منحها دخولها المبكر إلى الأسواق أفضل تغطية وجودة للشبكة، أن تقاسم شبكاتها مع غيرها من الشركات قد يقلل من ميزتها التنافسية؛ بل تتخوف بعض هذه الشركات من فقدان سيطرتها على الاتجاه الذي ستسلكه الشبكة في المستقبل وعلى استراتيجيات التنفيذ الخاصة بها، وكذا خياراتها بشأن الأجهزة ومورديها. وختاماً، تشير هذه الشركات إلى المخاطر التنظيمية المتمثلة فيحجّم حصتها في السوق التي قد تصبح كبيرة إلى درجة تضطر الجهات المُنظمة إلى إنشاء جهة مُنظمة موحدة لإدارة شبكات الجوال العاملة في السوق بالكامل. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن لشبكات شركات الجوال أن تكون حقاً عاملَ تميز استراتيجياً؟

وأوضح مدير أول في «بوز أند كومباني»، داني سمور قائلاً: «لا ينطبق هذا الوضع على شبكات الجيلين الثاني والثالث التقليديين. فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن المشتركين في تلك الخدمات لا يلحظون أي فرق بين تلك الشبكات. ولهذا، بإمكان شركات الاتصالات الطامحة إلى تحقيق ميزة استراتيجية من خلال تبني أحدث التقنيات، على غرارLTE، اللجوء إلى تقاسم شبكاتها، فكل طرف في اتفاقيات التقاسم يمكنه أن يقرر أي تكنولوجيات يرغب في تطبيقها على الأصول المشتركة، ونطاق الشبكة الذي سيتم تقاسمه».

وفي ظل تطوّر شبكات جوال المتنافسين في منطقة الشرق الأوسط، أصبح هناك إجماع بين العديد من الشركات الراسخة في المنطقة أن توفير تغطية الشبكة وجودتها لم يعودا يُمثلا ميزة تنافسية، وأن هناك مزايا جمّة في تقاسم البنى التحتية. ووفقاً لذلك، هناك اتجاه متنام نحو تقاسم البنى التحتية لشبكات الجوال كما هو الحال بالفعل في المملكة العربية السعودية؛ إذ يجري تقاسم البنى التحتية لأبراج البث بين شركة الاتصالات السعودية وموبايلي وزين على أساس انتقائي.

ارتفاع تكاليف تقاسم الشبكات

تعتقد بعض شركات الاتصالات بعدم جدوى تقاسم شبكات الجوال بالنسبة لحالتها؛ إذ يزعم بعض أصحاب الشبكات الناضجة، ممن لديهم بعض خطط التوسع المستقبلية، أن غالبية الوفورات المحتملة يصعب تحقيقها، كما أن تكاليفهم المتكبدة لا يمكن تعويضها. من ناحية أخرى، يوضح أصحاب الشركات الرائدة في السوق غياب الشركاء الذين يتمتعون بذات المكانة السوقية، كما أن شراكتهم مع متنافسين أقل مكانة ستكون مجحفة في حقهم وستصبّ في صالح هؤلاء المتنافسين.

وأردف حلاوي قائلاً: «قد تكون التكاليف المبدئية لاتفاقيات تقاسم الشبكات هائلة. وعلى رغم ما يمثله هذا من عقبات، إلا أن مزايا التقاسم الطاغية واضحة دون شك». فعادة ما تتراوح التكاليف الأولية في المرحلة الانتقالية ما بين 20 إلى ألف 30 يورو لكل موقع، وهو ما يعادل ثلث كلفة إنشاء موقع جديد. وحتى بعد أخذ تكاليف التحول في الحسبان، عادةً ما تظل دراسة الجدوى جذّابة؛ فالنفقات الرأسمالية الأولية المطلوبة سيتم تعويضها تدريجياً من خلال الوفورات المحققة على مدار مدة الاتفاقية، كما سيضمن الانخفاض المستمر للنفقات التشغيلية حصد مزايا دائمة. وعلى فرض اختلاف أصول البنى التحتية التي يملكها الشركاء، تظل الاتفاقيات قابلة للتحقيق، طالما رغب الطرفان في التغاضي عن ذلك، وكان جلياً أن المزايا ستعم بنفعها على كليهما.

العدد 3739 - السبت 01 ديسمبر 2012م الموافق 17 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً