العدد 3744 - الخميس 06 ديسمبر 2012م الموافق 22 محرم 1434هـ

ألف سبب وسبب للافتخار بالإسلام

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يتحدث المؤلف التركي أورهان باموك الحائز على جائزة نوبل عام 2006 في روايته الأكثر مبيعاً «متحف البراءة» ببلاغة عن أهمية المتاحف بالنسبة للمجتمع، إذ يكتب: «في متحفي، أود أن أدرّس ليس فقط الشعب التركي وإنّما جميع شعوب العالم أن يفخروا بالحياة التي يعيشونها. لقد سافرْتُ في مشارق الأرض ومغاربها، ورأيت الأمر بعيني: بينما يفخر الغرب بنفسه، يعيش معظم بقية العالم في الخزي والعار. ولكن إذا كانت الأشياء التي تجلب لنا العار معروضة في متحف، فإنها تتحول فوراً إلى ممتلكات نستطيع أن نفتخر بها».

تكمن قوة المتاحف في قدرتها على إلقاء الضوء على إنجازات ربما لم تتم تغطيتها في تواريخ الحضارة الغربية. في واشنطن العاصمة، يعمل متحفان مختلفان حجماً على ذلك من خلال عروض تركّز على الأثر المنسي للإسلام.

يكشف معرض للجمعية الجغرافية الوطنية أن العصور المظلمة لم تكن مظلمةً كما تريدنا كتب التاريخ أن نعتقد. يظهر معرض «ألف اختراع واختراع: العصر الذهبي للمجتمع المسلم» الذي يستمر حتى منتصف شهر فبراير/ شباط، أن الحقبة بين نهاية الامبراطورية الرومانية والنهضة كانت مليئة بالاختراعات والاكتشافات والتنوير في جميع المجالات، كالطب والرياضيات والعلوم ورسم الخرائط وعلم الفلك والزراعة وهندسة العمارة وغيرها. لماذا يغيب كل ذلك إذاً من كتب التاريخ التي نكتبها؟ كيف يتسنّى تجاهُل هذه المساهَمات؟

أحد الأسباب هو أن هذا الفصل في قصتنا الإنسانية المشتركة كُتب بلغة أخرى: «العربية». يقول سليم الحسني، رئيس تحرير الكتاب المرافق للمعرض، والقوة الدافعة وراء المشروع، خلال حديث أجراه يوم 14 سبتمبر/ أيلول في الجمعية الجغرافية الوطنية: «مازال هناك فقدان للذاكرة استمر لمدة ألف عام، وهو بحاجةٍ إلى تنظيم وترتيب، من خلال إبراز أمثلةٍ يحتذى بها من التاريخ، نستطيع التأثير على الشباب اليوم وإلهامهم».

تضم هذه الأمثلة من الماضي جابر ابن حيان «أبوالكيمياء» وعباس ابن فرناس رائد الطيران بالقوة الذاتية، والفارابي الذي اخترع الكمان المبكّر، وأبومروان ابن زهر الرائد في الجراحة التجريبية الذي أصبحت ابنتاه كذلك طبيبتين.

يكتشف الناس حول العالم، بفضل جهود الحسني الكبيرة، إلهاماً متجدداً وفخراً كبيراً في تراثهم. قبل افتتاحه في واشنطن، اجتذب المعرض ما يزيد على مليوني زائر في نيويورك ولندن ولوس أنجليس واسطنبول وأبوظبي، وسجل أرقاماً قياسية في الحضور، حيث زاد عدد من شاهدوه في الدوحة خلال عرض استمر أربعة أسابيع مؤخراً على 72,000 شخص.

وفي الوقت الذي تعتبر فيه جمعية الجغرافيا الوطنية متحفاً راسخاً في وسط مدينة واشنطن الذي يحبه الزوار والسياح، يلقي متحف أصغر حجماً وأكثر حداثة في ضاحية أناكوستيا عبر النهر من واشنطن الضوء على بعض التاريخ الضائع: مساهمات المسلمين في المجتمع الأميركي.

يسرد متحف التراث الإسلامي في أميركا، الذي فتح أبوابه في ابريل/ نيسان 2011 قصة المسلمين الأميركيين الذين شكّلوا جزءاً من هذا البلد منذ إنشائه، وهم يختبئون أحياناً أمام الأنظار.

وتضم العروض نسخاً من سجلات الإحصاءات الأميركية المبكرة مع أشكال متعددة لاسم «محمد»، وصور لشواهد قبور حُفِرَت عليها صور يد يبرز فيها الشاهد دلالة على عملية دفن إسلامية (وهذا دليل على إله واحد)، وكتابات مبكرة بالعربية كتبها أفارقة أحضِروا إلى هذا البلد كعبيد. يقول مؤسس المتحف ورئيسه أمير محمد، مشيراً إلى صفحة باللغة العربية كتبها أحد العبيد، أثناء زيارة أجريت للمتحف مؤخراً: «كان الناس يظنون أنهم (العبيد) أميون، لقد كانوا يتكلمون ببساطةٍ لغة أخرى».

رغم أنه يبرز مساهمات بعض المسلمين الأميركيين المؤثرين، مثل زعيم «أمة الإسلام» مالكولم إكس، والملاكم محمد علي كلاي، تبرز فاعلية وتأثير المتحف على أكبر وجه من خلال مساهماته في رسم عملية إنشاء المساجد والمؤسسات الإسلامية في الولايات المتحدة، ومن بينها الهلال الأحمر (العام 1920) وجمعية الطلبة المسلمين (العام 1963) والجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية (العام 1982)، واستعادة الهوية الضائعة للعبيد المسلمين، الأمر الذي يحرّرهم من العار.

يُصاب زوار متحف محمد أحياناً بالدهشة عندما يكتشفون جذور الإسلام العميقة في أميركا، ويصف العديد منهم المعروضات بأنها تفتح العيون، ولكن بالنسبة للمسلمين الذين يزورون هذه المعارض وآخرين مثلهم، يمكن للتجربة أن تشكّل مصدراً للفخر.

سافَرَت رئيسة دائرة التعليم في جامعة فاطمة جناح للنساء في روالبندي بباكستان مسرة أنور شيخ، نهاية شهر رمضان مع حفيدها لزيارة أقارب لها في واشنطن، وعند سؤالها كيف قضت وقتها، ذكرت قائمة الأماكن السياحية المعتادة. بعد ذلك أضاء وجهها وهي تسألهم: «هل شاهدتم ذلك المعرض في الجمعية الجغرافية الوطنية؟ لقد أصيب حفيدي بالدهشة. قال أنا مسلم ولكنني لم أكن أعرف ذلك من قبل. إنه أفضل شيء شاهدته في واشنطن».

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3744 - الخميس 06 ديسمبر 2012م الموافق 22 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً