العدد 3754 - الأحد 16 ديسمبر 2012م الموافق 02 صفر 1434هـ

معاناة مختار وسليمان بعد أن بتر الإسلاميون إحدى يديهما في مالي

"لم يقطعوا يدنا فحسب بل انتزعوا حياتنا"، هذا هو لسان حال سليمان ومختار اللذين اصبحت حياتهما جحيما بعد ان قطع الاسلاميون الذين يحتلون شمال مالي منذ ثمانية اشهر احدى يديهما تطبيقا للشريعة.
فهذان الشابان اللذان يناهزان العشرين من العمر كانا سائقي شاحنات في الشمال عندما اوقفهما الجهاديون قبل شهرين بتهمة "تهريب وسرقة اسلحة". واقر كلاهما بالوقائع لكنهما اكدا ان الاسلحة المسروقة من الاسلاميين كانت مرسلة الى الجيش المالي.
وكان مختار يعتمر قبعة سوداء ويروي محنته وهو منحني الراس.

وهو الرابع بين ثماني اخوة وقال انه سيعيش "حياته الجديدة" تحت هاجس اليوم الذي قطعت فيه يده اليمنى.
وروى "في ذلك اليوم اخفى الاسلاميون رأسي تحت غطاء. وجاء طبيب لاعطائي حقنة. وعصبوا عيني ثم قطعوا يدي اليمنى بسكين".
وفي شمال مالي تفرض الجماعات الاسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تحتل هذه المنطقة منذ حزيران/يونيو، تطبيق الشريعة بشكل صارم مع عمليات الرجم وبتر الاعضاء والجلد واعتقال النساء غير المحجبات وتدمير الاضرحة منها اضرحة اولياء مسلمين مدرجة على لائحة التراث العالمي المهدد.
وقال مختار بحسرة وهو يخفي يده المبتورة "لم يعد لنا حياة. انتهى كل شيء بالنسبة لنا. لم يقطعوا يدنا فحسب بل انتزعوا حياتنا".
وما زال سليمان تراوري تحت وقع الصدمة. فقد قطعت يده بعد اسبوع من قطع يد مختار، ولا يريد ان يتذكر المشهد.

لكنه ينفجر غضبا حول نقطة: انه متأكد ان الجهاديين باعوا يده المقطوعة لتصنع منها تعويذات.
وبات الرجلان يقيمان الان لدى ذويهما في باماكو حيث يتلخص يومهما بالخلود الى الراحة ومشاهدة التلفاز.

ولم يعد لديهما اي مورد لان السائق بدون يديه "ليس سائقا" كما يقولان لكنهما يريدان الحفاظ على "كرامتهما".
وقال سليمان بحنق "لا اريد حتى رؤية صحافيين"، "فهم يأتون من فرنسا والمانيا وجميعهم تقريبا يقولون لي انهم سيعطوني مالا ان نزعت ثيابي ليلتقطوا صورة ليدي. ان الصورة لن تعيد يدي".
ويود الشابان اليوم تعلم مهنة جديدة. مختار يفكر احيانا بان يصبح مغنيا ليصب حقده على الاسلاميين.

اما سليمان فلا يعلم حتى الان ما يريد، ربما "بائع بطاقات هاتف".
في الانتظار سيتعين على الشابين التعود على الاكتفاء باستخدام يدهم اليسرى لكنهما يضطران لطلب المساعدة من ذويهما للاستحمام وارتداء الملابس او خلعها.

وروى مختار "ان حياتي الجديدة تفرض علي ان اقوم الان بكل شيء بيد واحدة، اليد اليسرى، في حين لست اعسر".
وراى حبيب توريه وهو طبيب نفساني مالي تطوع لمساعدتهما انه "لا يمكن ان يكون لهما حياة جديدة بدون معنويات" مضيفا "انهما يريدان فهم مأساتهما ودورنا هو ان نشرح لهما ما حصل".
واضاف الطبيب الذي نصح الشابين بالتنزه ثلاثين دقيقة على الاقل يوميا "انها عملية متكاملة، حصلت حالات انتحار بعد صدمة مماثلة".
لكن سليمان لا يحتمل نظرة الاخرين وقال "حتى عندما لا ينظرون الي اظن انهم ينظرون الى يدي المقطوعة".
وبالرغم من مأساتهما يعتبران انهما "محظوظان" قياسا الى مواطنين ماليين اخرين اوقفهم "المتوحشون" كما يطلقون على الاسلاميين، وبتروا "يدهم ورجلهم".

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً