العدد 3763 - الثلثاء 25 ديسمبر 2012م الموافق 12 صفر 1434هـ

مدارس إندونيسية إسلامية تحتضن الطلبة المسيحيين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أين يمكن للمرء أن يجد مدارس تديرها منظمة مسلمة، وغالبية تلاميذها من غير المسلمين؟ ترتبط العلاقات المسيحية-المسلمة أحياناً كثيرة في إندونيسيا بالنزاع وانعدام التسامح والتنافر والعداء. لذا، من المثير للاستغراب بالنسبة للكثيرين معرفة أن مدارس كهذه موجودة في أنحاء مختلفة من إندونيسيا.

أسست المحمدية، وهي واحدة من أكبر المنظمات الإسلامية في إندونيسيا، عدداً من المدارس في بعض المناطق المسيحية الإندونيسية، حيث يشكل التلاميذ المسيحيون في بعض الحالات 50-70 في المئة من الطلبة فيها. وتوجد هذه الظاهرة المثيرة للاهتمام في بعض الجزر الإندونيسية، على سبيل المثال في بلدة إندي الكاثوليكية في غالبيتها، على جزيرة فلورس في الجزء الجنوبي الشرقي من إندونيسيا، وكذلك في بلدة سيروي ذات الغالبية البروتستانتية في جزيرة باين الأصغر حجماً في الجزء الشرقي من إندونيسيا.

يُبرِز هذه الظاهرة الدكتور عبدالمعطي، كبير المحاضرين في معهد ولاية واليسونغو للدراسات الإسلامية في سيمارانغ بجاوا الوسطى، الذي أجرى دراسة ميدانية في بعض هذه المناطق. وقد قدم نتائج دراسته مؤخراً في المؤتمر العالمي للبحوث حول المحمدية، والذي عقد مؤخراً بجامعة المحمدية في مالانغ شرقي جاوا.

يتخذ الأهالي المسيحيون في الواقع القرار أحياناً بإرسال أبنائهم إلى مدارس المحمدية بسبب النوعية الجيدة من التعليم والكلفة المنخفضة، إضافةً إلى حقيقة أن المدارس توفّر تعليماً دينياً مسيحياً. وهم يختارون توفير الفرصة لأبنائهم للتفاعل مع المسلمين، رغم توفر المدارس المسيحية عن قرب، كما هو الحال، على سبيل المثال في بلدة إندي.

ويعني هذا ضمناً أن هذه الجاليات المسيحية تثق بمؤسسات كهذه، وهي غير قلقة من أن تشكل الدراسة في مدارس إسلامية تهديداً لمعتقدات أبنائهم الدينية. واقع الأمر أنهم لا يرون أن الاختلافات الدينية تشكّل مشكلة، بل يبرزون نقاط تماثل بين الديانتين. يقول أب كاثوليكي متديّن في إندي:

«هناك العديد من نقاط التماثل بين الإسلام والكاثوليكية، فكلاهما يسعى لإبراز الخير والصلاح في الناس». ويرى بعض الأهالي تفاعلاً عبر الديانات، إضافة إلى الميزات الإسلامية للمدرسة، على أنها شيء إيجابي لا تقدّمه المدارس التي تديرها الدولة أو غيرها من المدارس الخاصة.

توفر كل من مدرسة المحمدية الثانوية في إندي ومدرسة المحمدية المتوسطة في سيروي للطلبة المسيحيين دورات تعليمية دينية مسيحية يقوم بتدريسها أستاذ مسيحي. وقد بدأ تقديم هذه الدورة في مدرسة إندي منذ العام 1971، أي قبل إصدار القانون الإندونيسي الذي يتطلب توفير هذه الصفوف عام 2003 بفترة طويلة.

لا يستطيع المرء في كلا المدرستين أن يجد مدرّسين مسيحيين يدرّسون صفوف التعليم الدينية المسيحية فحسب، وإنما كذلك أساتذة مسيحيين يدرّسون مواضيع أخرى لتلاميذ مسلمين ومسيحيين، على حد سواء. يجد هؤلاء الأساتذة أن تجربة العمل في المدارس الإسلامية تساعدهم بصورة أفضل على فهم الإسلام والمسلمين، وهي وجهة نظر يتشارك فيها معظم الطلبة.

كما تُظهِر دراسة عبدالمعطي، أن الطلبة المسيحيون والمسلمون يعتبرون أن التجربة في بيئة متعددة الديانات تساعدهم بشكل مثير للإعجاب على بناء التناغم الديني. وبدلاً من أن يشكّل مصدراً للتوترات الدينية، فإن وجود مدارس تديرها منظمات إسلامية مثل المحمدية أثبتت أنه يعمل على ربط الجاليات الدينية المختلفة، ويشكّل مساحة آمنة للقاءات عبر الديانات.

وبوجود شباب ينشأون في بيئة تمتاز بالتعايش الديني السلمي، في مدارس تديرها منظمات إسلامية في جيوب إندونيسيا المسيحية، وفي أماكن أخرى، يستطيع المرء أن يأمل بعالم أكثر تسامحاً وشمولية وسلاماً، ومكاناً أفضل لنا جميعاً.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3763 - الثلثاء 25 ديسمبر 2012م الموافق 12 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:47 م

      جميل

      فكرة جميلة وتستحق التطبيق الانفتاح على الآخر مطلوب من أجل الإثراء الفكري والثقافي فالتعايش بين مكونات المجتمع موجودة منذ القدم لولا تدخل الساسة لما حدث خلاف...

اقرأ ايضاً