العدد 3780 - الجمعة 11 يناير 2013م الموافق 28 صفر 1434هـ

كشكول مشاركات ورسائل القراء

أين الشجاعة العربية؟!

في العام 1981م تم تدمير المفاعل النووي العراقي من قبل سلاح الجو الصهيوني، وفي العام 1988 تمت تصفية القيادي الفلسطيني والرجل الثاني خليل الوزير (أبوجهاد) في غارة وحشية في تونس، وفي العام 2007 تم تدمير المفاعل النووي السوري، وفي العام 2012 أيضا تم تدمير مصنع للأسلحة التقليدية في السودان، وفي العام نفسه تم حرق غزة الصمود بمن فيها وقبلها لبنان، وكأن الفضاء الواسع الشاسع ملك لهذه الدولة الصهيونية تسرح فيه طائراتها المدمرة وتمرح، وتحوم في سماء العالم العربي وتصب جام حممها القاتلة على من تشاء وتختار، ولا يوجد ثمة قوة أو جهة تمنعها أو تردعها وكأن الكائن العربي كالشاة تسوقه كيفما تشاء وتذبحه في أي وقت وعلى أي أرض.

ابان القصف الصهيوني للدول العربية المذكورة سمعنا التهديدات الساخنة، بالرد والانتقام على المعتدين الصهاينة في الوقت والزمان المناسب ومن جانبنا تفاعلنا معهم وتحمسنا أيضا وكنا ننتظر ساعة الصفر لرد الاعتبار لإنسانية الشعب العربي والمعاملة بالمثل، ولكن مع الأسف الشديد ما كانت تلك التهديدات إلا كونها ترهات وأقاويل ومرت كسحابة صيف وذهبت أدراج الرياح، وإلى الآن لم يسلم الجسم العربي من الخدش والاعتداء الآثم الصهيوني والتهديد المبطن والعلني بين الفينة والفينة للشعب العربي بصفة عامة والبلدان الرازحة على خط النار كغزة الفداء ولبنان بصفة خاصة.

نتذكر الغزوات العربية الإسلامية السالفة، نتذكر البطولات والشجاعة ورباطة الجأش العربية، نتذكر المد العربي في القرون السابقة وكانت الصهيونية آنذاك همجا رعاعا، فما الذي جرى وقلب الموازين رأسا على عقب وجعل الصهيونية مصدر قلق وتهديد للأمة العربية، ونحن نتسلح بسلاح الجهاد المقدس الذي شرعه الله علينا و يقربنا أيضا إلى الله زلفى، ونحن نمتلك الجيوش الجرارة والعتاد والأسلحة المتنوعة بتكنولوجيتها وتقنيتها المتقدمة، فلماذا لا تكون هناك كلمة سواء للعالم العربي ويقفون موقفا موحدا كالطود العظيم ضد الغطرسة والتعنت الصهيوني وردعه عما كان يحلم به ويرنو إليه، ويتم تحرير أرض أولى القبلتين من براثن المغتصبين الصهاينة الذين عاثوا فيها الخراب وأكثروا فيها الفساد وإنقاذ المسجد الأقصى المبارك الذي تم أسيرا في قبضتهم ورهن وجودهم.

مصطفى الخوخي


رسالة من الجيران

كم كنا مزعجين جداً عندما كنا صغاراً أبرياء. لا يهمنا إلا أن نمرح ونلعب على طريقتنا الخاصة. أنا ونايف صديق الطفولة والحي والعمل. ذلك الشاب المرح الذي لم أعد أراه بعد أن ترك الشركة والحي والتحق بعمل جديد وحصل على وظيفة رائعة في إحدى الوزارات، وعلى راتب مغر آنذاك.

أما أنا فرفض طلبي، ولا أعرف السبب، وتركني أصارع الحياة. وكما تروني أمامكم، عملت في الشركة وأنا شاب بلحمي ودمي وتركتني عجوزاً بعظمي وجلدي!

أخرج في الصباح الباكر على صوت الأذان، وأهل الحي يغطون في نوم عميق ما خلاء شقشقة البلابل والعصافير وصياح الديكة. كنا معاً زملاء حي وعمل وأصدقاء ضمير قبل أن يغادر الشركة. لم تفرقنا يوماً الطائفية الجهلاء ولا العنصرية الحمقاء، لكن فرقتنا الغربان التي ملأت أحيائنا دماراً وفساداً وعكرت صفو حياتنا جحيماً.

ولو سألتموني أنتم أيها القراء الأعزاء من الذي جمعكما؟ لكان الجواب كالصاعقة عليكم، الإمام الحسين (ع) هو الذي جمعنا، ليس لقرب بيوتنا من مأتم الحسين (ع)، بل شخصه وإنسانيته التي جمعتنا كل يوم. أليس كذلك؟ ولن أنسى رغيف الخبز، الذي نتقاسمه في العمل، لكننا عندما نلهو لا نراعي حرمة أحد ولا نراعي شعور أحد.

أصواتنا تعلو وترتفع بين الجيرة. نتراشق بماء الصنبور في وقت الظهيرة أو نتقاذف به في أكياس صغيرة، دون أن نعي أهمية هذه القطرات التي تتقاتل عليها دول وتتخاصم عليها حكومات عريقة، وتتصارع من أجلها رؤساء وذوو نفوذ دخيلة. وقد تستبدل بسببها مناصب، وتتكسر من أجلها كراسي ومقاعد قديمة، دون أن نعرف أن الماء ثروة وأن الماء ذهب، أو أن هذه القطرات تزاحمت عليها مناقصات، ومررت من أجلها تحت الطاولة رشاوى وهبات.

هكذا إذن، فالحكومات غارقة في مستنقع من الفساد، ونحن غائصون معها في برك من الديون. هكذا كنا نفعل وهكذا اليوم يا أحبائي أنتم تفعلون الأسوأ، حيث ندفع فاتورة لهوكم في هواتفكم ولعبكم في «أيفوناتكم» وتقليدكم لسلوكياتنا يا «حبايبي» يا كبار.

وقبل أن يكمل أبو فريد ذكرياته ونصائحه لأبنائه، حتى طرق الباب، وإذا برسالة مغلقة مذيلة من أهالي القرية، كأنها سبقته حيث فتحها على الفور وراح يقرؤها على نفسه، حيث ساد الغرفة صمت رهيب لا يقطعه إلا حركات لسانه أو حروفه الصوتية، وهي تشير بالذات إلى أفعال أبنائه السيئة بجيرانه وأهالي قريته، وختمها بدمعة ندم وحسرة ألم على سلوكياتهم التي لم يستطيع أن يصححها، ولم يهتدِ إلى تربيتهم يوماً، ولم يستطيع أن يكملها لهم بسبب مرضه، حيث رمته الرسالة على أريكته المتهالكة، ما بقي له من هذه الدنيا الأليمة، دون أن يعقب بكلمة.

وراح ابنه الكبير فريد سمين البدن والعقل المتخم بالسيئات، يكمل رسالة الجيران على أخوته، وكأنه موظف متقاعد يقرأ رسالة التكريم على المتقاعدين، يقدم الخبر ويؤخر المبتدأ. أما أخوته الذين تركوا المدرسة عرفوا شيئاً وغابت عنهم أشياء، غير مبالين بها رغم تحذيرات الرسول الأكرم (ص) لأصحابه أشد التحذير من إيذاء الجار «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: مَن لا يأمن جاره بوائقه». وقال أيضاً: «لا يدخل الجنة مَن لا يأمن جاره بوائقه»... ولكن لا حياة لمن تنادي! فما أن فرغ فريد من قراءة الرسالة على اخوته، حتى أدار ببصره ناحية أبيه القابع على مقعده الذي لم يتحرك منذ أن أجلسه، كالخشبة اليابسة، ناداه فلم يجبه، حركه لم يتحرك، صرخ صرخة أذابت جميع ذنوبه، وتبعه اخوته كذلك قائلين لقد مات أبونا، قتلوه أهالي القرية!

لا بل قل قتلناه نحن بتصرفاتنا اللامسئولة، وسلوكياتنا المنحرفة.

مهدي خليل


طـالَ الفِراق!!

البعدُ إن طالَ العيونَ سينقضي

و ستلتقي أرواحُنا بلُقِيّا

ولئنْ مصابُ الدهرِ غيّب سلوتي

فالقلبُ يحملُ محيانا سويّا

أنا عشتُ في عينيهِ حُلوَ طفولتي

ولقد رعاني منذُ كانَ صبيّا

و فراقُ يومٍ ينقضي بمدامعي

و تظلُ روحي و الجَنانُ بُكيّا

كيفَ السبيلُ وحبيبُ قلبي نائم

عني بنومٍ خالدٍ أبديّا

أَأُخيُّ قد جاءتكَ أختُكَ تعتني

قبرًا زكيًّا طاهرًا و مُضيّا

في حيرةٍ أجري لمثواكَ الذي

قد ضمَّ بضعةَ فاطمٍ و عليّا

أين الجبينُ و أين ثغركَ دُلّني

لأُقَبّل الوجهَ الصبوحَ مليّا

أقبِل عليّ بمشهدٍ و بمسمعٍ

و اسمع ندائي والنداءُ خفيّا

ما فارَقَتْ روحي لروحكَ مذْ مضى

ركبُ الهواشِمِ للبلادِ قصيّا

لكنما شوقي لصدركَ يعتلي

أوسِع بقبركَ كي نكونَ سويّا

***********

أختاهُ قدْ عزَّ اللقاءُ بلوعة

فـ خُذي ترابَ القبرِ منّي نديّا

في مرقدي عانقتُ طفلاً مُفطَمًا

بسهامهم عِوَضَ الريِّ الرويّا

قبري حوى جِسمي و أبنائي معي

و جوارُ أقدامي ولدي عليّا

أرأيتِ قبرًا ضمَّ أبناءً و أب

يا درّه بدمائنا العلوية

يا أمَّ طُهْرٍ بالسَكينة هروِلي

بين القبورِ لأبناءِ النبيّا

مرّي على قمرٍ تجرّعَ موتَه

بضفافِ نهرٍ كيفَ ماتَ ظَميّا!

مرّي على أغصانِ زهرٍ قد قضتْ

ترجو النعيمَ فعاينتهُ جليّا

مرّي على صَحْبٍ تفانَوا للعلا

بلغوا بتقواهم عِنانَ ثُريّا

و تودعي و رداءَ صبرٍ فاكتسي

فلقد عهدتكِ مذ نشأتِ تقيّة

كوني حسينًا بعد عيني و اصبري

وتكفلي رحلي و ذري رقيّة

فعسى يعودُ بكِ الزمانُ و ترقدي

بجوارها طابَ الرُقادُ هنيّا

أختاهُ ألتمسُ الدعاءَ إذا بكت

عيناكِ ليلاً و الفؤادُ نجيّا

و إذا كفوفكِ بالسماء تعانقت

فـلا يكُ اسمي من دعاكِ نسيّا

صفاء المطاوعة

العدد 3780 - الجمعة 11 يناير 2013م الموافق 28 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً