العدد 3819 - الثلثاء 19 فبراير 2013م الموافق 08 ربيع الثاني 1434هـ

إنكار المشكلة السياسية في البحرين

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

لا يمكن أن يغفل المراقبون الدوليون عما يحدث في الساحة البحرينية من تطورات تقود البلاد إلى منزلق خطير. هذا المنزلق الذي شطر المجتمع الذي من المفترض أن تتعزز فيه حقوق المواطنة، لكنه بدلاً من ذلك عزز مفاهيم لا تخرج عن إطار الفئوية والمصالح الفردية على حساب حقوق المواطنة وتكافؤ الفرص والنظام السياسي العادل.

لقد تحوّل مجتمع البحرين في العامين الأخيرين إلى مجموعات متفرقة - بحسب المراقبين - منها «الفئات المنتفعة» القريبة من السلطة التي تدعم مصالحها الفئوية بصورة أنانية وجانب آخر هو تنامي الدوافع التي تعزز الراديكالية في الشارع المُطالب بتغييرات جذرية مختلفة عن تلك التي تطالب بها جمعيات المعارضة المشاركة في جلسات الحوار.

ورغم توتر الأجواء التي زادت حدتها من بعد ذكرى الرابع عشر من فبراير (يوم الخميس الماضي) ونتج عنها قتيلان وإصابة عشرات الجرحى من الجانبين (الشارع وقوات الأمن) فإن أفق الحل السياسي ليس بقريب بسبب غياب الاعتراف بالمشكلة السياسية في البحرين.

والمشكلة السياسية في البحرين ليست وليدة أحداث الربيع العربي التي شهدتها المنطقة العربية قبل عامين ولكنها تمتد إلى عشرينات القرن الماضي بحسب تاريخ الحراك الشعبي الذي يطالب بمطالب لم تتغير كثيراً عما طالب به في مراحل سابقة من تاريخ هذه الجزيرة التي مازالت تشهد اضطراباً سياسياً منذ فترة طويلة عاشها جيل بعد جيل من مختلف الأطياف البحرينية.

وفي هذا الشأن، كتبت تقارير عن المخاوف التي تحيط بالدول الغربية وعلى رأسها الإدارة الأميركية في موضوع البحرين خاصة مع استمرار إنكار المشكلة السياسية وتبنّي الحلول الأمنية؛ إذ أشار تقرير جديد صادر عن مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إلى أن «أولئك الذين يؤكدون أن المخاوف الأميركية بشأن حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية يجب أن تتوارى وراء الواقعية والضرورات الإستراتيجية، سرعان ما يجدون أنفسهم وقد تجاوزتهم أحداث البحرين».

ويضيف التقرير الذي جاء تحت عنوان «الحليف غير الآمن: طريق البحرين المسدود وسياسة الولايات المتحدة» والذي أعده الخبير في شؤون الخليج فريدريك وهري، أنه «بعد عامين من الجمود والتوتر المتفاقم، أصبحت الإصلاحات السياسية في البحرين في حد ذاتها واحدة من الضرورات الإستراتيجية للولايات المتحدة. تدابير حاسمة لدرء مزيد من زعزعة الاستقرار التي يمكن أن تعرض المصالح والأفراد الأميركيين للخطر».

هذا التقرير وغيره يأتي وسط شكوك كبيرة حول آفاق «الحوار» الجديد والحل السياسي بين المعارضة ومختلف مجموعات السلطة التي يبدو أنها مترنحة بسبب غياب الاعتراف بالمشكلة السياسية القائمة في البحرين.

كما أن الاستمرار في إلقاء اللوم على المعارضة على الدوام لا يغير من الواقع شيئاً سوى إنكار المشكلة وتصويرها في إطار ضيِّق ومحدود رغم عمقها. بلاشك بدأت مثل هذه الأمور تؤثر على نواحٍ عديدة من الحياة البحرينية بدءاً من مستوى علاقات الأفراد بين بعضهم البعض وصولاً إلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية خاصة مع تنامي إنكار المشكلة السياسية في مقابل تنامي الراديكالية والعنف التي نجم عنها فوضى سببه احتقان شريحة كبيرة من الشباب الذي يشعر أنه مهمَّش على اعتبارات تقصيه من وجوده كمواطن من المفترض له صوت وحقوق.

لقد «رحبت» واشنطن كغيرها من دول الاتحاد الأوروبي بهذا «الحوار» ولكن لا يبدو أن الحوار مرحب به من قبل شارع الشباب المتمثل في حركة ائتلاف 14 فبراير ولا هو مرحب به من قبل مجموعات الحكومة أو المنتفعة التي تعيش قلقاً هذه الأيام على مستقبل مصالحها التي جنتها من بعد أحداث البحرين قبل عامين.

إن المعارضة اليوم في البحرين تعلم تماماً أن بمشاركتها في الحوار معناه أنها بدأت تخسر الشارع مثل مجموعات الحكومة التي تخاف أن تخسر هي الأخرى مصالحها بينما تبقى السلطة في وضع كما هو غير قابل لتقديم تنازلات قد تقي البحرين من مشهد سياسي مازال مضطرباً قد ينقل البلاد برمتها إلى مرحلة جديدة مليئة بالعنف وبالغضب وهو أمر قد يؤثر على الجميع وهو ما لا قد يتمناه أحد.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3819 - الثلثاء 19 فبراير 2013م الموافق 08 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 4:48 ص

      هذا النظام انكر ان هناك معتقلين راي وحقوقيين وانكر ان هناك قتل وتعذيب وارهاب الى المواطنيين هذا النظام انكر بأن المساجد هدمت وحرق القران هو انكر وزج بالاطباء والمعلمين وبجميع الناس في السجون هو انكر

    • زائر 10 | 4:22 ص

      ابشري

      لأياعزيزتي هذيه المرة سوف تتحقق مطالب الشعب البحريني ولكن أذا شاالله بعديوم غدا وبعد انكشاف وتعري ما يسمون معارضه المعارضه من فزعة الفاتح والذينه خدعوا الناس في يوم الفزعه, فتدرك السلطه بأن هائلاء لأيمثلون احدا الاء مصالحهم الفئويه فبعدها, سوف يرى النور الحوار وتستجيب السلطه الى صوت الشعب كل الشعب.

    • زائر 9 | 3:41 ص

      تصحيح

      اختي العزيزة.. نحن ابناء الفاتح ليس اسمنا جماعات السلطة.. نحن لا نتحرك بالريموت كنترول من ايران مثل بعض الناس..وشكرا

    • زائر 12 زائر 9 | 11:26 ص

      ما شاء الله

      ايران وما ادراك ما ايران.
      الحين وين ايران في السالفه ترى الناس تطالب بحقوقها مو حقوق ايران

    • زائر 8 | 3:37 ص

      من المستفيد من وضع كهذا في البحرين؟

      تقسيم البلاد العربية وتجزئتها هم الهدف للسيطرة عليها وعلى ثرواتها والتقسيم الطائفي في البحرين يصبّ في جيب الأمريكي والبريطاني الذين عقدوا عشرات صفقات السلاح منذ 14 فبراير 2011. إذا فالمنتفع الرئيسي لا يريد لبقرته الحلوب
      ان تكفّ عن الحليب فهو مصدر ارتزاق لهم.
      لذلك مع علمهم القاطع بالتعدي على حقوق الانسان بشكل فاضح الا انهم يقفون وبكل صلافة امام العالم حتى لا يحصل حل في البحرين.
      ويعينهم على ذلك وجود عقليات متخلفة جدا

    • جعفر الخابوري | 3:29 ص

      الحل

      في الواقع تورطت الحكومه مع شعب ذكي صامد لايخاف ولايهاب ولا يتراجع عن حقه ومع معارضه قويه وفطنه لذلك ترى أشاعه أخبار كاذبه وزعزعه للأمن الوطني ولكن من قبل الداخليه نفسها ولكن السؤال هل سيحاسب من يشيع هذه الاخبار الكاذبة

    • زائر 6 | 3:24 ص

      تسويق خلايا أرهابية مو ضابطة

      الكل مو مصدق .. بس قوية قوية على قولة حبيبنا سعد الفرج ودي اصدق. والحكومة مازالت كلما حشرت في زاوية ضيقة وحرج كبير مع الرأي العام وكلما تسأل الشارع البحريني عن الحلول .. لجئت السلطة لأعتقالات عشوائية لشباب وصورت وانتجت مسرحيات مفبركة تشم منها رائحة الكذب والتلفيق وكأنهم لم يقروءا تطور الاحداث في العالم فلم يعد الكذب مطية سهلة ركبوها ومن ثم تسويقها حتى مكون الموالاة لهم . . الكل ينشد الحل الناجع لكنهم مكابرين بصلف وعنت شديداً . وأدخلوا البلاد بالتجنيس السياسي لمعضلة وأعباء عليهم فوق طاقتهم لحلها

    • زائر 4 | 2:00 ص

      الانكار وما ادراك مالانكار

      مشكلة الانكار ليست وليدة اليوم فهي ازلية لدى الانظمة العربية فقد هلك ملوك وسلاطين واباطرة بسببها ولكن لمن تقرأ وتخط
      ونراهم يستوردون من الغرب كل انواع البضائع الا بضاعة الاعتراف بالخطأ والاعتذار

    • زائر 3 | 12:51 ص

      تعترف ولكنها تكابر

      لا أتفق معك من أن الحكومة تنكر المشكلة السياسية في البحرين ، هي تعترف بها ولكن المكابرة وتشجيع الفئات المنتفعة للحكومة بضرورة بقاء الوضع هو لب المشكلة، لو أن الحكومة تبعد الفئات المتمصلحة من الاقتراب من الأزمة وتسكت عقارب الرمل من بث سمومها على الناس وتوقف تحريض الإعلام الرسمي لوجدت حلا جزئيا للأزمة على الأقل. ولكن مشكلة الحكومة أنها تسمع لطرف وتغض السمع عن طرف ، تمتع أناس وتحرم أناس، تقرب فئة وتقصي فئة ، بمعنى أنها حكومة غير عادلة بين شعبها ، هذا الإقصاء والتهميش هو سبب بقاء الأزمة مشتعلة.

    • زائر 2 | 12:23 ص

      مأزق السلطة والموالاة

      كلام سليم وتحليل منطقى . الجميع فى مأزق ولكن مأزق السلطة والموالاة اكبر بكثير . مجرد اعتراف السلطة والموالاة بأن الازمة سياسية , سيحرجهما وسيجبرهما على تقديم تنازلات , وهى فى الحقيقة ليست كذلك انما من وجهة نظر الحكم والموالاة . هى اعادة حقوق مسلوبة الى اصحابها واعنى ( الشعب ) . وهذا بداية لحلحة الازمة .

    • زائر 1 | 12:14 ص

      أضعاف حركة 14 فبراير بإصلاح جذري

      أضعاف حركة 14 فبراير بإحداث تحول حقيقي نحو الديمقراطية و تمكين الشعب من ثروة بلده وطع الطرق أما المفسدين الكبار وإن الإجراءات القمعية ستوسع قاعدة المقتنعين برؤية شباب 14 فبراير

اقرأ ايضاً