العدد 3819 - الثلثاء 19 فبراير 2013م الموافق 08 ربيع الثاني 1434هـ

الوضع الراهن: التحديات والفرص المتاحة

كرباباد

منذ منتصف فبراير الماضي (2001) والبحرين تمر في مرحلة انتقالية نحو أجواء انفتاحية تهدف إلى توسيع المشاركة السياسية وإصلاح الوضع غير الدستوري الماضي من خلال مشروع الميثاق الوطني وتفعيل المواد الدستورية المعطلة. هذه المرحلة الانتقالية تعتبر من أهم المراحل التي مرت بها البحرين في عصرها الحديث. فالمعارضة التي اضطرت للعمل في الخفاء أو في الخارج ورفعت مطالبها بطرق مختلفة وجدت الاستجابة من رأس الهرم المتمثل في سمو الأمير الشيخ حمد بن عيسى آل خلفية لكثير من مطالبها، لاسيما إلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة والإفراج عن المعتقلين وعودة المبعدين والسماح بقدر (لم يكن متوفرا) من حرية التعبير عن الرأي في الندوات العامة والسماح بتشكيل أعداد جيدة نسبيا من الجمعيات الأهلية، وإلغاء الإجراءات التعسفية التي كانت تحد من التقاء المواطنين للحوار حول الشأن العام.

الظروف الحرجة، حجم البحرين، موقعها الاستراتيجي، التوزيع السكاني، طبيعة الحكم، التعدد الاثني والطائفي، تجذر أساليب المعارضة ونشاطها في الخارج والداخل، الوضع الاقتصادي كلها عوامل حرجة ستساعد أو ستعرقل المسيرة الإصلاحية والتصالحية التي بدأها سمو الأمير ولبى من خلالها المطالب الشعبية.

إن المبادئ الأساسية لحياة سياسية عادلة تشتمل على ما يلي:

1. الاعتراف بكرامة الإنسان دون أي تفريق أو تمييز على أسس أثنية، دينية، لغوية، لونية، أو أي أسس أخرى. وفي هذا الصراع استجابة لقوله تعالى "ولقد كرمنا بني آدم".

2. حكم القانون العادل، والصادر عن هيئة تشريعية منتخبة انتخابا حرا. والقانون العادل يعني وجود الضوابط العقلانية.

3. المساواة أمام القانون، وهذا المعنى الحقيقي لمفهوم المواطنة . فالجميع خاضع لقانون واحد دون تمييز.

4. المشاركة الشعبية، والتي تعني أن جميع التشريعات والأنظمة والقرارات يجب أن تنبع من الإجماع العام أو الممارسة النيابية.

5. التسامح وقبول الآخر. فلا وجود لمجتمع ديمقراطي إذا لم يوجد التسامح والتعدد في الأفكار والآراء. والتسامح هو أساس العمل الأهلي.

6. حيوية المجتمع المدني.

التحديات المطروحة أمام المسيرة الإصلاحية كثيرة، ولكن ربما أن أهمها ما يلي:

1. مدى حرية التعبير: فالحوار الوطني يتطلب مدى واسع (ضمن إطار الدستور) للحوار بين مختلف القوى السياسية والفئات الشعبية. لازالت حرية التعبير وضوابطها غير محددة، وربما ان هذا شئ متوقع في مرحلة انتقالية. ولكن نحن بحاجة لمزيد من حرية التعبير ونحن (بحاجة لوضع ضوابط على الصحافة المتوفرة بحيث لا تستخدم لإثارة الأحقاد بين فئات المجتمع. سوف يساعد وجود حرية التعبير ضمن الدستور على تخفيف الضغط الإعلامي الخارجي). فالمواطن الذي يستطيع قراءة ما يهمه من داخل البحرين لن يلجأ لمصادر من خارج البحرين.

2. الطائفية: الطائفية سرطان يسري في المجتمعات ولا تتوقف عن حد. وليست الطائفية استيراد من الاستعمار ولو أن الاستعمار استخدمها ضد شعوبنا. إلا أن الطائفية نهج تتبعه السلطات والقوى السياسية وتتبعه كثير من مناهجنا وأساليبنا التقليدية التي ورثناها أبا عن جد. إن مكافحة الطائفية ليست شعارا يرفع فقط، وإنما هي ممارسة ثقافية يشارك فيها الحاكم وعالم الدين والمثقف والسياسي والمواطن الاعتيادي. نحن بحاجة لثقافة جديدة للقضاء على هذا السرطان. (ينبغي التدقيق كثيرا في الخطاب السياسي العام مع التركيز على حاجات المواطن).

3. القوى السياسية وتحديد الأولويات: لازالت القوى السياسية الرئيسية ترواح في مكانها، ولم تستطع الآن طرح برامجها للحوار العام، كما لم تستطع إشراك أنصارها في إنتاج هذه البرامج. والقوى السياسية تضيع الكثير من الوقت في صغائر الأمور بدلا من ترتيب أوضاعها الداخلية ضمن حدود القانون، وبما يضمن وجود ديمقراطية داخلية ضمن التيار وأنصاره.

4. الهواجس المختلفة: هناك هواجس ومخاوف يطرح هذا الطرف ضد ذلك الطرف. فهناك من يتحدث عن المد الديني واكتساحه لغيره وعدم سماحه للآخر بالعمل على الساحة. وهناك من يطرح بأن المد اليساري الذي لا يحترم الدين ويحاول التغلغل في صفوف الشعب المتدين لنشر ثقافة معادية للدين. هذه الهواجس من شأنها تعريض الحركة الإصلاحية والتصالحية للخطر ما لم تلتفت الرموز والقيادات لما يدور ويقال حولها.

5. المعارضون للإصلاح: هناك الكثير من الفئات التي ترى نهايتها في وجود شفافية ومحاسبة وحركة إصلاحية بالحجم الذي يتحدث عنه الجميع. هؤلاء المعارضون خائفون من انتصار الحركة الإصلاحية مما قد يفتح ملفات معينة. أنا أعتقد أن حكمة القيادة السياسية والقيادات الشعبية بإمكانها طرح معادلات للتسوية دون الدخول في أمور تحيف من يعارض الإصلاح لهذه الأسباب.

6. التركيبة الدستورية الجديدة وكيفية تفعيلها وكيفية مراقبة المرحلة الانتقالية. هناك الان غموض حول الكيفية التي سيتم تغيير الدستور من خلالها، وهل أن التصويت على الميثاق يعني تفويض سمو الأمير وتمكينه من تجاوز الآلية الدستورية المنصوص عليها في المادة 104؟ وهذا الغموض هو أهم التحديات.

7. المرأة ودورها: هل ستسمح الاتجاهات السياسية بدور قيادي للمرأة لتحديد مسار العمل الوطني، أم أن المرأة ستكون تابع منفذ لما يقرره الرجل لها. هذه مسألة هامة وحساسة وستحدد مدى نجاح أي اتجاه للفوز بالانتخابات القادمة.

الفرص المتاحة:

إن لدينا فرصا كثيرة لمواجهة التحديات المذكورة أعلاه، والفرص هي:

1. صغر حجم البحرين وتقارب الناس فيما بينهم ومستوى التعليم مقارنة مع الدول الأخرى والإمكانيات والمهارات المتوفرة.

2. توفر إرادة من أعلى قمة الهرم السياسي للشروع في الإصلاح، ووجود قاعدة شعبية

واعية مرتبطة برموزها الدينية والسياسية.

3. وجود فرصة لتنشيط المجتمع المدني.

العدد 3819 - الثلثاء 19 فبراير 2013م الموافق 08 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً