العدد 3828 - الخميس 28 فبراير 2013م الموافق 17 ربيع الثاني 1434هـ

كشكول مشاركات ورسائل القراء

مصر تنزف... من جديد!

لقد كان التعايش الوطني بين المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير/ كانون الثاني المصرية نموذجاً عملياً لن تكفي الكتب والمقالات والشعارات أن تصفه، لقد كانت حالة اندماجية رائعة بين كل أطياف الشعب المصري لم تشهدها مصر بهذا الشكل منذ حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، ثمة روح جديدة قد نمت بين المصريين بعضهم البعض لم نعهدها في ظل نظام سابق كان يبث الفتنة ويدّعى أنه يقاومها، لكن للأسف سرعان ما بدأت روح الفتنة تنمو مرة أخرى نتيجة حوادث فردية، وثمة فتنة أخرى جديدة بدأت تطفو عندما اتسعت الهوة بين معسكر التيار الإسلامي والليبرالي، وصارت تصنيفات جديدة دخيلة على الشعب المصري الذي اتسمت طبقاته لسنوات بالانصهار مع بعضها من دون تمييز أو تصنيف سياسي أو ايديولوجي.

كما راح الإعلام يضخم الأمور كعادته، وتبدأ رموز وقادة التيارات السياسية المختلفة تنفخ النار لتؤجج المشهد أكثر، وبينما تسيل دماء الشباب والمواطنين على الطرقات ـ سواء بوجه حق أو من دونه ـ فإن الموز تبقى في الغرف المكيفة، وضيوف الفضائيات ومحللوها يبقون على آرائهم القديمة نفسها بالتحليل لصالح ذاك الطرف أو ضده، من دون اعتبار لأن الصدامات قد تتسع لتشمل نطاقات واسعة وينتج عن ذلك خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات لا تحمد عقباها.

إن مثل تلك الأفعال ما هي إلا مقدمات لثورة مضادة لتطيح بما أنجزه الشعب عندما كان يداً واحدة، إن الوطن الآن قد بات في أمس الحاجة إلى توفير جهدنا لنبذله في تعمير الوطن وبنائه، لكننا نتغافل عن البناء والإصلاح ونتجه نحو خلافات لا تحلها الاعتصامات والتظاهرات بل الحوار والنقاش، وفي خضم الأحداث... تحولنا إلى قنابل موقوتة موجودة في الشوارع وعلى الأرصفة ننتظر من ينزع فتيلها كي ننفجر!، أشعر بالحزن لما أراه على شاشات التلفزيون من أحداث شغب وعنف في كل مكان، أشعر وكأن الشاشة قد تحولت إلى مشهد من النيران، حتى إنارة الأعمدة تلهمني إحساساً بالنيران التي تحرق مصر بأكملها، تفجعني رؤية الدماء تسيل مرة أخرى في مرحلة يجب أن تكون مرحلة بناء وإصلاح... وليس هدم وحرق وتخريب، كم هو مفزع أن ترى أخاً لك في الإنسانية (وليس الوطن فقط) يُقتل بجوارك!، إصابات عديدة وقتلى في كل مكان، اعتراضات على أحكام قضائية وحصارات واعتصامات، حرائق وقطع للطرق وللسكك الحديد، إعلام لا يهمه الالتزام بالحيادية والمهنية ورموز تدعى الوطنية والإخلاص على رغم أن الأفعال لا تدل على أي من ذلك، باختصار شديد: إن مصر الآن تنزف، فلا تقتلوها يا أبناء مصر.

ختاما أذكر... أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة الفعالة للتعامل مع الآخر للتفاهم على نقاط تشكل اختلافاً في وجهات النظر، ولو اعتمده الجميع لما كانت هناك تلك الإشكاليات التي تحدث من الحين للآخر، وخصوصاً أن مراجعة كلفة ما تم حرقه والخسائر التي نتجت عن الإضرابات والاعتصامات خلال الفترة الماضية توحي بأن الاستمرار في هذا الطريق لن تؤدى إلا إلى ما هو أسوأ، ومن هنا ينبثق أهمية الحوار لتبادل الآراء فيه، ولو اعتمد الجميع الحوار سبيلاً لما كانت هناك نزاعات سياسية أو دينية وطائفية، صحيح أن الخلافات لن تنتهي... لكن على الأقل سيسلم الوطن ما ينتج عن النزاعات والحرائق، وقديما قالوا: حوار الكلمات أفضل من حوار اللكمات.

أحمد مصطفى الغر


سأظل عنزة ولو طرت

جلست على أريكتها العثمانية المهترئة المهداة لها من والدها في يوم عيد ميلادها العشرين في شقتها الخاوية من أثاثها والدموع تنهار على خديها حسرة وألماً لما آلت إليه أوضاعهما بعد رحيله والفراق يعصر قلبها ولكن فراق ماذا؟ الدلع والثروة والبذخ التي كانت تسبح فيهما تارة تنظر من شرفة شقتها الضيقة ما بقي لها من أملاك والدها التي صودرت بعد رحيله وهي تنفث دخان سيجارتها الثالثة والمطلة على الزقازيق نافذتها للعالم التي تطل على مقهى «عمو جابر» الذي قارب السبعين عاماً وهو في أوج نشاطه وصحته لصدقه في حديثه ومعاملته ونظافة لسانه، حيث لاتزال تتذكر مقولته المشهورة «النظافة في اللسان وليس في اللباس».

مقهاه يتوسط الحي وتتصاعد منه أدخنة وروائح الكباب المشوي على الفحم الذي يمتاز عن غيره وتارة تنظر إلى نفسها وإلى شبابها الذي مضى في قطار العمر ولن يعود ثانية.

اليوم وكما تبدو كأنها بنت الستين عاماً أو نزيلة سجون تمشي على الأرض مثقلة بالذنوب والآثام وجهاز آخر للقلب يحكي نهاية حياتها بدلاً من اللآلئ والذهب المهداة لأبيها غصباً أو سرقة التي صودرت كما كانت سابقاً تتزين بهما وتتدلى من على صدرها دلالاً وتبجحاً كلما خطت خطوة في أروقة فله أبيها الفخمة أو فساتينها المرصعة بالذهب... هداياها التي تهدى لها من المتاجر التي يغلقها والدها لأسباب غامضة والتي تجلب من الهند وتركيا ولا تعد ولا تحصى حيث تهدى لها تقرباً لها وكسباً لود والدها حتى يغض الطرف عنهم كي يتمكنوا من تهريب بضائعهم.

كما هو حادث اليوم في العالم العربي عالم التهريب والتمجيد وتقبيل الذقون لكن اليوم أين هذه المجوهرات واللآلئ؟ والجواب هو «كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين» كل هذه المشاهد والذكريات الحلوة والمرة لازمتها ساعة عودتها من مستشفى القلب حيث ظلت عالقة في فكرها وفي مخيلتها وأسوأها تلك الليلة المشئومة عندما جاء أصحاب الحوانيت إلى والدها يبكون عشاء وهم حفاة يندبون وصدى أصواتهم واستغاثاتهم تعلو وتهبط في أروقة الفيلا حيث كانت تسترق النظر من ثقب باب ديوانيته الكبيرة لمعرفة ما يجري فيها.

كم كانت الصدمة الكبرى لها عندما أبصرتهم جاثمين أمامه على أركابهم يتوسلون منه أن يزيل الشمع الأحمر عن حوانيتهم التي أغلقها عقاباً لهم لعدم تنفيذ أوامره المشبوهة في تقديم الولاء والهدايا له، رباه ما هذا الطاغية؟، رباه هل هذا والدي الذي أحببته وأعجبت به منذ صغري؟. وقد تكون هذه القشة التي قصمت ظهره ولن أنسى ذلك المشهد الذي هز قلبي أكثر من جهاز القلب عندما خر أحدهم على الأرض باكياً داعياً عليه بالله وبحياة أبنائه من؟ «عمو جابر» ذلك المسكين، ولكن لا حياة لمن تنادي لم يلتف إليهم، بل طردهم شر طردة كما طرد والدتي من قلبه، بل ودعهم بالرفاسات وباللعنات.

ظل والدي في تلك الليلة وبعد معركة كسر العظم هذه، كما أتذكرها كئيباً حزيناً ساهراً من دون أن تغمض عيناه كما هي أنوار غرفته ظلت مضاءة حتى الصباح حينما أغلقهما مصيره المحتوم وجشعه غير المحدود ودقات قلبه الذي توقف فجأة عن النبضات ليعلنها عبرة له ولغيره كفى حراماً ونهباً وغصباً كفى ظلماً لحقوق الناس والمستضعفين هذه الليلة التي لن تنسى من مخيلتي أبداً حيث أفقت من نومي على أصوات الجواري والخدم وهم يتهامسون، فيما بينهم وأصوات الباعة والحوانيت المساكين المجاورة لشرفة غرفتها تعلو في الخارج فرحين مستبشرين قائلين: «لقد مات الطاغية... واستراح العباد واستراحت البلاد».

نعم مات بسبب ظلم الناس ونهب حقوقهم وأرزاقهم ولكن هل أنا وأخي ندفع الثمن ما ذنبنا نحن هل نورث خطايا وذنوب والدنا؟ هل ذنبنا نساق كما تساق الماعز للمقصب؟ ومن عز إلى ذل وقبل أن تكمل كلامها جاءها الجواب: نعم يا أختي أنت السبب، لقد استمتعت بأمواله الحرام وذهبه المسروق وهداياه المغصوبة وكنت تتباهين بهما أمام صديقاتك إلى أن صودرت منا... نعم يا أختي ورثت لعنات الناس كما ورثنا الجهل والثروة الفاسدة أو اللقمة الحرام التي دمرت حياتنا وحطمت مستقبلنا فأبناء تورث من آبائهم علم ومعرفة وأبناء تورث من آبائهم أخلاق ومحبة وآخرون أمراض وسرطان وفقر وجهل لكنني سأظل عنزة ولو طرت.

مهدي خليل


دراسة عن أحوال العمالة الهاربة ستنصف الشركات

بدءاً أعلم القارئ الكريم أني لست منحازاً لأي طرف من الأطراف (العمالة الهاربة، أو الكفيل) لكن الوضع المأساوي الذي يعاني منه أصحاب الشركات والمؤسسات جراء هروب العمالة الوافدة التي وصفها المسئولون بـ «السائبة» والذي دعاني للكتابة بحسب فهمي المتواضع واطلاعي لبعض مجريات ألأمور، وما يؤسف له حقاً أني لم أرَ يوماً في الصحافة تصريحاً لأي مسئول يدين هروب هذا العمالة من الشركات والمؤسسات التي استقدمتها للعمل معها وأنفقت أموالاً طائلة لتدريبها، وقد عقدت عليها آمالها وأحلامها، ولكن سرعان ما تبددت هذه الآمال والأحلام حتى أصبحت معانات مؤثرة وجحيم يؤرق أصحاب الشركات والمؤسسات جراء هروب العمالة.

أما ما يدعو للسخرية هو صب اللوم على أصحاب الشركات والمؤسسات المتضررة بسبب الهروب والوقوف مع هذه العمالة التي لم تراعِ قوانين العمل، فاتسعت عملية الهروب، وسببه فقدان المساءلة وإعفاؤهم من جميع الرسوم ما شجعهم على الهروب. وعليه يجب على المسئولين إنصاف أصحاب الشركات المتضررين بوضع دراسة شاملة لهذه الظاهرة ووضع الحلول الجذرية المنصفة للجميع لا الانحياز لجهة دون أخرى، مع مراعاة وجوب معرفة أين كانوا طوال فترة هروبهم وتحميلهم المسئولية كذلك مع إلزامهم بدفع الرسوم.

وغير خافٍ أن هذه العمالة عارفة تماماً بقوانين البلد لأنهم أذكياء وليس كما صوره البعض، ولذا لعبوا على ذقوننا واستغفلونا مستغلين طيبة الشعب البحريني ليس إلا.

عبدالحسين جعفر إبراهيم

العدد 3828 - الخميس 28 فبراير 2013م الموافق 17 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً