العدد 3843 - الجمعة 15 مارس 2013م الموافق 03 جمادى الأولى 1434هـ

نساء الربيع العربي... قضاياهن تخص الجميع

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يظهر القبض على معمر القذافي في ليبيا وقتله، والمظاهرات المستمرة؛ لإنهاء الحكم الظالم لعلي عبدالله صالح في اليمن وبشار الأسد في سورية، والانتخابات الجديدة في تونس، أن هناك شيئاً واحداً لم يتغير في الربيع العربي - هو التغيير نفسه.

يثبت التغيير، حتى في دول الخليج، حيث الطلبات بالإصلاح لم تنادِ بتغيير النظام، أنه أمر لا مناص منه. وقد تركّز معظم اهتمام العالم ليس فقط على التغييرات السياسية في هذه الدول، وإنما كذلك على ما تعنيه هذه التغييرات للمرأة في هذه المنطقة.

كنا أنا وصديقتي وزميلتي، خبيرة الثقافة السكانية المصرية ياسمين مول، نتحدث مؤخراً عن إحباطاتنا بهذا الأسلوب في تأطير هذه القضايا، حيث يبدو أن معنى هذه التغييرات بالنسبة إلى المرأة مختلف إلى حد ما عن معناه للرجل، بأن المرأة هي عرض جانبي لحدث الرجل الرئيسي، وأن الثورات يدفعها الرجل بشكل متأصّل ويسيطر عليها، بينما تُترك المرأة لتلعب في أفضل الحالات أدواراً مساعدة.

يقترح التركيز على «حقوق المرأة» و»قضايا المرأة» أن المرأة تشكل فئة منفصلة لا علاقة لها بالقضايا الوطنية. وعندما يتم تعريف القضايا على أنها تتعلق بالمرأة فقط، يصل العديد من الرجال إلى نتيجة أنه لا سبب لديهم للقلق حولها، وأنه لا يوجد لديهم ما يساهمون به أو يكسبونه.

ليس هناك ما هو أبعد عن الحقيقة من هذا. فالواقع هو أن «قضايا المرأة» هي قضايا للجميع، والنساء ليست أقليات. فالمرأة تشكّل نصف السكان، لذلك؛ فإن حقوق المرأة ومسئولياتها ليست قضايا بسيطة وإنّما هي قضايا وطنية. ويشكّل أسلوب معاملة المرأة في عيون الدولة والقانون قضية مواطَنة وليس قضية نسائية. ويتطلب ضمان اشتمال المرأة كمواطنة دعم الشخصيات الذكورية العامة وعملهم الناشط.

يُظهر تحليل الثورات المختلفة أن المرأة لعبت أدواراً مهمة كقائدة ومنظِّمة، وكذلك كمتظاهرة وموفّرة للدعم الفني واللوجستي. وتقدّر المنظمات المصرية غير الحكومية أن 40 في المئة من المتظاهرين في ميدان التحرير كن من النساء.

وفي اليمن؛ أدت المطالبات السلمية بوضع حدٍّ لنظام علي عبدالله صالح إلى فوز توكّل كرمان بجائزة نوبل للسلام للعام 2011. وقد انطلقت ثورة ليبيا نتيجة جهود مجموعة من النساء المحاميات. فيما بدأت النساء السوريات المظاهرات ضد الأسد بتنظيم اعتصامات في الشوارع الرئيسية.

وفي الخليج، كسبت النساء السعوديات حقهن في التصويت والترشّح للمناصب العامة، وأن يصبحن عضوات بشكل كامل في مجلس الشورى من خلال إثبات قيمتهن كمهنيات وموظفات وطالبات وناشطات، وكذلك زوجات وأمهات.

يجّب النظر إلى الأمثلة القوية للنساء في الربيع العربي ليس على أنه حدث استثنائي غير طبيعي، وإنما كسبيل اعتيادي ومقبول للنساء من جميع مناحي الحياة، للظهور والمشاركة في المساحة العامة والتعامل مع قضايا ذات اهتمام وطني.

لقد خرجت العلمانيات والناشطات الإسلاميات السياسيات، المحجبات وغير المحجبات، المحافِظات والليبراليات، والمهنيات وربات البيوت على حد سواء إلى الشوارع، مثبتاتٍ أن القضايا لا تقتصر على مجموعة أو عقيدة أو نظرة واحدة.

لا يحرم تحديد إنجازات المرأة ووصولها إلى دهاليز السلطة وصنع القرار الأمة من أصوات نصف سكانها فقط، لكنه يحدد كذلك رؤية الجميع للشكل الذي يجب أن تتخذه الأمة وكيف يجب أن تعمل.

إذا كانت هناك رسالة واضحة واحدة من الربيع العربي؛ فهي كما يأتي: الشعب، رجالاً ونساءً، لم يعد مستعدّاً لأن يكون سلبياً. إنهم عملاء تغيير ناشطون يعرفون حقوقهم وليسوا خائفين من المطالبة والعمل به وحتى الموت من أجله.

وسيستمرون، كما نأمل، في الوقوف معاً بينما تأتي حكومات جديدة إلى السلطة. أي شيء أقل من ذلك يسلب الدولة من الأصوات والعملاء الذين أوجدوها.

نأمل، أنا وياسمين، أن يعطي الإعلام اهتماماً صحيحاً لدور المرأة القوي الذي لعبته وتستمر في لعبه، ليس فقط في الثورات وإنّما كذلك في العمل الجاد والمضني في بناء الدولة الذي ينتظر مستقبلاً. نحن بحاجة إلى أن نستمر بالنظر إلى المرأة واعتبارها عامل تغيير، ومشارِكة في إدارة الدولة حتى نستمر في الإيمان بأن كليهما ممكن ومرغوب به.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3843 - الجمعة 15 مارس 2013م الموافق 03 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً