لا يزال الغموض يخيم اليوم الثلثاء (26 مارس / آذار 2013) على موعد اعادة فتح البنوك القبرصية المغلقة منذ 16 اذار/مارس بهدف منع هروب الرساميل، في حين اعلن رئيس ادارة بنك قبرص الثاني في البلاد استقالته.

واعلن حاكم البنك المركزي القبرصي بانيكوس ديمترياديس الثلاثاء ان "جهدا جبارا يتم بذله لتفتح المصارف ابوابها الخميس" بعد 12 يوما من الاغلاق.

واضاف ديمترياديس "كل يوم يمر والبنوك مغلقة، تتراجع فيها ثقة الناس وهم يرغبون بسحب اموالهم، ولذلك نحن مضطرون لفرض قيود" على حركة الرساميل في كل البنوك، لكنه قال انها لن تكون قاسية.

ولكن الصعوبة التي تواجهها السلطات المالية هي في ضمان صلابة بنك قبرص، اكبر بنوك البلاد، الذي سيتم اقتطاع 40% من ودائعه التي تفوق 100 الف يورو، كما اكد ديمترياديس.

وقال حاكم البنك المركزي "نسعى لانقاذ بنك قبرص واعادة رسملته لاعادته قويا كما كان، لانه كان في وضع صعب".

ودافع وزير المالية ميخائيل ساريس وديمترياديس عن صفقة انقاذ بقيمة عشرة مليارات يورو تم التوصل اليها فجر الاثنين مع الدائنين في بروكسل وتنص على اعادة هيكلة المصارف، ومنها بنك لايكي، ثاني بنوك البلاد الذي ستتم تصفيته.

وقال ديمترياديس ان عدم "التوقيع على الصفقة الاثنين كان سيعني افلاس قبرص" وخروجها من منطقة اليورو الذي قال انه كان سيكون "كارثة بكل معنى الكلمة، لا نريد حتى تصورها" من الناحية الاقتصادية والسياسية.

وقال وزير المالية ان النشاط الاقتصادي في قبرص "سينخفض بصورة كبيرة" ولكن الجزيرة يمكنها ان تعول على الاستثمار في الطاقة والغاز الطبيعي المكتشف قبالة سواحلها و"ستنهض من جديد".

ويفترض ان يؤلف الرئيس نيكوس اناستاسيادس لجنة تضم خبراء ونوابا ووزراء لمواجهة الازمة، ستجتمع الاربعاء سعيا لخفض تعرفة استهلاك الكهرباء الباهظة في الجزيرة المتوسطية.

في هذه الاثناء اعلنت الحكومة انها ستشكل لجنة لتحديد المسؤوليات عن "الفاجعة الاقتصادية غير المسبوقة"، كما قال الناطق باسمها خريستوس ستيليانيدس.

وتاجل فتح البنوك عدة مرات خشية هروب كثيف للرساميل وخصوصا الاجنبية.

ويسيطر التوتر على العاصمة نيقوسيا حيث تم نشر حراس امام بعض البنوك.

وخلال النهار، تظاهر نحو الف من طلبة المدارس في وسط نيقوسيا احتجاجا على "الاخطاء التي يرتكبها السياسيون، في حين ندفع نحن الثمن"، كما قالت الطالبة ايفا يريدو (17 عاما).

والثلاثاء، تظاهر نحو 200 من اصل 3200 موظف في بنك قبرص امام مقر البنك المركزي.

وقالت احدى المتظاهرات وتدعى سوتيرولا بابايوانو "نحن هنا لتاييد المسؤولين عن بنك قبرص بحيث يبقون ممسكين بزمام الامور في المصرف. لا نريد شخصا من الخارج يتخذ القرارات عنا من دون استشارتنا".

وقالت مواقع قبرصية الكترونية ان رئيس مجلس ادارة بنك قبرص اندرياس ارتيميس استقال رفضا لالية استيعاب بنك قبرص لمصرف لايكي ولقرار البنك المركزي القبرصي تعيين مسؤول مكلف اعادة هيكلة بنك قبرص من دون ابلاغ مجلس ادارته.

ورفض مجلس ادارة بنك قبرص استقالة رئيسه.

وفي بيان اصدره، اكد البنك المركزي انه لم يتم تعيين المسؤول المذكور لتصفية بنك قبرص، كما هي الحال مع مصرف لايكي، بل لتنفيذ الية اعادة رسملة البنك.

ولا يسمح لعملاء بنك لايكي وبنك قبرص سوى سحب 100 يورو يوميا من اجهزة السحب الالية.

وخفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني درجة "بنك قبرص" و"بنك لايكي" الى فئة "التخلف عن السداد" ووضعت "بنك هيلينيك" ثالث اكبر بنوك الجزيرة على لائحة المراقبة السلبية.

وتهدد الازمة الشركات القبرصية وخصوصا الصغيرة التي قد يعلن بعضها الافلاس سريعا، وفق غرفة التجارة القبرصية.

ويتوقع ان تعاني العديد من الشركات الروسية الصغيرة التي تقوم بتحويل اموالها عبر قبرص لاسباب ضريبية، بسبب شلل القطاع المصرفي.

وكانت ردود فعل البورصات العالمية هادئة الثلاثاء بعد تصريحات رئيس يوروغروب يورن ديسلبلويوم المثيرة للجدل.

واغلقت البورصات الاوروبية الرئيسية بارتفاع طفيف ما عدا بورصات مدريد وميلانو واثينا التي سجلت انخفاضا قارب 5%. ويخشى المستثمرون في اثينا من تبعات استحواذ بنك بيريوس المحلي على الفروع اليونانية لبنوك قبرص.

وتأرجح اليورو حول 1,2850 دولار في اخر النهار.

واثار وزير المالية الهولندي يورين ديسلبلويم الجدل عندما قال ان صفقة قبرص يمكن ان تشكل اساسا لصفقات انقاذ مستقبلية. لكنه تراجع بعدها عن تصريحاته.

وشرح الوزير الهولندي في ما بعد ان قبرص "حالة خاصة" لكن العضو في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الاوروبي بينوا كور قال الثلاثاء ان ديسلبليوم "اخطأ" في الادلاء بتلك التعليقات.

وقال بنك بيريوس اليوناني الثلاثاء انه وقع اتفاقا للاستحواذ على كافة الودائع والقروض والفروع المملوكة لفروعه القبرصية الثلاثة.

وتراجعت الاسهم اليونانية بنسبة 4,58 بالمئة في تعاملات منتصف النهار غير ان الاسواق الاوروبية ارتفعت في غالبيتها وانتعش اليورو بعد اربعة اشهر من انخفاض قيمته امام الدولار، فيما كانت ردود افعال الاسواق الاسيوية مختلطة.

وكانت الاسواق المالية تراجعت في اليوم السابق اثر تعليقات لرئيس يوروغروب.

ورغم ان الاقتصاد القبرصي لا يمثل اكثر من 0,2 بالمئة من اقتصاد كل دول منطقة اليورو، الا ان الازمة في الجزيرة تهدد بتجدد القلق ازاء العملة الاوروبية الموحدة بعد تقديم صفقات انقاذ لاربع دول اخرى.

والموقع الاستراتيجي لقبرص والقاعدتان العسكريتان البريطانيتان على ارضها والتوتر مع شمال الجزيرة الذي تحتله تركيا، اعطت بعدا جديدا لهذه الازمة.