العدد 3857 - الجمعة 29 مارس 2013م الموافق 17 جمادى الأولى 1434هـ

يوم انضممت إلى الكاثوليكيين في الصيام الكبير

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

انضممت إلى احتفالات الصيام الكبير السنوية في كنيسة عمّاد السيد المسيح الكاثوليكية البيزنطية في أحد أيام الجمعة الشهر الماضي في أنانديل بولاية فرجينيا. لم يزعجْني الصيام عن تناول اللحوم طوال اليوم، ثم الاستمتاع بوجبة عشاء ضخمة من المعجنات المحشوة بالجبن، تقدمها امرأة سألت ببهجة إذا كنت أريد المزيد من كل شيء، فأجبتها: نعم. ثم المزيد من الزبدة؟ نعم. والمزيد من البصل المفروم بالزبدة؟. نعم، بالتأكيد.

رغم أن الفوائد الصحية كانت عرضة للتساؤل، إلا أن الفوائد الروحانية لم تكن بالتأكيد. شاركت في ذلك اليوم غير المسلمين في ممارسة، رغم كونها مختلفة عن الصيام في الإسلام، إلا أن لها نفس الجذور والتقاليد، ذكرتني بمدى اشتراك الكثير من تقاليدنا الدينية بأمور عديدة.

شاركت في العديد من المناسبات الدينية غير الإسلامية منذ قدومي إلى واشنطن العام 1980. حتى يتسنى لي اكتشاف الديانات المختلفة وتعليم أطفالي الثلاثة أن يكونوا منفتحين للديانات الأخرى، رافقتهم إلى كنائس ومعابد يهودية وهندوسية وسيخية وبوذية عندما كانوا صغاراً، ولكنني لم أزر من قبل كنيسة أثناء الصيام الكبير، حتى هذه السنة.

الصيام الكبير هو فترة أربعين يوماً بين أربعاء الرماد وأحد الفصح في التقويم الغرب، ويقع هذه السنة بين 13 فبراير/ شباط و31 مارس/آذار. وتمثل هذه الفترة صيام السيد المسيح في الصحراء حيث تعرّض للتجربة من قبل الشيطان.

تجمّع آلاف الناس في قاعة الطعام الواسعة التابعة للكنيسة، وساعد متطوعون في إعداد الطعام وتقديمه وفي التنظيف. ذكّرني المنظر بطفولتي في قرية واديحاج شمال السودان حيث ولدْت ونشأت. كان القرويون يأخذون الطعام إلى المسجد حيث يتشاركون بكل شيء كمجتمع محلي صغير بعد يوم صيام طويل.

ألقى الأب إلمر بيكاريك، صلاة قصيرة قبل تقديم الطعام. لم يكن الأمر يتعلق بالطعام فقط في قريتي. بعد أن ينهي الصائمون صيامهم بتناول حبة تمر والقليل من الماء، يقفون جميعاً للصلاة.

يمتد الصيام الكبير بالنسبة لبعض المسيحيين أربعين يوماً يصومون فيها عن تناول المنتجات الحيوانية، بما فيها البيض والحليب والجبنة. بالنسبة للبعض الآخر، يتم استثناء السمك، بينما يصوم آخرون عن اللحوم لمدة يومين في الأسبوع، وهي عادة مارستها الكنيسة الكاثوليكية البيزنطية. وفي ممارسة شائعة أخرى، يختار بعض المسيحيين شيئاً معيّناً محبّباً لديهم ويمتنعون عنه طوال فترة الصيام، مثل الشوكولاتة أو حتى الفيسبوك.

بينما جلست أستمتع بمعجنات الجبن في قاعة الطعام بالكنيسة، تساءل رجل كبير في السن من بلغاريا، إذا كان باستطاعته الانضمام إلي. وهكذا بدأ بيننا حديث متبادل غير رسمي حول الصيام في تقاليدنا الدينية المختلفة.

شكا صديقي الجديد من العدد القليل من المسيحيين الذين يصومون هذه الأيام، وقال متذمراً: «يقول بعض الأميركيين أنهم يصومون عن تناول الشوكولاتة وغيرها من مظاهر الترف». ثم بدأ يستذكر الصيام يوم كان مراهقاً في بلغاريا، ووصف مازحاً النزعة ما قبل الصيام الكبير للاستهلاك الزائد، بشكل أقل قليلاً ولكنه مماثل في النوايا لاحتفالات الماردي غرا ما قبل الصيام في الولايات المتحدة.

حان دوري للحديث عن الصيام في شهر رمضان، حيث يمتنع المسلمون عن الطعام والشراب لمدة شهر واحد، من الفجر وحتى الغروب، وشرحْت له أن القرآن يقول «يا أيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كُتِب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، (البقرة، 183). كما أخبرته كيف يتحدث الكتاب الكريم عن صيام السيد المسيح لمدة أربعين يوماً، وكيف كان النبي محمد (ص) يصوم مع اليهود احتفالاً بخروجهم من مصر. يختار العديد من المسلمين السنّة اليوم الصيام في ذلك اليوم والمعروف بيوم عاشوراء بسبب تلك الحقيقة. وبالنسبة للمسلمين الشيعة، يشكّل يوم عاشوراء يوم استشهاد الإمام الحسين.

حان الوقت في كنيسة الكاثوليكيين للتوقف عن الكلام والطعام من أجل الصلاة، تماماً مثل صلاة التراويح خلال شهر رمضان. عرّفني صديقي على القس بيكاريك، الذي أخذني من صالة الطعام إلى الكنيسة الرئيسية، وقد رحّب بي القس وغيره من رجال الدين والمصلّين ودعوني للانضمام إليهم، وسألوني إذا كنت كاثوليكياً، فقط لأن غير الكاثوليكي لا يتناول القربان.

اعتذر القس لأني دفعت ثمن الطعام، قائلاً إنني ضيف الكنيسة، وإنهم يتشرفون باستضافتي. ذكّرني ذلك مرة أخرى بقريتي في السودان عندما كان الماروّن سيراً على الأقدام أو ركوباً على الحمير، يُدعون، أحياناً بالضغط عليهم، لمشاركة القرويين طعامهم. استدرْتُ لأغادر مع انتهاء الحفل. رغم أن الشعائر الكاثوليكية تختلف عن الشعائر الإسلامية، إلا أن العديد منها متماثل، وغمرني شعور بمحاولاتنا الإنسانية المشتركة للتقرب من الذات الإلهية.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3857 - الجمعة 29 مارس 2013م الموافق 17 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً