العدد 3892 - الجمعة 03 مايو 2013م الموافق 22 جمادى الآخرة 1434هـ

رد أميركا على المأساة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

مرّ أسبوع صعب على مدينة بوسطن. أقمْتُ أنا، المولود في نيويورك، في هذه المدينة لمدة تزيد على أربعين سنة. أنشأنا أنا وزوجتي ثلاثة أولاد اعتادوا على تناول المشروبات الغازية والفول السوداني في مدرجات فينوي بارك، وتشجيع فريق السيلتيك في بوسطن غاردن، ووقفنا معاً منذ سنوات عديدة في شهر أبريل/ نيسان من كل سنة لتشجيع أعدادٍ لا تحصى من العدّائين من دول عديدة، يركضون نحو خط النهاية في ماراثون بوسطن العظيم.

لقد تلطّخت هذه الذكريات الدافئة الآن. تركتْنا أحداث الأسبوع الماضي المرعبة وقد أصبْنا بالدوار نتيجةً لومضات من العنف الأحمق. وقعت بغداد وأوكلاهوما سيتي ومومباي وكابول وموسكو وكولومباين ولندن ونيوتن، وأماكن أخرى عديدة حول العالم، ضحيةً لأعمال إرهابية من نوع أو آخر. والآن، ويا للحزن، تنضم بوسطن لهذه المدن. ما هو المنطق الملتوي الذي ألهم، أو ما هي الصدمة المخفية، التي يمكن أن تدفع أي إنسان لإيقاع هذا الدمار العشوائي على حياة الأبرياء؟ واليوم، غدا أحد المتهمين ميّتاً والآخر مصاباً في المستشفى بقبضة قوات الأمن. ويبقى السؤال يقفز متعجباً: لماذا؟

ليس الأمر مهماً من ناحية. بغضّ النظر عن القوة المحفّزة، فقد وقع الضرر وأُوقِعَت الجراح على الأسر والمجتمعات، وفي كل واحدة من الحالات، لا يوجد مبرر وراء ما حدث. نهتم رغم ذلك بالسبب، لأننا نبحث عن دروس ونتساءل ما الذي نستطيع أن نفعله، إذا كان هناك شيء نفعله، لمنع كارثة مقبلة كهذه.

بعد يومين من تفجيرات ماراثون بوسطن، قابلت محطة الإذاعة الوطنية العامة جيف غرينبرغ، العالم النفسي من جامعة أريزونا، الذي يدرس كيف يتجاوب الناس مع الأحداث التي تجبرهم على مواجهة حقيقة فنائهم... يقول: «عندما يتفاعل الموت قريباً من الوعي، يصبح الناس أقرب إلى (نحن ضدهم)، ويصبحون دفاعيين عن منظومة معتقداهم، وإيجابيين حيال هؤلاء الذين ينتمون إليهم، وأكثر سلبية تجاه هؤلاء الذين يتبنّون منظومة معتقدات مختلفة».

يقبع هذا التوجه البشري هناك، في أعقاب أحداث الأسبوع الماضي. لقد تعلّمنا أن المتّهمين بهذه الأعمال الشنيعة يوم 15 أبريل عرّفا نفسيهما بأنهما مسلمان. رداً على ذلك، اختار البعض نَبْذ، بل حتى الحطّ من قدر الجالية الدينية بمجملها، رغم أننا سمعنا من قادة دينيين في بوسطن وما وراءها، بأن هذه الأعمال جرائم، ببساطة، ولا مبرر لها من جانب العقيدة الإسلامية.

من بين الدروس العديدة من أحداث ذلك الأسبوع ما يلي: مهمّتنا هي منع هذا النوع من إلقاء اللوم ووصم مجموعةٍ بأكملها بسبب الأعمال عديمة الضمير التي تقوم بها قلة. لا يمكن ببساطة تبرير الشيطنة الجماعية للآخر على أنها تخدم قضية الأمن والعدالة والتفاهم الإنساني أو أية قيمة أخرى.

جاءت هذه الرسالة واضحةً عاليةً في صلاة متعددة الديانات في ذكرى الضحايا، عقدت يوم 18 أبريل في منطقة ساوث إند ببوسطن. تجمّع أكثر من ألفي شخص وأصغوا لقادة دينيين مسيحيين ويهود ومسلمين، انضم إليهم عمدة مدينة بوسطن، توم مينينو، وحاكم ولاية مساتشوسيتس ديفال باتريك، وألقى الرئيس باراك أوباما كلمات تعزية وإلهام.

جرى تذكيرنا بأنه لا يمكن لنا أن نسمح لحقد شخص آخر أن يجعلنا حاقدين، وبأن مهمتنا الاشفاء وإعادة البناء، توحدنا إنسانيتنا المشتركة. جرى تذكيرنا بأن وحدتنا المجتمعية لا تعرَّف عن طريق العنف أو الحقد أو الخوف، وإنّما عن طريق الحب والكرم كما رأينا، على سبيل المثال في أعمال هؤلاء المشاهدين الأبطال، وأوائل المنقذين الذين ركضوا باتجاه الخطر وليس بعيداً عنه، وقاموا بإغاثة هؤلاء الذين أصيبوا نتيجة للتفجيرات. كما سمعنا صدى ذلك الموضوع: أن معضلة الشر هي أنها تلهم الخير، وقد توحدنا في تنوعنا.

استذكر باتريك كلمات مارثن لوثر كينغ: «لا يستطيع الظلام إبعاد الظلام، لا يمكن إلا للنور أن يفعل ذلك». كما قال أوباما زاجراً: «سوف نختار الرحمة في وجه القسوة... سوف نختار الصداقة، سوف نختار الحب». هل يستطيع أيٌّ منّا أن يشك أن اليد الممتدة تستطيع على الأرجح تشجيع العقل المنفتح، والقلب المنفتح لدى «الآخر»، مقارنةً بالقبضة المشدودة؟

سوف نفقد الموضوع وبشكل كامل إذا سمحنا لأعمال المتطرفين أن تركّزنا في زاوية كل منا الخاصة. سوف يكسبون إذا قمنا بتسميم مجتمعنا رداً على أعمالهم من خلال نبذ هؤلاء الذين تختلف ثقافتهم أو معتقداتهم عن ثقافتنا أو معتقداتنا، بدلاً من إشراكهم.

هذا سباق نحتاج، هنا في بوسطن، ولكن ليس فقط في بوسطن، أن نركضه ونفوز به معاً.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3892 - الجمعة 03 مايو 2013م الموافق 22 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:36 ص

      انه الفكر المنحرف التي تحميه امريكا سيدي الكاتب

      هل ستقرا تعليقي اتمنى ذلك واقول من يحمي تلك المجاميع الارهابية التي تدمر وتقتل دون وازع من ضمير هي بلدكم العظيم هي تعرف اين الداء وتعرف الدواء ولكنها مستفيده منه فعليه تسكت وحتى وان اصابها القليل من الضرر واقول هو الحمايةالتي تقدمها امريكا لدولة تمول وتدعم اصحاب الفكر المنحرف

اقرأ ايضاً