العدد 3914 - السبت 25 مايو 2013م الموافق 15 رجب 1434هـ

ناقة صالح كانت لهم آية... فعقروها

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

«قال لهم صالح ياقَومِ هذِهِ ناقةُ اللهِ لكُم آيةً» (هود، 64)، ناقة ليست عادية أضافها الله لنفسه فكانت لها القداسة والتشريف، فكما يقال بيت الله، أيام الله، كتاب الله، قيل لها ناقة الله، فارتبطت بالله وحده، لكنهم وحدهم الذين لا يوقفهم حقدهم وطغيانهم أن ينالوا من كل رمز حتى ولو كانت الناقة، لأنها تذكرهم بضعفهم، فعقروها ليكسروا الحق، فما بالكم برجال اقترنوا بالله عملاً وقولاً، فهل يتركهم الجاحدون؟

ثمود قومٌ من عرب الجزيرة، سكنوا الحجر الذي بين الحجاز وتبوك، والتي عُرفت بمدائن صالح لقوله تعالى «وثمود الذين جابوا الصخر بالواد» (9، الفجر). ويعتبر قوم ثمود من الأقوام الأقوياء المرفهين «أَتُتْرَكونَ في ما هاهُنا آمِنِينَ. في جنَّاتٍ وعُُيونٍ، وزُرُوعٍ ونخْلٍ طلْعُها هضيمٌ. وتنْحِتون من الجبالِ بيوتاً فارهين) (الشعراء، 145- 184). جاءهم من قومهم صالح مرسلاً من الله، وكانوا عتاة قساة مفسدين، فذكّرهم: «فاذكروا آلاءَ الهِ. ولا تَعْثََوا في الأرْضِ مُفسِدين (الأعراف، 74). لكن الرد» «قال الذينَ استَكبروا إِنّا بالذي آمَنْتُم به كافرون» (الأعراف، 76). فكرهوا صالح لأنه الحق الذي يفضح فسادهم ويقف دون مصالحهم، فقرّروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته، فلابد من إنهاء دعوة صالح، فأين تكمن قوته ومبدأ صدق دعوته؟ إنها الناقة، التي كانت تسقيهم جميعاً من حليبها بسخاء؟ فتركزت عليها الكراهية، لأنها تشاركهم الماء، فاجتمع كبار القوم يتشاورون، ما الحيلة؟ فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة، فمن يجرؤ على قتل الناقة؟ واجتمع أشراف القوم «وكان في المدينةِ تِسْعَةُ رهْطٍ يُفسِدونَ في الأرضِ ولا يُصْلِحُون، قَالوا تَقَاسَمُوا بالهِه لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهلَهُ ثُمَّ لنقولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وإنَّا لَصادقون» (النمل، 48-49). وتعاهدوا على التصفية «فنَادَوا صاحبَهُم فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (القمر، 29)، ومرّت ثلاثة أيام على قوم صالح دون عذاب وهم ينتظرونه باستهزاء، حتى «فَأَخذْنهُمُ الصيحةُ مُصْبِحِين. فما أغْنَى عنهم ما كانوا يَكْسِبُونَ» (الحجر، 83-84). وهكذا كانت نهاية الاستبداد الذي يلجأ لإنهاء الصراع إلى القمع والتصفية على الحوار وإلقاء الحجة بالحجة.

ثمود من أكثر الأقوام ذكراً في القرآن، وقد ورد ذكرهم في سور الأعراف، الشعراء، النمل، حم السجدة، اقتربت، الشمس، النجم، براءة، الفرقان، الفجر، إبراهيم، وسورتي (ص) و(ق)، وكان ذكرهم كثيراً ما يقترن بطغيانهم وسوء عاقبتهم. وكانت ثمود عنواناً للاستبداد المرتكز على السلطة المطلقة والثروة، حيث يخنق صناع الفساد صوت الحق وأهله، لأن صدورهم تضيق بالمُصلِحين.

يخطئ من يظن أن عاداً وثمود قومٌ بادوا ولم يستحضر مثلهم، فهم قوم اعتادوا على القوة والتصفية دون إيجاد الأرضية المشتركة، تخلوا عن إنسانيتهم، وحسبوا السيادة أن يكونوا فوق كل شيء. وترفض الحضارة الإنسانية والرقي الروحي أن يكون الفكر المستبد الذي لا يجد في الحياة إلا هو الأعلى، بأن يسود في العلاقات. فالحياة البشرية يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل والاعتراف بالآخر وبالكرامة حتى وإن اختلفنا. هكذا نفهمها، إما الانتقام الذي يطول المصلحين فهذا ما لا نعيه ونرفضه.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3914 - السبت 25 مايو 2013م الموافق 15 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:07 ص

      الحشاشه والعقارة في سمعة الناس وبلي بلي بل بللي

      الأمثال الي ضربت للناس بدون عصايه منها النوق العصافير والكرم الحاتمي الذي عرفه التاريخ ويذكر بكرم حاتم طيء، أما قعر ناقة صالح وعقرالجمل في موقعة الجمل لا تذكر الا بالفقر، والفقر مو رجل. فليس مكانة الكرم كما مكانة عقر الجمل أو عقر الناقه.. لكن تطلع الفوله لامها عقارة بقارة في سمعة إفلان و علان تخلق حاله من البلبله والغليان والغيره والحسد بين الناس يمكن سببها الرجيم وبلاسته وسلطانه على الناس موقليل. أليس كذالك؟

    • زائر 3 | 1:49 ص

      عقاقير وأدويه عن العقره في الناس

      عقره بقره وكله عقره
      عقر الناقه عقره والعقر في خلق الله بعد عقره، لكن الناس تستنكر عقر الناقة وتعقر في بعض.. ليش ما ندري؟ سمعت الناس والمساس بأعراضهم مو حرام عند الناس؟
      أو التجسس ما ياسوي عقره في الناس والضن فيهم ضن السوؤ .. أليسا إثم؟

    • زائر 2 | 1:07 ص

      رائع

      مقال أكثر من رائع

    • زائر 1 | 10:47 م

      وقالوا من اشد منا قوة

      التباهي بالقوة نراه كل يوم استقبل فلان فلان -تخريج كذا في مجال كذا - تكريم الفرقة - تعاون بين القوى الامنية بين دولة كذا وكذا هذا هو المراد من اشد منا قوة الشيء الذي لم ولن يفهموه هو الله الذي خلقهم هو اشد منهم قوة ومن يستند اليه يكتسب القوة ان تنصروا الله ينصركم .....سعيد جعفر الديهي

اقرأ ايضاً