العدد 3921 - السبت 01 يونيو 2013م الموافق 22 رجب 1434هـ

الديكتاتوريون المعاصرون ومقاومة التغيير

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

قراءة التاريخ لمختلف شعوب العالم هي قراءة لا تخلو من المتعة كما لا يكف المرء عن البحث عن نتائج التجارب التي تسير نحوها تلك الأمم من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، في أجزاء مختلفة من بلدان العالم.

نهايات الألم كثيرة كما هي نهايات الديكتاتوريين الذين لم يعترفوا حتى آخر لحظة في حياتهم، بحجم الجرائم التي ارتكبوها، ولهذا فإن كل ديكتاتور وطاغية ينتهي في الغالب بنهايات متشابهة، لأن الغطرسة والعناد هما ما يقودان إلى تلك النهايات التي تأتي من رحم الشارع الجائع المقهور المعذب.

وما حدث من متغيرات سياسية في دول أوروبا الشرقية تحديداً منذ مطلع التسعينيات، هو نتيجة متوقعة لتلك السياسات القاهرة ضد الناس التوّاقة للخروج من قبضة الظلم إلى متنفس يحفظ كرامتهم ويطلق العنان لحريتهم المسلوبة. وهو الأمر الذي حصل قبل عامين مع انطلاق الربيع العربي فيما بعد إلى مرحلة صحوة عربية، والآن إلى مرحلة انقسام مجتمعي بسبب الصراع بين التغيير ومقاومته، وبين الديمقراطية والديكتاتورية، وبين الاسلام والعلمانية، وبين العرق والطائفة، في ممارسات واضحة لإجهاض ما نادت به ثورات واحتجاجات مرحلة الربيع العربي.

وهناك الكثير من المؤلفات التي كتبت حول هذا الموضوع، وكان آخرها كتاب بعنوان «الديكتاتور يتعلم كيف ينحني فى المعركة العالمية من أجل الديمقراطية»، من تأليف رئيس تحرير مجلة «فورن افيرز» الأميركية وليام دوبسون ، الذى قطع مسافة 93 ألف ميل في رحلات حول العالم، قابل خلالها عشرات الأشخاص من أنصار النظم الحاكمة، ومن المعارضة، لكي يخرج بدراسة ميدانية على الطبيعة حول الوضع في الوقت الراهن بين الحكام الديكتاتوريين وبين الشعوب المكافحة من أجل الديمقراطية.

ويقول المؤلف فى كتابه الذي استعرضه موقع الأهرام الرقمي «إننا نشهد لحظة فارقة في حرب بين الحكام الديكتاتوريين وبين الديمقراطية التي تتمثل في موجات من الاحتجاجات وسقوط بعض الديكتاتوريين في المنطقة. وهناك من يتوقعون أن تكون انتفاضات الربيع العربي جزءًا من الموجة الرابعة للديمقراطية في العالم، وكانت الموجة الأولى لانتشار الديمقراطية قد بدأت بعد الحرب العالمية الثانية العام 1945 في دول العالم، والثانية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي العام 1991 وسقوط الأنظمة الشمولية في أوروبا الشرقية، أما الموجة الثالثة فقد بدأت بزيادة عدد الدول، خصوصاً في آسيا، التي طبقت الديمقراطية بعد النجاح الاقتصادي الذي حققته».

ويضيف المؤلف انه «خلال الموجة الرابعة ومع زيادة الحركات الاحتجاجية، تزايدت وتيرة تبادل المعلومات والتقنيات بين الحركات وبدأت تتعلم من بعضها كيفية استخدام الأساليب المختلفة للتغلب على أنظمة الحكم الديكتاتورية، وفى الوقت نفسه فإن الأنظمة الديكتاتورية الباقية في الحكم أخذت هي الأخرى تطوّر من أساليب تعاملها مع شعوبها بطريقةٍ مخادعةٍ لكي تبقى في الحكم».

ويعطي المؤلف أمثلة على ذلك بما حدث من وجهة نظره فى روسيا وفنزويلا والصين، إذ دأبت هذه الأنظمة على مغازلة شعوبها باستخدام شعارات خادعة مثل الحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وحكم القانون، في حين أنهم كانوا يحرصون على إجراء الانتخابات بطريقة يستخدمون فيها سلطات الحكم لضمان فوزهم في الانتخابات بدلاً من التزوير، وهو الأسلوب الذي عرفته كثيرٌ من دول أميركا اللاتينية وأفريقيا.

ونتيجة للسلوك الجديد الذي أصبح يتبعه الحكام من خلال شعاراتهم الخادعة، أطلق عليهم المؤلف وصف «الديكتاتوريون المعاصرون»، مشيراً إلى أن ما دفعهم إلى استخدام تلك الأساليب هو تغيّر الظروف الداخلية والدولية، فبعد أن كان أي حاكم ديكتاتور يستطيع أن يبقى في الحكم مستخدماً العنف في ضرب معارضيه والمطالبين بالديمقراطية، فقد أصبح العالم قريةً صغيرةً نتيجة وسائل التكنولوجيا الحديثة، ما يجعل تصرفاته تنتقل إلى أنحاء العالم فى الوقت نفسه وبالصورة.

ويقول المؤلف: «لو أن حاكماً ديكتاتوراً أصدر أوامره بقمع شعبه بالعنف، حتى لو كان في منطقة منزوية وراء جبال الهمالايا، فإنه يعرف أن ما يفعله سينتقل فوراً إلى كافة أنحاء العالم، ولذلك بدأ يلجأ إلى تطوير أساليبه على الرغم من استمراره في بطشه لشعبه، وأصبح الديكتاتور يستخدم القبضة الحديدية لكن بشكل جديد، حاملاً باقة ورد وعلى وجهه ابتسامة واسعة».

ولو قارنا ذلك بما هو موجود في المنطقة العربية، فإن «الديكتاتوريين المعاصرين» موجودون بكثرة في المشهد السياسي العربي، ومازالوا يقاومون التغيير العربي لإخماده، وهو ما قد يؤخّر عجلة التغيير مؤقتاً، لكن لن ينهيها تماماً. فالشعوب إذا انفجر غضبها فلن يستطيع أحد أن يوقفها كما حدث في رومانيا مثلاً في عهد نيكولاي تشاوشيسكو.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3921 - السبت 01 يونيو 2013م الموافق 22 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 7:10 ص

      هجري أو ميلادي وما دخل اليهود في التجارة

      تاريخ هجري وآخر ميلادي لا ندري التقويم هجري أو ميلادي وما دخل تقويم الاسنان في التاريخين الميلادي والهجري والعصر الحجري على الأبواب. فباب المندب ليس كباب خيبر ولا باب البحرين. فتح الأبواب ومنها باب خيبر وذكرنا باليهود في نجران وجيزان وأما كان ويا ما كان أو سوالفهم من سوالف زمان. تجاره وشطاره ولا فيها فجور لكن ينقصها التقوى. فأين الميزان؟ مسيحي أو إسلامي؟

    • زائر 7 | 4:52 ص

      من التاريخ المسلوب

      هذا مو من الاسرار أنه عند ما كان البحث عن الذهب في العراق من قبل الامريكان ، كشفوا عن كنز النمرود بن كنعان من ذهب ومجوهرات ومسوغات وتحف قد تركها النمرود وتركها صدام ولا ندري لا زالت في العراق او تحولت الى جهات خارجيه كما حدث في البحرين من زمان. فقد سرقت القبور وتحولت الى جهات لا يعلم بها الا هندرسون وغيره من المكتشفين. هنا ملك الحقوق الفكريه للاكتشاف لا تمنح الحق في السرقه وانما هذا تاريخ عالمي يعود الى دلمون والعصور الاخرى. وين ودو المتشافات من غاز وبترول ومجوهارات ...؟؟

    • زائر 5 | 4:17 ص

      من التاريخ والتاريخ المحاصر

      مو من الأسرار ولا كل من جا نجر وبالشجر إتجر، لكن من حرك جيش الحبشه لهدم الكعبه؟ البعض يقول اليهود والاخريقول نصارى قاص عليهم ابليس والشياطين أعوانه. أما من حرك الحجر الاسود ووداه الكوفه فالبعض يقول القرامطه بعد سقوط الدولة العباسيه والكثيرون ما يدرون كيف صارت ها السالفة. بينما السؤال المحير من حرك ...؟ فهذه من المسائل العصريه، ومحاصرون بين تاريخ قديم وتاريخ معاصر وهل في داعي معاتبة العتوب على فعلهم. اليس كذلك؟

    • زائر 4 | 4:12 ص

      الغرب والعرب قبلتهم في البحرين مشرقة مو مغربه

      وعن ما نهاهم ولم ينتهوا وعادوا كما عادت حليمه الى عادتها القديمه.. نعمل قاضي وإنخلي حكام ما يحكمون بس يتأمرون ويتزمرون .. ويش مو صارت قبلتهم غربيه؟ قيل لهم لن ترضى عنكم اليهود ولا النصارى .. ما أطاعوا ويسوون العكس.. التجارة فيها ربح وفيها خسارة وما في احسن من الزراعة.. لكن يحسنون الربح السريع أسرع ... والغنى الفاحش وكثير الفواحش ما بتخليكم تهنون وهذا المال كله وسخ دنيا. لكن يحبون المال حبا جما .. وكم بعددون..

    • زائر 3 | 4:00 ص

      عراعر وعرعور ديك وقبلتهم غربيه وداحي باب خيبر

      من الناس ليس في المستقبل القريب ولكن قبل ما يقرب العشر قرون ونيف.. منهم من إنقلبوا وأخذو أمرهم شورى بينهم..، بعدهم من تبعهم باحسان وسايروا وتشاوروا ومع اليهود وتهاود وياهم وتكاثروا وغيروا حدود الله والقواعد تبدلت وصار الدين عند الله الاسلام الا ان عندهم دين ملبس وعندهم تمثال حريه وملتهم كما تحولت قبلت المسلمين من بيت المقدس الى مكه. في هذا العصر زادت الدكتاتوريه نشبه تلك التي كانت في الجاهليه يعني راس مال إسلامي وتجاره حره عالميه. أليست جاهليه وإقطاعيه ورأس ماليه؟ ولم ينتهوا وعادوا >>

    • زائر 2 | 1:49 ص

      مقاومة التغيير يكلّف الدول الكثير وفي النهاية لا بد من الخضوع

      بعد ان تدفع الشعوب تكاليف باهضة الثمن يجد الديكتاتور نفسه مضطرا للخضوع لمطالب شعبه ولكن بعد ماذا
      بعد ان تصبح دماء المئات في رقبته ليقابل ربه ليس فقط بفساد وظلم وانما بدماء وتعد وقتل وسفك للدماء وهنا تكمن الخطورة
      فقتل نفس واحدة تكفي للتخليد في النار فما بالك بقتل المئات

اقرأ ايضاً