العدد 3926 - الخميس 06 يونيو 2013م الموافق 27 رجب 1434هـ

نازحون سوريون بسبب الحرب يحطون الرحال في مدارس حمص

في أحد أحياء مدينة حمص التي دمرتها الحرب توفر مدرسة التعليم للأطفال بينما تؤوي المدارس الثلاث الأخرى عائلات فرت من القتال في المناطق المجاورة منذ أكثر من عام. وكان معظم النازحين وعددهم 1200 يقيمون في الفصول الدراسية يعتقدون أنهم سيبقون هناك لبضعة ايام عندما ظنوا خطأ أن العنف سينتهي بسرعة.

لكن مع امتداد الأسابيع إلى شهور ترسخ نظام جديد يمكن فيه للنساء فقط الخروج إلى الشارع في حين يعيش الرجال في خوف من الاعتقال وينتعش اقتصاد المقايضة وتزدهر روح الابتكار. وقالت نازحة تقيم بإحدى المدارس طلبت عدم ذكر اسمها كغيرها من النازحين الذين يخشون الانتقام "الحال هنا يشبه إلى حد ما سجنا كبيرا."

وأغلب المقيمين في المدارس التي تقع في منطقة تسيطر عليها القوات الحكومية في حمص من المعارضين للرئيس بشار الاسد. ويقول الهلال الاحمر العربي السوري إن حوالي أربعة ملايين شخص نزحوا داخل البلاد بسبب الانتفاضة التي اندلعت منذ اكثر من عامين ولا تظهر أي علامات بعد على تراجعها. ومع تدهور الوضع الانساني حذرت الامم المتحدة اليوم الجمعة من أن نصف السوريين أي ما يزيد على عشرة ملايين شخص سيحتاجون إلى مساعدات بنهاية العام ودعت إلى تقديم تمويل عاجل قيمته خمسة مليارات دولار قالت إنه أكبر مبلغ تطلبه على الإطلاق لمساعدات. وحمص التي تبعد عن دمشق 140 كيلومترا إلى الشمال هي ثالث اكبر المدن السورية وأحد مركز الانتفاضة حيث شهدت معارك ضارية دمرت 17 حيا من أحيائها البالغ عددها 21 . ويتواصل القصف والمعارك داخل وحول المدينة في المناطق المضطربة.

وإلى الجنوب شنت قوات الاسد هجوما مضادا ناجحا استعادت خلاله السيطرة على بلدة القصير هذا الاسبوع لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت ستزحف شمالا إلى حمص أم ستتجاوزها. ويجعل القناصة وأعمال الخطف والقتل بغرض الانتقام التحرك في معظم أنحاء حمص مغامرة خطيرة. ومن الصعب تحديد من يقف وراء هذه الاعمال وسط فوضى الحرب حيث يلقي السكان الموالون للحكومة باللوم على المعارضة المسلحة بينما يلقي الطرف الآخر باللوم على القوات الحكومية. وبين الحين والآخر ربما يخرج أحد الرجال متسللا من المدرسة ويحاول عبور المدينة المدمرة لمعرفة ما إذا كان الوضع آمنا للعودة إلى منازلهم المهجورة. لكن من الواضح أن الوضع ليس كذلك. وقالت فاطمة وهي أم لأربعة أطفال كانت تعيش في منطقة البياضة القريبة "لم نسمع شيئا عنهم مرة أخرى. لقد اختفوا." ويترك الخطر الكامن سكان المدرسة في حالة من عدم اليقين ويسعون بقدر استطاعتهم للبقاء على قيد الحياة يوما بعد يوم. ويقول أطباء متطوعون إن من الصعب الحصول على طعام طازج وإن أعراض نقص الفيتامين بدات تظهر على بعض الأطفال بينما تعاني الأمهات من نقص شديد في حليب الأطفال. ويمثل المرض تهديدا آخر. ويزيد معدل الاصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي أ حيث لم تعد اللقاحات المدعمة التي تقدمها الحكومة متوفرة كما انتشر مرض الليشمانيا وهو مرض طفيلي تسببه لسعات ذباب الرمال. وللتصدي للمرض الذي يمكن أن يسبب الحمى ومشكلات في التنفس والقرحات والالتهابات الجلدية تمكن عدد قليل من السكان ومعظمهم مهندسون عاطلون عن العمل من صنع آلة لمكافحة الحشرات. وقال أحد المنظمين "ذهبنا إلى البلدية وتوسلنا اليهم ليعطونا المبيد الحشري ولحسن الحظ كان لديهم القليل في المخازن. وكانت فترة صلاحيته تنتهي بعد شهر واحد."

وسعة الحيلة عامل مشترك في حياة سكان المدارس إذ استعانوا بالنجارين والحدادين من الرجال النازحين لبناء مساكن في فناء المدرسة وتأثيث مساكن نصف جاهزة للسماح لعائلات نازحة بالاستقرار فيها. ونظرا لصعوبة الحصول على النقود يحصل العمال على مستحقاتهم بنظام المقايضة. وشرح احد المنظمين ذلك قائلا "تصنع لي إطار النافذة وأصنع لك الباب." ولا يبرح أغلب الرجال المدرسة خشية توقيفهم عند نقطة تفتيش حكومية يتعين عليهم عندها غبراز بطاقات هوياتهم. وتوضح البطاقات المنطقة التي ينتمي إليها صاحبها وبالتالي فمن ينحدرون من مناطق متوترة معروفة بإيوائها للمعارضين المسلحين يواجهون الاعتقال فورا والاستجواب. وعندما بدأت الأسر الفارة من القتال في الضواحي القريبة الوصول إلى الأيحاء التي كانت ثرية في السابقة أدرك بعض السكان المحليين أن إقامة هؤلاء سوف تطول. وقررت معلمة من سكان المنطقة تدعى عزة عدم إعطاء هؤلاء أي صدقات وسعت بدلا من ذلك لمساعدتهم في كسب بعض النقود. وقالت "لا تشتري لهم سمكة ولكن علمهم كيفية الصيد." واضافت "لذلك أعلم بعض النساء التطريز وحرفا فنية ونظمنا ثلاثة معارض حتى الآن وبعنا أعمالهن." 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً