العدد 3956 - السبت 06 يوليو 2013م الموافق 27 شعبان 1434هـ

انحراف الحقوق المدنية والسياسية... مثال مصر

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

لا يمكن تجاهل ما يحدث حالياً في المشهد السياسي بمصر، الذي يتكلم عن صراع قوتين، أي بين خيار الدولة المدنية الديمقراطية المنفتحة، وبين استبداد الحكم الديني الطائفي المنغلق. وهو ما يعكس حقيقة واقع الخلل الذي تعيشه مصر اليوم وباقي المجتمعات العربية التي تعودت إمّا على أسلوب الفرض أو الطاعة، ما أدى إلى انحراف كلي فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، وأصبحت بالتالي حقوقاً مطاطة أو مغلفة بحسب مصلحة الجماعة أو القبيلة أو الحزب السياسي.

منذ عامين ونصف والشعوب العربية ومنها الشعب المصري يبحث عما يخلصه من عقدة السياسات الخاطئة، لكنه راح ضحية سوء الإدارة وسوء التصرف والتركيز على عقلية جهادية أكثر منها تنموية، وذلك على مدى عام من حكم الرئيس المخلوع الآن محمد مرسي.

لقد جاء ذلك بناءً على انحراف نموذج التنمية وتطوير مؤسسات الدولة والعمل السياسي، والسبب يعود إلى ضعف هيكليات الحكومة الديمقراطية والاقتصادية وانحراف المحفزات الاقتصادية عن مسارها، بل وممانعة أنماط التحوّل الهيكلي لاستحداث فرص العمل اللائق، وهو ما يعني أن التحولات المستمرة في المنطقة العربية تبرز «المقايضة المغلوطة بين الحقوق الاقتصادية والحقوق السياسية وحتى المدنية منها، ولذا فإنه من الضروري أن تتماشى الاصلاحات الاقتصادية جنباً إلى جنب مع الاصلاحات السياسية.

إن الحقوق الاقتصادية والسياسية هي جزء لا يتجزأ من مطالب الشباب في الشوارع العربية، ولعل فضاء الانترنت يعكس هذه المطالب وينقل صراخها على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي حتى وقتنا الحالي. وهي بلاشك ساعدت في عرض وطرح مطالب لا يسمح بالكتابة أو التحدث عنها عبر «تويتر» وحالياً «انستغرام» (صور ناطقة) أصبح فضاءً مناسباً للتعبير، بل وساعد الناس على التواصل بين بعضهم البعض خصوصاً في أوساط الشباب والفئة التي تتمتع بوعي سياسي، بينما الأنظمة السياسية استخدمته في القذف والتشهير وملاحقة كل من يختلف معها في الرأي. وهو أمرٌ بدأ مع ثورات الربيع الأولى مع ثورات الربيع الثانية ضمن إطار حركة تصحيحية.

كما لا يمكن تجاهل عنصر الشباب الذي كان مولداً آخر لثورة الربيع الثانية في مصر، التي قادها محمود بدر قائد حركة «تمرد». فالشباب مازال يبحث عن مكان له في مجتمعه، وقد تجده منذ حلول موجة الربيع العربي وهو ينظر وينظم ويحتج ويتظاهر، بل ويتصرف بكل شجاعة دون خوف، ولكنه مازال متهوراً في تحديد الصورة التي يريد أن يحقّق فيها مطالبه الحقيقية. ولهذا نجد الثورة السياسية لا تكفي بل يجب أن تصاحبها ثورة اجتماعية وثقافية حتى تكتمل الصورة، على غرار ما حدث مثلاً في فرنسا، وربما مصر تتجه في هذا الطريق.

إن المنطقة العربية تعيش على فوهة بركان بسبب حالة الاحتقان السياسي، وبحسب تقارير الأمم المتحدة فإن عدد السكان ارتفع في المنطقة العربية من 224 مليون نسمة العام 1991 إلى 343 مليون نسمة في العام 2010، أي بزيادة 53 في المئة. ولأجل بناء مسارٍ أكثر شمولية واستدامة نحو النمو الاقتصادي دعت الأمم المتحدة إلى تعزيز سياسات الاقتصاد الكلي لتحسين الأرباح الإنتاجية وزيادة الأجور، وإلى التواصل والحوار الاجتماعي، وإلى تعزيز الحماية الاجتماعية التي تضمن الأمن على مستوى الدخل والتوظيف. ودعا أيضاً إلى تحسين الوصول إلى تعليم ذي نوعية عالية واحترام الحرية النقابية وتعزيز الحكم الرشيد.

إن المصارحة والتوافقات أفضل أدوات المرحلة الحالية بالمنطقة العربية، والمقاومة لن تنتهي إلا إلى مزيد من المشاكل والفرقة والصراعات التي قد تنتهي إلى حرب أهلية، وهو شبح يحوم على بلدان المنطقة التي هي في غنى عنها، هذا لو تم تحكيم العقل والعمل وفق مبادئ الحكم الرشيد في مرحلة كتلك التي تعيشها مصر التي تؤثر وتتأثر معها بلدان المنطقة أجمع.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3956 - السبت 06 يوليو 2013م الموافق 27 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:36 ص

      ستشرق الشمس

      لقد أسمعت لو ناديت حيا ،،، ولا كن لا حياة لمن تنادي

اقرأ ايضاً