العدد 3961 - الخميس 11 يوليو 2013م الموافق 02 رمضان 1434هـ

وزيرة الثقافة: أجمل الثقافات تصنعها الشعوب بعفويّتها، ونستثمر المكان لاستعادة الإنسانيّات الجميلة

من موقعِ الثقافة كونها حياة أو فكرة جميلة عن هذه الحياة، وفي التصاقها بالإنسانيّات العديدة أيًّا كانت عابرة، ألهمت الثقافة ضوءها لفوانيس شهر رمضان الكريم مساء أمس (الخميس) في سوق باب البحرين، حيث كانت حالات السلام والأمل وحدها التي تنبعث من مسارات سوق المنامة القديم، وتتجوّل في ملامح الزائرين والمارّة من خلال سوق "رمضانيّات" الذي دشّنته وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة مساء أمس بمجمع سوق باب البحرين، مستعيدةً بذلك المنامة أجمل حالاتها وأكثرها نشاطًا في سياق يوميّاتها وطبيعتها المعيشيّة، وذلك بحضور الرئيس التنفيذي لـتمكين السيد محمود هاشم الكوهجي والعديد من الشخصيّات الثقافيّة والاجتماعية والمهتمّين بسوق المنامة القديم.

هذا الاسترداد الحيويّ وإعادة إنتاج الحياة في مسار المنامة عاصمة السياحة العربيّة 2013م، وتحديدًا في فصل (السياحة الترفيهيّة)، استوحى من المدينة الكبيرة مواضيعها المعيشيّة اليوميّة ورصفَ من ذاكرتها البعيدة مجموعة من المتقابلات الحياتيّة، كما أوضحت ذلك معالي وزيرة الثقافة، مشيرةً إلى أن استدراج هذه الأفعال الاجتماعيّة والثقافيّة من شأنه التركيز على أنسنة المكان واستنباط الذاكرة التاريخيّة، وأكّدت: "الثقافة نسجُ المكان وطريقته في التعبير عن نفسه، وأجمل تلك الثقافات هي تلك المصنوعة من عفوية الآخرين وشعبيّتهم، لأنها قائمة على نتاج تجاربهم الخاصة ومختبراتهم العفويّة والبسيطة"، مردفةً: "نحن اليوم نمرّ في ماضينا المشترك، ولا نكتفي بمراقبة هذا الشاهد الإنسانيّ، بل نتعايش ونتفاعل معه في لغة إنسانيّة واسعة وبصدق الممارسات الاجتماعيّة والتفاعليّة". وأشارت إلى أن الفضاء المكاني يستردّ عبر "رمضانيّات" عابريه، وأن مثل هذه الأنسنة هي ما تطمح إليه وزارة الثقافة في استراتيجيّاتها لتشكيل سوق المنامة القديم ومنطقة باب البحرين في سياق مشاريع البنية السياحيّة التحتيّة التي تتمسّك بهذا المعلَم الحضاري وتؤسّس لبقائه. واستبعدت معاليها أن يكون هذا الحدث تدويرًا تاريخيًّا بطريقة اعتياديّة، قائلةً: "لا نعيد ذات التاريخ، بل نسعى لذات القِيَم المكانيّة والإنسانيّة الجميلة من خلال تمريرها بقلب الأحداث اليوميّة والمعيشيّة لصناعة ذاكرة مستمرّة، ونستثمر تلك المختبرات مرّة أخرى لتلائم الوقت الحاضر بصورة معاصرة وحداثيّة".

وقد انطلق سوق "رمضانيّات" مساء أمس (الخميس) بالتوازي مع أولى أيام شهر رمضان الكريم، ويستمرّ حتى 20 من شهر يوليو الجاري بصورة يوميّة، منذ الساعة 9:30 مساءً الساعة 12:30 صباحًا، ليرتّب لقاءاته الحياتية ويسرد بطبيعته حكايات الأزقة الضيقة ولكن بطريقة معاصرة، حيث تحتفي وزارة الثقافة بالإرث الحياتي والحراك الإنساني عبر سوق مسقوف من خلال مجمع سوق باب البحرين، والذي يُفسح المكان لمجموعة من الأكشاك التجاريّة والدكاكين الصغيرة التي تقدّم مجموعة من المنتوجات البحرينيّة والسلع المبتكرة. ويستحضر هذا الفضاء الشاسع العديد من الصناعات التراثية والحديثة بالإضافة إلى مشاهد ثقافية وموسيقية مرافقة تتمثّل في معزوفات شعبيّة تُتحِف الحاضرين بطربٍ أصيل يحيي في النفوس بهجة الاستمتاع بتفاصيل الشهر الكريم، حيث رافق العزف على آلة القانون يوم أمس الحضور في مسار انتقالهم وتجوّلهم في السوق.

تنقسم أيام سوق "رمضانيات" إلى 3 فترات رئيسية، تعرض فيها الأكشاك والدكاكين، التي تقدم صياغات عملية وحرفية مميزة، منتوجاتها المبتكرة من وحي حداثة البحرين و ماضيها العريق معًا، وذلك في حرص من وزارة الثقافة على التنويع في المنتوجات ما بين المأكولات الشعبية والألبسة والزينة التقليدية وغيرها من الابتكارات. ويحتفي السوق بكل أفراد العائلة البحرينية فيقدّم اشتغالاته الحضارية من خلال بضائعه التي تضفي على البيت البحريني حياة جديدة، كما يمنح الأطفال بكامل براءتهم وفرحهم بشهر رمضان أجواء ساحرة من خلال زاوية ألعاب الأطفال التي تدفعهم نحو اكتشاف الجديد في مزاوجة بين المعرفة والتسلية.

تجدر الإشارة إلى أن سوق رمضانيّات ليس البداية الأولى لإحياء سوق المنامة القديم، فقد شهدت العاصمة المنامة في يناير الماضي افتتاح مقهى زعفران (لتقديم الوصفات البحرينيّة التقليديّة) وآيسكريم نصيف (أول آيسكريم بحرينيّ منذ العام 1920م). كما أقيم سوق باب البحرين خلال شهر مارس الماضي على ذات الغرار مستدعيًا العديد من المنتوجات والمصنوعات المبتكرة، وكذلك مهرجان التراث السنوي الذي ركّز في موضوعه لهذا العام على تاريخ المقاهي الشعبيّة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً