العدد 3963 - السبت 13 يوليو 2013م الموافق 04 رمضان 1434هـ

لنستأصل الكيل بمكيالين في مصر ما بعد مرسي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

Common Ground

نادين السيد - صحافية مصرية، والمحررة المسئولة في www.19TwentyThree.com. 

تراجع الجو الاحتفالي الذي تبع الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي يوم 3 يوليو/ تموز مع اعتقال كبار السياسيين (وقد أطلق سراح بعضهم فيما بعد)، وإغلاق أربعة محطات تلفزة دينية بالقوة، وصدامات عنفية أدت إلى مصرع العديد من أنصار ومعارضي مرسي من المتظاهرين. وقد أسفر آخر حادث عن مقتل 51 شخصاً من أنصار مرسي وجنديين، وجرح المئات.

أنا من أنصار الاحتجاجات الأخيرة وبقوّة، للإطاحة بالرئيس السابق مرسي، ومثلي الملايين من المصريين. كنت أخرج إلى الشارع كل يوم في المظاهرات الحاشدة. برأيي أن مرسي عيّن أنصاره من الإخوان المسلمين فقط في المناصب الرئيسة، متجاهلاً أجزاء أخرى من المجتمع، وأساء احترام النظام القضائي في مرات عدة، وتجاهل المطالب الرئيسة للشعب.

إلا أن الأحداث في أعقاب الاحتجاجات تعمل على المزيد من التفرقة بين أجزاء المجتمع المصري. ما نحن بحاجة إليه الآن هو التعاطف المعمّق مع هؤلاء الذين يعارضون الإطاحة بمرسي، وتطمينهم بأننا لا نرغب بقمعهم تحت غطاء الليبرالية.

يجب عدم إنكار حق أنصار مرسي بعقد مظاهرات سلمية. في الوقت نفسه، يجب عدم التسامح مع أي نوع من العنف، كما يجب تقديم المتسبّبين به إلى القضاء.

جعلتْني أحداث الأسبوع الماضي الخلافية أفكّر بمقابلة أجريتها مع امرأة تلبس النقاب، لمقال كنت أكتبه حول التكامل في المجتمع المصري. كانت المرأة تدعم الإسلام السياسي بشدة.

اختارت هي المقهى الذي جرت فيه المقابلة، وعندما وصلت فهمت المنطق وراء اختيار هذا المكان. لم يكن يُسمَح بوجود الرجال مع النساء، أو اللباس غير المحتشم في المكان.

شَرَحَت لي أنها اختارت ذلك المقهى لأنها تشعر فيه بالقبول، ولا يتوجّب عليها مواجهة التحديق من قبل الجميع عندما تدخل إليه. لا يتوجب عليها هنا أن تتعامل مع العيون المحملقة التي تتبعها عندما يرونها تحمل كتباً باللغة الإنجليزية وجهاز حاسوب محمول..

ورغم أنه لم يكن لديها تفضيل سياسي محدد للإخوان المسلمين أو الرئيس السابق مرسي، إلا أنها شعرت بالسعادة عندما نجح بالانتخابات. كانت سعيدة لأنها -حسب قولها- شعرت أخيراً، تحت قيادة إسلامية، أنها جزء من المجتمع. كانت تتوق لدولة إسلامية، حسب قولها، لأنها لا تشعر فيها أنها منبوذة. كانت تشعر أنها في وطنها وفي محيطها الطبيعي. لم يكن الأمر متعلقاً بالسياسة، بل بالقبول والانتماء.

بعد مرور بضعة أشهر، قامت تلك الفتاة التي قابلتها بنشر سيل من الملاحظات الإلكترونية الغاضبة ضد المظاهرات الحاشدة للإطاحة بمرسي، والمطالبة بتدخل الجيش. فقد أغضبها إغلاق القنوات الدينية واعتقال العديد من القادة الإسلاميين.

تعكس رسائل هؤلاء الذين يعارضون الثورة بوضوح خوفاً عميقاً ليس فقط من العزل عن المجتمع، وإنما كذلك من الاضطهاد والقمع. لذا، وبدلاً من القيام بأعمال تتسبب بالهلع لدى المتظاهرين السلميين بين أنصار مرسي، يتوجب على هؤلاء منا الذين ساندوا التظاهرات أن يُطمئنوا أنصار الإسلام السياسي أننا لسنا متأهبين للنيل منهم.

يجب علينا ألا نغلق قنوات التلفزة أو نشر الأوصاف العمومية، بل على العكس، يتوجب علينا تركيز طاقاتنا على إزالة التوتر بين هؤلاء الذين لا يدعمون دوراً للدين، وهؤلاء الذين يدعمونه.

يتوجب علينا ألا نقطع قنوات الاتصال، وإنما أن نرسل رسائل سلام. يتوجب علينا أن نُطمئن أنصار الدولة الإسلامية المسالمة أن هذا لا يشكّل هجمة على الإسلام أو على هؤلاء الذين يريدون دوراً للدين في الحكم، وأن هذا ليس حرباً على الدين. يجب طمأنتهم أن بإمكانهم ممارسة دينهم بالأسلوب الذي يرونه مناسباً حتى لو لم تعد الحكومة الإسلامية موجودة.

لا يعني هذا أنه يتوجب علينا الاعتذار عن التظاهرات الأخيرة. بالنسبة لي، كانت تلك التظاهرات عرضاً جميلاً سلمياً لمشيئة الشعب، إلا أن الوقت قد حان لتوضيح أن المعتقدات والقيم ليست خاضعة للكيل بمكيالين وبأننا ندعم حرية الكلام لكافة أفراد المجتمع، باستثناء حديث الحقد.

آمل أن تصل كلماتي هذه إلى المرأة التي قابلتها قبل بضعة شهور، وكذلك إلى غيرها من أنصار نظام مرسي.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3963 - السبت 13 يوليو 2013م الموافق 04 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً