العدد 3981 - الأربعاء 31 يوليو 2013م الموافق 22 رمضان 1434هـ

غلاف مجلة «رولينغ ستون»: آخر ما حُرّر أم ضربة في الصميم؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أعدْتُ النظر مرات ثلاثة لأتأكد أنني كنت فعلاً أرى صورة جوهار تزارناييف على غلاف مجلة «رولينغ ستون». كانت مجلة «رولينغ ستون» قد عرضت عدداً كبيراً من الشخصيات المهمة على أغلفة أعدادها ضمن تقارير في الماضي كتعبير عن تكريسها لـِ «تغطية جادة ومعمّقة لأهم القضايا السياسية والثقافية المعاصرة»، ولكن جوهار تزارناييف؟ حقاً؟

ماذا يعني عندما تجعل مجلة مثل «رولينغ ستون» من إرهابي متهم مثل جوهار تزارناييف طفلاً تظهر صوره على الملصقات؟ كانت معظم ردود الفعل على غلاف الرولينغ ستون غاضبة. أشعر كإنسانة تعيش في مدينة بوسطن بالألم والغضب. ففي نهاية المطاف، وبالنسبة لهؤلاء منا الذين يعيشون ويعملون في بوسطن، تشكّل صورة الغلاف طعنةً في الصميم، هدفها تحقيق الربح المادي من مأساة إنسانية معمّقة.

ولكن لربما تطرح قضية الرولينغ ستون الخلافية أمامنا فرصةً لتجديد ما يعنيه كونك قوياً مثل بوسطن. المشاعر في بوسطن محتدمة. قرأ البعض محاولة الرولينغ ستون على أنها تفسير لعقلية تزارناييف، ولكن بالنسبة لمعظم الآخرين، يبدو أن ردود الفعل الحادة للصورة قد منعت أي حوار للمقال الذي رافقها. صرّح البعض، رداً على صورة الرولينغ ستون، وبشكل فوري أن بوسطن «لن تغفر أبداً»، أو شجبوا الصورة على أنها «تمجيد للشر». رغم ذلك، ونتيجةً لاعتقاد مضلَّل بأن إضفاء الإنسانية على أحد ما يعني الغفران، أو ربما نتيجة لعدم تصديق بأن شخصاً بهذه البراءة يمكن أن يرتكب أعمالاً وحشية كتلك، فقد تجمّع البعض خارج دار محكمة موكلي الفيدرالية جنوب بوسطن وهم يهتفون «أفرجوا عن جوهار»، منوهين بنظريات المؤامرة ومثيرين المزيد من الغضب.

ربما نحتاج جميعاً إلى اتخاذ خطوة إلى الوراء وسؤال أنفسنا: كيف نستطيع الردّ بحيث لا يسيطر لا الغضب ولا تمجيد التطرّف علينا؟

في نهاية المطاف، ليست بوسطن قوية بسبب الغضب أو الحقد أو الرغبة في الانتقام. بوسطن قوية لأننا اجتمعنا معاً يداً واحدة، بدلاً من ترك الإرهابيين يفرقوننا سياسياً أو عرقياً أو دينياً. استخدمْنا أصواتنا وأموالنا وأعمالنا وقلوبنا لقول رأينا في الأيام التي تلت التفجيرات. وقفنا معاً كمجتمع، تضامناً واهتماماً ونعم، تحدياً. أوجدْنا صندوق «بوسطن واحدة» لمساعدة الضحايا وعائلاتهم، وعقدْنا حفلاً موسيقياً للاحتفال بمدينتنا. استعدْنا الشوارع في مسيرات ومسابقات عدو لجمع الأموال لعمل الخير. رفضْنا أن نترك الحقد والخوف يفرقاننا ويسيطران على حياتنا.

حشدْنا من أجل أن نكون التغيير الذي أردنا أن نراه في العالم. وقفْنا جميعاً، مسيحيين ومسلمين ويهوداً، أميركيين من أصول إفريقية وإسبانية وبيض، ذكوراً وإناثاً، متدينين وسياسيين وقادة مجتمعات محلية وجاليات، وقفْنا معاً لتكريم الضحايا، وتعهدْنا ألا نسمح للإرهابيين أن يأخذوا جوهر هويتنا الأميركية، متّحدين معاً. كان لكل منا شيء يساهم به وقتها. ولدينا أمور أكثر نساهم بها الآن في ذكرى ذلك اليوم الرهيب.

نستطيع ردّاً على خسارة الحياة والجراح أن نتبرع بالدم ونتعلم الإسعاف الأولي في الحالات الطارئة وطرق إنعاش المصابين. نستطيع المساعدة في إعداد منازل هؤلاء الذين أصيبوا بإعاقات جسدية وهم الآن على كراسٍ متنقلة. نستطيع التطوّع لمساعدة من أصبح طريح الفراش على إتمام نشاطات حياتهم اليومية، كالذهاب إلى مواعيدهم الطبية، والقيام بالأعمال اليومية أو إعداد وجبة بيتية. نستطيع الاستمرار في التواصل مع المهمّشين والمنقطعين عن مجتمعنا. هكذا تكون بوسطن قوية.

نستطيع، تماماً كما نسعى للتشارك في جمال الثقافة والقيم الأميركية، أن نفتح عقولنا لثقافات ولغات وديانات أخرى. نستطيع رفع أصواتنا ضد الظلم والحقد والعنف حيثما نصادفها. نستطيع أن نكون الجسر إلى المجتمع والأمة اللذين نرغب أن نكونهما. هكذا تكون بوسطن قوية.

بعكس الإرهابيين المستعدين للقتل لإيصال رسالتهم، دعونا نستخدم هذه الفرصة لإعادة تكريس أنفسنا للعيش الهادف وتجديد هويتنا كبوسطن القوية.

حاول الإرهابيون إيجاد الفُرقة من خلال الموت والدمار يوم 15 إبريل/ نيسان. الأمر يعود إلينا لأن تكون لنا الكلمة الأخيرة لصالح الحياة والوحدة.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3981 - الأربعاء 31 يوليو 2013م الموافق 22 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً