العدد 3983 - الجمعة 02 أغسطس 2013م الموافق 24 رمضان 1434هـ

ماذا بعد في مصر

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

صحافي مصري. والمقال ينشر بالاتفاق مع خدمة «كومون غراوند»

بغضّ النظر عما إذا كان الثالث من يوليو/ تموز ثورة أو انقلاباً ضد الرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر، إلا أن منظر ملايين المصريين وهم يخرجون إلى الشوارع يوم 30 يونيو/ حزيران يُظهِر أن ثورة 25 يناير/ كانون الثاني مازالت قيد الصنع. ورغم أنها أخذت منحى خطيراً نحو العنف والانقسام الاجتماعي، إلا أن هذه هي طبيعة الثورات، فهناك صعود وهبوط، وأحياناً دورات متكررة من العنف والانقسامات.

لقد جعلت أحداث الأسابيع الماضية من الواضح وضوح الشمس أن المصريين أصبحوا متمكّنين لقلب أي نظام يتقاعس عن تحقيق تطلعاتهم للحصول على «الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية». مع ذلك، فقد أدت هذه الأحداث عبر تاريخ مصر إلى تعميق الانقسام بين هؤلاء الذين يساندون أول حكومة مصرية منتخبة ديمقراطياً وهؤلاء الذين عملوا على خلعها. ولكن بدلاً من التنبؤ بانقسامات أكبر في المجتمع المصري، يمكن لهذا أن يوفر بداية جديدة.

أوجد الثالث من يوليو فرصة لإعادة كتابة عقد اجتماعي أفضل يجتذب غالبية أكبر من المصريين. لقد تم الآن تعليق دستور 2012 الذي دافعت عنه أطراف تدعم الإسلام السياسي (وهم بالدرجة الأولى الإخوان المسلمين وحزب النور والجماعة الإسلامية)، واستبداله بإعلان دستوري. قامت هذه الأطراف بصياغة ذلك الدستور، حيث أن الأطراف العلمانية والكنيسة القبطية والناشطين في مجال حقوق الإنسان انسحبوا من الجمعية الدستورية. لذا لم يوافق عليه سوى 64% من القاعدة الانتخابية، ما ترك ما يزيد على ثلث الناخبين خائبي الآمال بدستور 2012.

يتوجّب وضع جمعية دستورية تجمع معاً كافة اللاعبين الرئيسيين في مصر لإعادة كتابة دستور يستطيع الحصول على موافقة غالبية أكبر من المصريين.

ويجب المبادرة بمصالحة وطنية حقيقية تشمل جميع الفصائل السياسية على وجه السرعة، كما يجب أن يكون حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين في قلب هذه المبادرة، إذا أخذنا بالاعتبار أنهم فازوا بالغالبية في الانتخابات الأخيرة وهم يشعرون الآن بأنهم خُدِعوا وجرى عزلهم.

لا يمكن المبادرة بالعملية السياسية بشكل ناجح دون مشاركة الأحزاب السياسية. وتقع المسئولية على الرئيس المؤقت عدلي منصور لإقناع كافة الأطراف، العلمانية والإسلامية لإجراء المصالحة. يتوجب على الأحزاب السياسية ترك سياسة الشارع والصدامات والتوجه إلى طاولة المفاوضات.

وإذا تم التوصّل إلى التسوية السياسية، يجب تشكيل حكومة من التكنوقراط المؤهلين لإدارة الدولة أثناء الفترة الانتقالية. يتوجب على رئيس الوزراء المعيّن اختيار كوادر واعدة من الأحزاب العلمانية والإسلامية لمساعدة البلاد على الابتعاد عن الاستقطاب المستمر إلى حين انتخاب برلمان جديد ورئيس جديد بحلول شهر فبراير/ شباط العام المقبل. ويمكن أن يكون نادر بكّار وأشرف ثابت من حزب النور السلفي خيارين جيدين، خصوصاً في الوقت الذي يجري فيه التخطيط وإيجاد لجنة المصالحة الوطنية الجديدة التي اقترحها الحزب.

يتوجّب على جميع الفصائل السياسية وضع مظالمها وإجحافاتها وتحيزاتها العقائدية جانباً، والبدء بمساعدة الحكومة الجديدة على تقديم خريطة طريق لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار.

خرج ملايين المصريين إلى الشوارع يوم 30 يونيو لأن وضعهم الاقتصادي ازداد سوءاً خلال السنة الماضية. ارتفعت معدّلات البطالة إلى 13%، واقتربت معدلات التضخم من 10%، وتفاقمت مشاكل الطعام والكهرباء والوقود خلال السنة الماضية. ألقى مناهضو مرسي باللوم على عدم كفاءة الحكومة المخلوعة في التعامل مع مشاكل البلاد الملحّة. من ناحية أخرى، يعتقد عشرات الألوف من أنصار مرسي الذين خرجوا إلى الشوارع منذ خلعه أنه كان من الصعب عليه تحسين الأوضاع الاقتصادية خلال سنة واحدة فقط.

ليس من المهم الآن من كان على صواب ومن كان على خطأ. يمكن للفشل في تحسين الأوضاع الاقتصادية أن يدفع الناس لفقدان الثقة بجميع النخب السياسية وبثورة 25 يناير، ما يترك مساحة لدكتاتورية عسكرية لا يريدها حتى الجيش، حسب جنرالات الجيش.

من الضروري أكثر من أي وقت آخر أن تأخذ جميع الأحزاب السياسية خطوةً إلى الوراء، وأن تفكّر جدياً وإدراك الأخطاء التي ارتكبتها خلال السنتين الماضيتين حتى يتسنى لهم التعلّم منها. يتوجب على الأحزاب الإسلامية والعلمانية على حد سواء، الابتعاد عن الخطاب العدائي إذا أرادت حقاً إنهاء الخلافات في البلاد ودفع مصر في الاتجاه الصحيح. الشمولية السياسية هي مفتاح تحرّك مصر إلى الأمام.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3983 - الجمعة 02 أغسطس 2013م الموافق 24 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً