العدد 3996 - الخميس 15 أغسطس 2013م الموافق 08 شوال 1434هـ

السلفيون والشيعة

جعفر الشايب comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

هناك كثير من التجارب الحوارية التي جرت بين رموز وشخصيات دينية ومثقفة سلفية وشيعية في السعودية طوال العقد الماضي، ومنها انطلق الباحث عبدالباري الدخيل لتوثيق أجزاء كتابه (السلفيون والشيعة: تجربة حوار). الكتاب الذي يقع في أكثر من 300 صفحة يحتوي على مادة ثرية يمكن أن تكون مرجعا لرصد أبعاد هذا الحوار وآفاقه وانعكاساته على الصعيد الاجتماعي. وفي ظل التوتر الطائفي الذي يسود المنطقة، فإن أطروحة الكتاب تأخذ بعدا إيجابيا في التعاطي مع هذا الملف الساخن في هذه المرحلة.

يفتتح الدخيل كتابه بالتأكيد على التمثل بقيم الإسلام وتعاليمه، وضرورة تقديم أنموذج للوحدة والتعايش والتسامح لاستيعاب تنوع مجتمعنا المذهبي والقبلي والمناطقي. ويتصدر الكتاب مقالة سابقة للشيخ حسن الصفار تحت عنوان (السلفيون والشيعة: نحو علاقة أفضل) نالت وقت نشرها رواجا وتفاعلا لما ورد فيها من أطروحات جريئة وناقدة. وكان الصفار قد تناول فيها دعوة الشيعة إلى ضبط الانفعالات ومنع أي إساءة للرموز الإسلامية، كما دعا السلفيين الى الكف عن فتاوى التكفير وخطابات التحريض.

الكتاب استعرض لقاءات وحوارات متعددة بين علماء الطرفين في مناطق متعددة من أرجاء الوطن، كان من بينها ما أكده الشيخ عبدالرقيب القحطاني في لقاء تضمنته إحدى ندوات منتدى الثلثاء الثقافي في القطيف، وفيه أكد القحطاني ضرورة تنظيم لقاءات دورية تجمع علماء ودعاة المذاهب الإسلامية لتنمية القواسم المشتركة وضبط الاختلافات. كذلك استعرض الكتاب حديث الشيخ عوض القرني في لقاء آخر عن أهمية تأسيس علاقات جديدة بين طوائف الأمة المسلمة، وضرورة بنائها على الحوار الصحيح والمعرفة الدقيقة، مؤكدا أهمية تحاكم بعضنا بعضاً إلى الواقع كما هو وليس كما نتوهمه أو نفترضه، ولا كما كان قبل مئات السنين.

وكان ما استشهد الدخيل به أيضا كلمة مسفر القحطاني في وصف فكرة التعايش بين السنة والشيعة بالمقبولة، مؤكدا عدم وجود خلاف بشأن هذه الفكرة، حاصراً المشكلة في الذهنية الصلبة التي نشأنا عليها، التي نعجز أن نقبلها أو نتصرف فيها. كما ذكر تشديد عدنان الشخص على الحاجة لمخاض فكري قبل أي إجابة حساسة في موضوع التقريب، معلّلا بالدور الذي يؤهله ذلك إلى قيام نموذج عالمي إسلامي يوفق بين وحدة الأمة ومقبولية التنوع.

الكتاب دوّن لنحو خمسة عشر لقاء واستضافة تنقلت بين القطيف والرياض وجدة وشارك فيها شخصيات معروفة من قبيل الشيخ عدنان الزهراني، الشيخ صالح الدحيم، محمد النجيمي، الشيخ عبدالرحمن المحرج، الشيخ عيسى الغيث وغيرهم، أقول إن هذا الكتاب وثق فضلا عن ذلك لقاءات مفصلية متعلقة، من اجتماع الشيخ حسن الصفار مع الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، إلى مبادرة وثيقة العيش المشترك التي خرجت بعد حوارات متواصلة بين شخصيات سلفية وشيعية منهم الشيخ الصفار والشيخ عبدالمحسن العبيكان، مرورا بغيرها من لقاءات لا تقل عنها أهمية وأثرا.

في طيات هذا الكتاب تم تسجيل مبادرات ومواقف وطنية ناضجة اتسمت بالتسامح والحوار، وكنا نتأمل أن تأخذ مداها العملي على أرض الواقع، إلا أن التطورات السياسية في المنطقة وما تبعها من تعبئة طائفية حرفت المسار لاتجاهات بدت أكثر تشددا وتطرفا. لهذا فإن المسئولية الملقاة على عاتقنا جميعا هي إعادة إحياء هذه التجارب وتنشيطها محليا، بعيدا عن تأثيرات الصراعات الإقليمية حماية لوطننا ومجتمعنا.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"

العدد 3996 - الخميس 15 أغسطس 2013م الموافق 08 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 10:16 ص

      المصلي

      أن من أعظم وأجمل ما دعا إليه الدين الإسلامي هو التآخي بين المسلمين على أختلاف طبقاتهم ومراتبهم ومنازلهم كما أن من أحسن ما صنعه المسلمون اليوم وقبل اليوم هو تسامحهم بالأخد بمقتضيات هذه الأخوة الإسلامية لأن من أيسر مقتضياتها كما جاء في كلمة مولانا وسيدنا الأمام جعفر أبن محمد الصادق ع ( أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه) فكروا جيداً في هذه الخصلة وعرفوا دينكم حقاً فهذا والله هو ادراك أيسر خصال الأخوة فيما بين المسلمين على أختلاف مذاهبهم وطبقاتهم ولنحقق بذلك أمنياتنا بالسعادة

    • زائر 4 | 3:05 ص

      صراع ازلي نتمنى ان يزول

      وكانت اوربا وبعض دول اسيا وافريقيا تعيش هذه الصراعات رغم اعتناقها الدين المسيحي الا ان الاختلاف في المذاهب كالبروستانت والكاثوليك وبسبب سيطرة ونفوذ قبيلة او حزب دفع البعض الى تكفير الاحزاب الاخرى واخراجهم من الملل والاديان وارتكبو ضدهم جرائم الاضطهاد والقتل والتشريد

    • زائر 3 | 2:53 ص

      كل الأمم تختلف وكل المذاهب يمكن مناقشتها الا بعض المتمسلمين

      بعض المتمسلمين اشتقوا لنفسهم طريقا مختلف يتيح لهم ويبيح لهم سفك دماء المخالفين لهم من دون وازع من ضمير ولا غيره من الأمور التي تجعل الانسان يتوقف عند سفك الدم الحرام وازهاق الانفس التي حرم قتلها وجعل جزاء ذلك الخلود في النار. وعلى اقل تقدير لو يجعل هؤلاء احتمال ولو 1% ان فعلهم ربما يدخلهم النار لكي يقفوا ويتفكروا قبل ان يزهقوا الارواح ومن ثم يجدون انفسهم امام بارئهم والمساءلة هناك ليست كالمساءلة هنا وليس كما يقول بعضهم حين سئل ربما يوجد بين من تقتلهم ابرياء قال هم شهداء طيب ما هو مصيرك

    • زائر 2 | 2:38 ص

      ما حكم سفك الدماء من غير وجه حق؟

      بعض السلفية حوارهم مفهوم وهو التصفية الجسدية ويعطون لأنفسهم مبررا وعذرا للقتل وهو ان الشيعة يسبون الصحابة وفقط. والأسألة المطروحة:
      ما هو السبّ لغة وقانونا وعرفا؟
      هل كل الشيعة يسبون الصحابة؟
      هل سب الصحابة يوجب القصاص بالقتل ومن الذي له الحق ان يقوم بالقصاص؟
      اذا كانت هناك حروبا نشبت بين الصحابة انفسهم ادت الى قتل عشرات الآلاف
      فهل يحرّم علينا بحث مثل هذه الحروب ولماذا نشأت ومن على حق وصواب؟
      هل مثل هذه البحوث اذا طرحت تخرج الانسان من الاسلام ويستباح دمه؟
      لماذا يكون سفك الدم اهون الامور

    • زائر 6 زائر 2 | 10:48 ص

      حرام

      يا اخي حرام عليك هات خطبة او مقال لشيخ سلفي يمكن ردت فعل لاكن ديننا لا يجيز القتل اما التكفير نعم هناك من يكفر وياليت تشوف مشايخكم ماذا يقولون في اليوتيوب وتحكم عليهم لاكن انتم تجاهرون بالقتل ( يا ثارات الحسين ) اليست عبارة تعني القتل

    • زائر 1 | 1:03 ص

      الحمد لله على نعمة الاسلام

      والله الدنيا كلها يومين وبعدها لفه في كفن وحفره وخل الطائفيه والعرقيه والتعصب الاغمي يفيد من يفيد بعد ذلك.
      والكلام الذين يقال بتعدد المذاهب والطوائف هذا كلما لايجب أن يقال ومن يقول ذلك فهو ليس بمسلم وهذه تعتبر عقليه صهيونيه دخيله على الاسلام والمسلمين.
      ونبينا نبي الرحمه ونبي الانسانه كان واضحا في دعوته بأن الدين عند الله السلام
      ولكن مازال البعض يعيش بعقليه جاهليه وعرقيه ويعتبر الاصل والعرق والمذهب والنسب اعلى من الدين ويقرب ويبعد الناس على هذا الاساس.

اقرأ ايضاً