العدد 4003 - الخميس 22 أغسطس 2013م الموافق 15 شوال 1434هـ

الأزمة المصرية بين نكبة الإخوان و الأميركان (1)

محمد نعمان جلال comments [at] alwasatnews.com

سفير مصر الأسبق في الصين

لقد أطاح الشعب المصري بحكم الإخوان برئاسة المرشد العام ونوابه وهيئة الإرشاد والدكتور محمد مرسي الذي تولى الرئاسة لمدة عام، وثار الإخوان، وثار الأميركان لهذه النكبة الكبرى باعتبار الأميركان هم قوة عظمى ووحيدة في العالم. أما الإخوان فلديهم المجلس العالمي للإخوان المسلمين الذي له ممثلون ووجود في 72 دولة، ويعبّرون عن مئة مليون عضو، كما أعلن أحدهم ذلك، ولهم خلايا أو منظمات منتسبة في كثير من الدول العربية والإسلامية، ولهم مجلس وممثلون في الدول الأوروبية والولايات المتحدة وربما في دول أخرى. فالإخوان ضاعت منهم السلطة وفقدوا ثقة الشعب المصري، والأميركان ضاع منهم الحصان الذي راهنوا عليه وفقدوا ثقة الشعب المصري بعد أن حاولوا تحسين صورتهم ودفعوا أموالاً في الرهان علي ما اعتقدوه حصاناً رابحاً فخسر هو وهم جزاءًا وفاقاً، وكسب الشعب المصري الذي تصوّروه جاهلاً في إمكانهم خداعه.

لقد تصور البعض أن أميركا ودبلوماسيوها تعلموا الدرس من الثورة الإيرانية الخمينية، عندما كانت تركّز أميركا على الشاه وفوجئت باستيلاء الخميني وأنصاره على السلطة، ولكنهم تعلموا الدرس بالمقلوب، ومن ثم ركزت الدبلوماسية الأميركية على القوى المعارضة في كل دولة، وهي قوى ذات مصالح خاصة لا تتوانى أحياناً عن تزييف الحقائق، وأيضاً تحوّلت كثيرٌ من تيارات اليسار المرتد بعد سقوط الشيوعية إلى العمل الأهلي والحقوقي، وأصبحوا من دعاة الليبرالية أو دعاة للإسلام، وتطرّفوا في الحالتين كما تطرّفوا في يساريتهم التي نحت نحو التروتسكية والمفهوم الأممي. وخدعت الدبلوماسية الأميركية في الحالتين واعتبرتهما تعبيراً عن الموجة الجديدة للديمقراطية، وهذه معلومات كلها مغلوطة وخاطئة. ولو طلبنا من تلميذ في المدارس الابتدائية أن يقدم لنا الرؤية الديمقراطية لهذه التيارات لشرحها ربما أفضل من بعض مراكز الأبحاث، ومن بعض الدبلوماسيين المستعربين. فلا توجد أدنى صلة بين الديمقراطية وحكم المرشد، فالإسلام بسماحته واعتداله، يقوم على مبدأ التشاور، والمرشد غير المنتخب يستند قراره على مبدأ السمع والطاعة، وهذا يتعارض مع الديمقراطية. وينبغي أن يقرأ الدبلوماسيون أبجديات العمل الدبلوماسي بضرورة التعرف على الشعوب وحضارتها وتاريخها وثقافتها، خصوصاً إذا كانوا يتعاملون مع بلدٍ ذات حضارة عريقة مثل مصر، وكان عليهم ألا ينسوا ما فعلت مصر في الرد على سحب البنك الدولي تمويل بناء السد العالي العام 1956 ورفض أميركا تسليح الجيش المصري آنذاك.

إن الإسلام عقيدة وشريعة، أي وحدانية لله وتصديق للرسول وامتثال لأوامره ونواهيه، كما في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ليس من بينها الحكم الديني، فالقرآن ليس به آية تتحدث عما يسمى بالنظام السياسي في الإسلام. إنه كتاب مبادئ وقيم وعقيدة وشريعة وليس كتاب سياسة أو طب أو هندسة.

لقد تحدّث القرآن عن الحيض والنفاس والطلاق والزواج والعبادات باستفاضة، فهل يعقل أن ينسى النظام السياسي؟ إن الله سبحانه وتعالى ترك النظام السياسي للشعوب، وانتهى نزول القرآن بوفاة النبي واكتمال الدين كما نص القرآن الكريم على ذلك، ولا يجب اختراع أمور ونسبتها للدين مما ليس فيه، ولدعاة الديمقراطية المتباكين عليها نقول في أي كتب الديمقراطية يتم خطف دولة لرئيس دولة أخرى وحبسه على أراضيها وقيام دولة بانقلاب عسكري ضد دولة أخرى والإطاحة برئيسها والإتيان بقائد عسكري محله. أين إرادة الشعوب؟ وأين شرعية صندوق الانتخاب من مقاطعة حماس لرفضها الاعتراف بـ «إسرائيل» رغم عقدها الهدنة معها عدة مرات بعد ذلك، والهدنة الأخيرة بواسطة الرئيس المنتخب شرعياً محمد مرسي، وشرعيته مستمدة من صندوق الانتخاب مثل شرعية حماس، وهو انتخاب حر ونزيه يقوم على مبدأ المرة الواحدة في الانتخابات وبقاء في السلطة للأبد بدعوى أنه ينفذ شريعة الله؟

لقد استقال ديجول العام 1968 عندما لم يؤيّده الشعب بأغلبية الثلثين، بناءً على رغبته في استفتاء، رغم أنه لم يكن مطلوباً منه ذلك، ولكن حسّه الديمقراطي والوطني هو الذي دفعه لهذا التصرف، رغم أنه كان بطلاً قومياً في الحرب العالمية الثانية. وهذا عكس ما حدث مع الرئيس مرسي الذي تظاهر ضده 33 مليون بينما كان الصندوق الذي أتى به فقط حوالي 12 مليون وأقل منها قليلاً لمنافسه الذي أصبح طريداً للعدالة المزوّرة في عهده. ونتساءل هل توجد في دولة أن المنافس الشريف يطارد وفي أي كتب الديمقراطية هذه؟

إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"

العدد 4003 - الخميس 22 أغسطس 2013م الموافق 15 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 8:37 ص

      ما ينكر الجميل إلا...

      يقال السؤال يفضح سائله كما يقال من يعرف العيب ويقال إذا أتتك مذمتي من ناقص فاعلم... يمكن لم تقرأ تاريخ أهل البحرين عد وتعرف ثقافتهم العلميه ولا تعرف عن موروثهم العلمي. فالرد على السفيه قد لا يكون منقصه لكن كما تعرف مصر الجديدة هناك مصر القديمة. البحرين لها تاريخ قديم وتاريخ حديث قم فقط بزيارة بلاد القديم وزر تحديدا مسجد الخميس وتسائل لما مغلق ولا يسمح للسائحين زيارته؟ والله يرحم والديك على ها التربيه السنعه.

    • زائر 3 | 8:22 ص

      قالها بحرالعلوم أين حقي؟

      الأزمة ليست مصريه لكنها عالميه. فالعالم اليوم في نقطة تحول لم يردها اليهود لكنهم لا يعترفون. ويظهروا كما كان العالم في ضياع وتوهان كما تاهوا أهل مصر عند ما خالفوا وإتبعوا السحره والشياطين من الجن والانس. هذا ليس عتاب لكن قد يكون عقاب على مشاركة مخبرين من مصر في الكثير من التجسس على حرمات الناس. وهذه الجماعات تجسست وحولت الكثيرات من النساء الى راقصات ليكسبن عيشهن من هز. كيف ينظر المجتمع للعاريه ولا يعطيها ملا بس كي لا تتعري؟

    • زائر 2 | 7:12 ص

      ولا تعليق؟؟؟

      ولا تعليق واحد؟؟؟ غريبه من شعب مثقف مثل الشعب البحريني!! يجب ان نكون اقوياء ويجب ان نفكر خارج الصندوق ويجب ان نستخدم العقل الذي فضل به الله الانسان عن غيره من الكائنات الامن والائمان نعمه من رب العالمين. ابدا لاتخسروها

اقرأ ايضاً