العدد 4005 - السبت 24 أغسطس 2013م الموافق 17 شوال 1434هـ

المشهد العربي: من الحرية إلى الإفراج عن دكتاتور

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

متابعة الأحداث في كل بلد عربي تثير اليوم تساؤلات كثيرة عمّا تحقق من بعد العام 2011 وتحديداً مع ثورات واحتجاجات الربيع العربي التي حملت معها حلم الدولة المدنية والحرية التي تحرر المواطن العربي من أنظمة سياسية لا تعترف بالمواطنة ولا بالديمقراطية كأساس لبناء الدولة.

إن المشهد العربي يجر اليوم بعربة واحدة لقوى واحدة ولعقلية سلطوية واحدة لا تريد التغيير الديمقراطي أن يحدث في أي بلد ولهذا فإن كل بلد عربي يعيش حالة مكررة من المشهد العراقي... هذا المشهد الذي حمل ومازال يحمل كمّاً كبيراً من مظاهر التوتر والفرقة والغضب والتدني المستمر في الخدمات وصولاً إلى انعدام حالة الأمن والاستقرار. كل ذلك من أجل عرقلة سير بناء الدولة المدنية التي لا تتبنى العقلية القبلية أو العقلية الدينية.

ولو نظرنا إلى المشهد المصري الحالي فهو يبرر القتل بحجة محاربة الإرهاب وهذا واضح في افتتاحيات الصحف المصرية ويبرر عن الإفراج لزعيم فاسد مثل محمد حسني مبارك. يحدث كل ذلك في وقت أثار مثل هذا القرار غضب القوى الثورية في مصر التي رفضت الإفراج عن دكتاتور عجوز ثارت عليه وأطاحته لتتخلص من قبضته الظالمة في ثورة عارمة قبل أكثر من عامين في الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011.

إن إخلاء سبيل دكتاتور عجوز في مثل هذا التوقيت الذي تعيشه مصر دفع برئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي بصفته نائب الحاكم العسكري بوضع مبارك قيد الإقامة الجبرية لامتصاص غضب الشارع.

تلك مؤشرات باستمرار وجود القوى الواحدة السلطوية التي مازالت تهرول بمزاجها وهي من تقود دفة التخريب والدمار في المنطقة.

ويرجع سبب ذلك في نفوذها المادي الكبير، فهي تعتبر بناء الدولة المدنية تهديداً لأركان أنظمتها السلطوية وبالتالي فهي تفعل ما تشاء في ظل غياب دور حقيقي للمجتمع الدولي الذي لأول مرة لا يستطيع أن يتخذ موقفاً صريحاً حيال ما يحصل في بلدان المنطقة العربية مثل مصر التي تعيش فوضى سياسية ومن ثم سورية التي تعيش وضعاً إنسانياً خطيراً والآن لبنان الذي يراد العبث به بورقة الطائفية وصولاً إلى البحرين التي مازال ملفها السياسي عالقاً دون حل سياسي جاد.

إن تغيير الوجوه من مبارك إلى غيره من «جماعة الإخوان» في المحاكم وإدخال السجن الرئيس المعزول محمد مرسي، جمعيها ممارسات لا تخرج المشهد العربي من أسره من قبل القوى السلطوية التي تقاوم وتناهض التغيير منذ العام 2011.

وهو ما عبّرت عنه القيادية بحركة شباب 6 أبريل إنجي حمدي إذ قالت في حديثها إلى قناة دويتشه فيله العربية (24 أغسطس/ آب 2013): «إن خروج مبارك ودخول الرئيس المعزول محمد مرسي إلى السجن ليست إلا عملية تبديل أماكن وأشخاص»، معتبرةً قرار الإفراج بـ «الكارثي» في حق الثورة والشهداء ومبادئها وقالت: «ارتضينا بداية محاكمة مبارك بالقانون... نظراً إلى غياب الأصوات التي تنادي بمحاكمته محاكمة ثورية. وذلك لترسيخ دولة القانون، أمام غياب أسس المحاكم الثورية والخوف من الدخول في دائرة الانتقام».

إلا أنها أوضحت أن المحاكم كانت «هزلية» بعد أن أشرف عليها المجلس العسكري لامتصاص غضب الشارع قبل أن يقوم هو ذاته بإخفاء الأدلة. وتقول الناشطة: «الإفراج يقع على عاتق مرسي لأنه وعد بإعادة محاكمة رموز النظام السابق وتقديم أدلة جديدة، لكنه لم يفعل فيما لم يتطرق الإسلاميون في البرلمان الذين كانوا يحظون بالغالبية إلى تشريع قوانين تحمي الثورة بل عقدوا صفقات لتحقيق مصالحهم».

كلام الناشطة من حركة شباب 6 أبريل يعكس عدم نضج المشهد السياسي العربي وهو ناجم عن استمرار الممارسات التي ورثتها سياسات الحقب السابقة... ببساطة لقد اختُطفت ثورة الشباب من قبل الجماعات الإسلامية التي لم تعرف كيف تعمل سياسياً داخل صرح الدول ومؤسساتها والآن سقطت هذه المبادئ على يد العسكر الذي أفرج عن مبارك ضارباً بعرض الحائط لكل من سقط من أجل حرية وديمقراطية مصر. ولذا فإن اختلاط الأوراق في المشهد العربي وتردد الموقف الأميركي والأوروبي حيال اتخاذ موقف محدد إزاء ما يحدث يدفع إلى طرح الكثير من الأسئلة وهو كيف سيكون المشهد العربي بعد ستة أشهر من الآن؟

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4005 - السبت 24 أغسطس 2013م الموافق 17 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 11:18 ص

      القبيلة والتقبيل والقبلة

      في أيام مارلين منروا كان إغراء وإغواء. فيغرون الجنود بالمغنيه الحسناء بينما يغوون مارلين منرو بالمال والشهرة. اليوم يمكن أغروا المجاهدين بالجنة والمسلمين الإخوان بالمال والبنين. فزواجات جماعية وهدايا وعطايا ومناصب وما خفي ومسكوت عنه يكمن يمون أعظم من ما قيل. فيستضعفون الناس بالمال ويتقوون عليهم بالسلاح. قوتان لتطويع الانسان أم لكي يطيع أوامر؟ فكيف القبيله تطيع أو مر الأمريكان من خوفها أو من طمعها؟

    • زائر 4 | 6:28 ص

      حق مفقود وحرية مطلقه ليست فقط على أرض دلمون المفقوده

      ليس من أبجديات أبجد هوز لكن يصلح الناس على تسمية شيء وينادونه بهذا الإسم أو اللقب. لكن هل المسمى تسميته صحيحه أو جوفاء وخايه لا تعكس الجوهر الحقيقي لهذه التسميه؟ فيمكن ملاحظة أن التسمية الملصقة بالبنك الاسلامي مثلا مركبه. بينما الحريه وتحتاج حر وما في وضح من المشاهدات المكتشفه أن الناس ما حسوا الى عبادتهم للكرسي أو للمال أو رأس المال قطعوا أرقاب الناس من أجله. أين الحر من الحرية؟ وأين العدل من العادل؟ أو حر ليس توأمه عدل ولا الحرية متزوجه من واحد عدل لكن غير سوي يعني؟ إشلون هذه تستوي؟

    • زائر 3 | 6:17 ص

      حسنى مبارك

      حسنى مبارك على الاقل احسن من مرسى الذى اراد ادخال الفرس فى مصربحجة زيارة اماكن المقدسة و سمح بوارج ايرانية محملة بالاسلحه عبور قناة السويس لمساعدة نظام بشار فى قتل السورين ولكن ايام حسنى مبارك حتى الحلم ما كانو يحلمون ايرانين دخول الى مصر

    • زائر 2 | 5:03 ص

      ستراوية

      بعد فك قيد هذا الدكتاتور الظالم على مصر السلام

    • زائر 1 | 1:35 ص

      ريغان كان ممثلاً واليوم حتى الحريه تحتاج تمثيليه كما الديمقراطيه!

      ما كشفته الفوضى الخلاقة اليوم كثير وليس قليل منها وضح للعالم أن حقوق ناس ضايعه وأراضي مسروقه وأخرى منهوبه لكن تجارة حره عالميه. أين الحرية المطلقة التي تخول الحاكم ( كما يدعي أنه يحكم) او يأمر آخرين أن يقتلوا أو يتقاتلوا من أجل أن يستمر نهب وسلب وسرقة الثروات الطبيعيه لصالح دولة أجنبيه. أووا ليست خيانة عظمى؟ أوالتعامل وبيع الأراضي للشركات والأجانب من أجل مال ليس من الكبائر؟ أو يشتري ويميل الناس بالعام لتتاحرب تتحارب لا إكراه فيه؟

اقرأ ايضاً