العدد 4014 - الإثنين 02 سبتمبر 2013م الموافق 26 شوال 1434هـ

وأد الدولة المدنية

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مهما كان الغطاء، ومهما كانت الأساليب سواءً كانت بشكل قسري كما حدث أيام السلامة الوطنية من فصل أكثر من ثلاثة آلاف موظف من القطاعين العام والخاص، أو بشكل شبه قانوني كما حدث في تزوير إرادة المؤسسات الأهلية، أو حتى بشكل قانوني لا يمسه الباطل من خلال التعيينات في المناصب الرسمية المهمة، فإن ما يجري الآن هو وأدٌ للدولة المدنية التي خلقها المواطن البحريني عبر عطائه وإصراره وتضحياته، وخلق دولة جديدة تقوم على أسس قبلية وطائفية، يكون الولاء فيها قبل كل شيء.

إن ما تم تحقيقه من تطور في طريق الدولة المدنية الديمقراطية، حتى إن كان ناقصاً ولا يرضي الطموح، يتم القضاء عليه بشكل متعمد خلال هذه المرحلة المظلمة من تاريخ البحرين.

ليس هناك دولةٌ ديمقراطيةٌ في العالم الآن تتعمد إبعاد وتهميش المعارضين للحكومة، فما بالك بإبعاد وتهميش طائفة بأكملها، تمثل على أقل تقدير نصف مواطنيها، باستثناء مجموعةٍ صغيرةٍ ارتضت أن تلغي هويتها لتكون مجرد تابع، وليس له من المؤهلات إلا الطاعة العمياء.

لا يمكن بناء الأوطان وتطويرها وتنميتها في هذا العصر المتقدم من خلال الطاعة وحدها، وإنّما يتم ذلك من خلال تمكين القدرات والكوادر الخلاقة والمبدعة، مهما كانت توجهاتها السياسية أو الأيدلوجية.

ما نراه الآن من تحطيم للبنى التحتية للمجتمع ليس فقط على مستوى المؤسسات الأهلية ولكن حتى على مستوى المؤسسات والهيئات الحكومية، لأسباب لا يجهلها أحد، كما يحدث لمعهد البحرين للتدريب، ينبئ عن مستقبل أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه سيكون رديئاً للأجيال المقبلة بشكل خاص وللبحرين بشكل عام.

لا يمكن لأية دولة، أن تبنى عن طريق الإقصاء والتمييز والتهميش، مهما كانت الظروف التي تمر بها، وإنما من خلال احتضان جميع أبنائها بغضّ النظر عن دينهم أو طائفتهم أو موالاتهم أو معارضتهم للحكومات القائمة، فإن الأوطان لا تختصر بحكومة أو فئة أو شخصيات معينة.

في السابق كان إبعاد طائفة معينة عن أهم وأكبر المؤسسات الحكومية كوزارتي الدفاع والداخلية، واللتين كان من المفترض أن تستوعبا أغلبية المواطنين وخصوصاً المتسربين من التعليم، إلى الاتجاه بشكل معاكس، وكان ذلك خطأ استراتيجياً مازالت الدولة تدفع ثمنه غالياً، لذلك اضطر أغلبية هذه الفئة إلى التركيز على التعليم الجامعي أكثر فأكثر، ومن لم يحالفه الحظ في التعليم، سعى لفتح مشروعه الخاص، ومن لم يمكنه ذلك عمل في مختلف الوظائف المتدنية، التي لا يقبلها الشباب من الطائفة الأخرى، والذي فتحت له الأبواب دون شروطٍ للدخول في السلك العسكري، وفي النتيجة كانت المحصلة في صالح من تم استبعادهم حيث اضطروا للولوج في مختلف القطاعات الاقتصادية وشغل مختلف الوظائف سواءً العليا منها أو الدنيا، ولهذا وجدت الدولة نفسها في مشكل كبير عندما بدأت التحركات الشعبية في العام 2011 وأضرب الكثيرون عن العمل، ما هدّد بإصابة الدولة بالشلل الكامل.

وكما أخطأت الدولة حينها في استبعاد طرف معين عن السلك العسكري، فإنها تعيد الخطأ نفسه مرةً أخرى في الوقت الراهن، من خلال استبعادهم عن الوظائف العليا وتهميشهم، وذلك خطأٌ فادحٌ لن تظهر نتائجه إلا في المستقبل، وربما في المستقبل القريب جداً.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 4014 - الإثنين 02 سبتمبر 2013م الموافق 26 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 3:12 م

      من قال ذلك؟

      من قال ان طائفة بأكملها تم تجاهلها ..

    • زائر 10 | 7:38 ص

      يقطر طائفيه

      كلام يقطرطائفية ، ينظر فقط لجزء من النتيجة ويتعامى عن كم هائل من الأسباب . هذا ما يسمى تحريض وحياته للأمانة الصحفيين

    • زائر 9 | 6:03 ص

      بيع و شراء

      العديد من المناصب و الوظائف لم تعطى للموالاة لانهم اقلية و الدليل على ذلك تجنيس عدد كبير و اعطائهم المناصب و الوظائف و هؤلاء ولائهم لمن يدفع لهم.

    • زائر 7 | 4:26 ص

      مواطن

      احسنت هذا مقال يساوي ذهب وشجاعه مميزه لك كل الشكر

    • زائر 5 | 2:31 ص

      كول غيرها

      اخوي شنهو يعني واد يعني يدفنون الدولة المدنية وهي حية ماهي مدفونة منذ عهد الفرعون خرفتش الأول الذي مات من القهر أكول يبه انت وامثالك تحلمون جوف لك شغله تنفع دولة مدنية إحنه دولة قبلية وايد علينه تصور انت في اصغر بلد في العالم وسكانك بضع نفرات ويتصارعون ويحقدون انهم سنة وشيعة وليس بصفتهم مواطنين ومصالح وحقوق خوي إذا حبيت تنجح صير مله او سو لك لحية والبس عمة وطلع فتاوي بعدين شنهو جمع وأد الله يهديك يا خوي جميل / اخوك سندارة

    • زائر 4 | 2:03 ص

      بل قل وأد دولة القيم الانسانية ووأد الحقوق وقبرها

      اصبحنا نعيش في بلدنا ونعامل كالبهائم بل ان هناك جمعيات رفق بالبهائم ولا توجد جمعيات رفق ببني البشر اصبحنا لا نأمن على انفسنا ممن هو المسؤل عن امننا.

    • زائر 3 | 1:47 ص

      وأد الدولة الانسانية فلا مدنية ولا دينية ولا انسانية حتى

      اصبحنا في دولتنا نحارب علنا في معتقدنا، في رزقنا وقوت يومنا، في انتمائنا في اصلنا وفصلنا في وطنيتنا في كل شيء. هي حرب ضروس تشنّ علينا لأننا طالبنا بالمشاركة في صنع القرار وفي الحكم في بلدنا وهذا ما ينص عليه الدستور البحريني وكل قوانين العالم ودساتيره تقول الشعب مصدر السلطات. ولكن في البحرين الشعب مصدر السلطات بفتح السين واللام وحتى هذه ايضا سلبت منا فأصبح وجباتنا بلا نكهة ولا سلطة

    • زائر 1 | 10:05 م

      ولدت ميته

      عن أي وأد تتكلم فالدولة المدنية مقوماتها معروفة وحدودها واضحة والدولة إما أن تكون مدنية الحكم فيها للقانون والناس أمامه سواسية أو لا تكون سمها ما شئت شركة قبيلة مؤسسة إقطاعية والبقية عليك.

اقرأ ايضاً