العدد 4044 - الأربعاء 02 أكتوبر 2013م الموافق 27 ذي القعدة 1434هـ

القادة الدينيون واللاجئون السوريون يلتقون في لبنان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

(مديرة البرامج والاتصالات في «آر أند آر سوريا»، ومركزها لبنان. ينشر هذا المقال بالتعاون مع خدمة كومن غراوند)

تنتشر قرى الموارنة الكاثوليك والسنة والروم الأرثوذكس والعلويين في قضاء عكّار في شمال لبنان. تبعد الحدود السورية 15 دقيقة بالسيارة إلى الشمال من بلدة حلبا، ويستطيع السكان سماع أصوات القصف في سورية أثناء الليل، كما تقع أحداث النزاع الطائفي طوال الوقت.

يُلقي القادة الدينيون في لبنان أحياناً خطابات حول العلاقات المشتركة بين الديانات الإبراهيمية الثلاثة، والتعاون بين الديانات والتضامن والحب والسلام للجميع.

لسوء الحظ أن هذه الخطابات ليست سوى كلمات فارغة في معظم الأحيان، إلا أن حدثاً وقع أخيراً كان مختلفاً، ليس من حيث مضمونه الكلامي فقط، وإنما من حيث تطبيق النظريات في مواجهة حرب رهيبة تستعر على بعد كيلومترات قليلة، وذلك من خلال التلاقي وجهاً لوجه وحث الجاليات على العمل معاً.

التقى خلال شهر رمضان الماضي هذا العام شيخ علوي ومفتي سني ومتروبوليت من الروم الأرثوذكس ومونسنيور كاثوليكي ماروني، ومعهم مجموعة من أكثر من مئة لاجئ سوري و50 لبناني من سكان المنطقة لتناول وجبة طعام مشتركة.

تجمّعت المجموعة، التي يندر أن تجتمع عادة أمام مطعم جميل في قرية منيارة على رأس جبل قرب بلدة حلبا لتناول وجبة إفطار، مثبتة أن القادة الدينيين وجالياتهم يستطيعون العيش معاً بسلام إذا أرادوا ذلك.

مثّلت المجموعة جميع الطوائف الدينية الرئيسة الموجودة في عكّار، إضافة إلى اللاجئين السوريين الذين وصلوا من القصير وحمص وأجزاء أخرى قبل بضعة أسابيع من البلاد التي مزقتها الحرب.

كان من بين ضيوف الشرف مفتي عكّار السني ومتروبوليت الروم الأرثوذكس لعكّار ووادي النصارى في سورية والممثّل العلوي لمنطقة عكّار والمطران الماروني لطرابلس.

خارج الأضواء، ولكن بحضور كبير، كان هناك اللاجئون، رجالاً ونساءً من كافة الأعمال والخلفيات الاجتماعية الاقتصادية: مقتدى، أستاذ الرياضيات الذي تحطمت ساقه اليسرى نتيجة إصابة قبل ثلاثة شهور، وحسام، الفني الكهربائي ذو العيون اللامعة واليد التي تصافح بقوة وثبات، ووليد، نجم كرة السلة البالغ من العمر 26 سنة، لولا العكازات التي يسير بمساعدتها، وعبدالكريم، الذي توفيت زوجته خلال مسيرهم إلى لبنان استغرق ثمانية أيام على الأقدام هرباً من الحرب، فتركته مع خمسة أطفال.

لم تكن عملية جمع اللاجئين معاً في غرفة واحدة مع أفراد من الجالية العلوية أمراً سهلاً. يجري ربط العلويين أحياناً مع الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه العلماني، وهو أحد أطراف النزاع العنفي الذي أدى بالكثيرين إلى الهروب من سورية.

وعندما وقف الشيخ العلوي لإلقاء كلمة ووراءه أحد أفراد فريق حرّاسه، ازداد التوتر في الغرفة بشكل ملحوظ. رغم ذلك شعر اللاجئون بأن رسالة الشيخ كانت صادقة فصفقوا له، وهو أمر اعتُبر معجزة بحدّ ذاته.

بدا اللاجئون وكأنهم ظامئون للحقيقة حول ضرورة الاعتراف بالأعمال الوحشية التي واجهوها، وبأن تعترف الشخصيات الحاضرة من المنطقة والجمهور على اتساعه بصعوبة وضعهم. شعروا هنا في هذه المساحة الآمنة أنه يجري أخذهم على محمل الجد، مما فتح أبواباً لفرص جديدة للجاليات الدينية المختلفة لتجتمع معاً وتتعامل مع بعض مصادر القلق المشتركة.

إن نجاح هذا العمل في منطقة عكّار بالذات له أهمية خاصة، فعكّار ملاذ آمن لأعداد السوريين اللاجئين المتزايدة، وكذلك أرضاً خصبة لإنتاج المقاتلين.

ففي عكّار، وهي واحدة من أفقر المناطق في لبنان، والتي تضم أكبر عدد من اللاجئين، تزداد احتمالات التوتر أكثر من أية منطقة أخرى في البلاد، الوضع هنا هش إلى درجة كبيرة.

نعم، ربما يكون هذا هو سبب كون الكثير من الناس أكثر وعياً بضرورة الحفاظ على السلام بغض النظر عن كلفة ذلك.

وحفل الإفطار هذا، والجهود الأخرى التي تقوم بها مؤسسة الإعانة والتسوية (آر أند آر سورية)، وهي مجموعة من المواطنين المهتمين في أوروبا وغيرها، تُظهِر أن القادة الدينين ومجتمعاتهم تستطيع العيش معاً بسلام.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 4044 - الأربعاء 02 أكتوبر 2013م الموافق 27 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً