العدد 4064 - الثلثاء 22 أكتوبر 2013م الموافق 17 ذي الحجة 1434هـ

المصريون يبدأون رحلة السلام

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

(صحافية مصرية مستقلّة ولدت ونشأت في إيطاليا من أبوين مصريين، لها ثلاث روايات. والمقال ينشر بالاتفاق مع خدمة «كومون نيوز»)

ربما لا تكون كلمة السلام هي الكلمة الأولى التي تقفز إلى الأذهان عندما يفكّر المرء بالقاهرة هذه الأيام. يبدو المشهد السياسي المصري اليوم أكثر استقطاباً من أي وقت مضى، وقد أبرزت صدامات الأسبوع الماضي المتجددة مرةً أخرى الخلاف بين أنصار الإخوان المسلمين وأعدائهم، إلا أن القاهرة مدينة يمكن أن يحصل فيها أي شيء.

أظهر يوم السلام العالمي في 21 سبتمبر/ أيلول، هذه السنة وجهاً آخر للقاهرة، وشكّل خطوةً نحو مصر أكثر شمولية ترتكز على العدالة والاحترام المتبادل.

العديد من المصريين انطلقوا وراء التوترات الناتجة عن التحوّل إلى الديمقراطية، في طريقٍ نحو السلام، من ناشطين شباب بارعين في أمور التكنولوجيا عبر الإعلام الاجتماعي، إلى رجال ونساء من أجيال أكبر عمراً يبحثون السياسة أو ينضمون إلى حملات على مستوى الجذور للمرة الأولى.

في 21 سبتمبر/ أيلول، وللسنة الثالثة على التوالي، احتفلت «ماستربيس» (Masterpeace)، وهي مبادرة عالمية على مستوى الجذور لبناء السلام تضم أناساً في أكثر من أربعين بلداً مختلفاً، احتفلت بيوم السلام العالمي في القاهرة في حفلٍ أطلق عليه اسم مهرجان الفن في الشارع. شارك حوالي أربعة آلاف شخص تقريباً وتمتعوا بيوم كامل من فن الكتابة على الجدران والموسيقى وورشات العمل. انضم إليهم مصريون من كافة الخلفيات والفئات العمرية.

بدا الناس أكثر توقاً من أي وقت مضى للاجتماع معاً وبناء المجتمعات الصغيرة. وتقول مديرة المشاريع في القاهرة رغدة الحلواني: «لم يُظهِر أحدٌ أية مؤشرات على الانحياز السياسي، وجاء الجميع للاحتفال بمصر معاً، بغضّ النظر عن الحزب الذي يساندونه». وتضيف: «لم يخَفْ الناس من التجمّع في الشوارع رغم الوضع الخطير حسب الادعاءات الواردة في الأخبار، وقد انتهى الحدث دون وقوع حادث واحد».

تعاملت ورشات العمل التي عقدت أثناء الاحتفال مع مواضيع مثل التحرّش الجنسي والتسامح الاجتماعي وحوار الديانات، إضافةً إلى فن الجدل. وتعلّقت مواضيع أخرى بكيف يمكن للمصريين تحريك بلدهم إلى الأمام، تراوحت بين الانتخابات المقبلة إلى كيفية اشتمال جميع وجهات النظر والعقائد في بناء مصر الجديدة.

ما كانت مبادرات كهذه قبل ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، تجتذب مشاركة حماسية كهذه، إذا أخذنا بالاعتبار أن مواضيع مثل التحرش الجنسي كانت محرّمة. لم تكن حتى مواضيع مثل حوار الأديان تبحث بشكل واسع في السابق كما حصل أثناء الاحتفال. واختُتِم الاحتفال بانضمام المصريين إلى فنانين مستقلين من «ماستربيس» لتغطية جدار كامل بالرسومات الجدارية التي تمثل الوحدة.

تشكل رسومات الجدران سمة مميزة ليوم السلام العالمي في العاصمة المصرية. في العام 2011، وهي السنة الأولى التي عقد فيها الاحتفال في القاهرة، تم إنجاز رسومات أخرى بحجم الجدار، تمثّل الأمل بمستقبل أفضل وسلام مع الطبيعة. وتشرح الحلواني قائلة: «لم يقم أحد بتخريب الجدران في هذه السنوات الثلاثة رغم أنها تقع على الشارع مباشرة. يقدّر الناس الجمال، ويحب المصريون وجود نقطة جميلة نظيفة في وسط شوارعنا».

وتشير هذه الرعاية للمساحة العامة واستخدام الفنون كشكل من أشكال التعبير الاجتماعي والسياسي، قوة اندفاع متنامية من جانب المصريين الشباب لبناء أمتهم.

بعد حوالي سنتين من الفوضى السياسية والحوكمة الضعيفة وسياحة أصيبت بالدمار، مازال المسلمون والمسيحيون والليبراليون وهؤلاء الذين يريدون أن يلعب الدين دوراً في السياسة، وهؤلاء الذين لا يريدون ذلك، مازالوا يسعون من أجل الاستقرار السياسي والاقتصادي.

بغضّ النظر عن المنظور الأيديولوجي الذي يحمله المرء، فإن ثورة 25 يناير شكّلت بداية عقلية مدنية وشعور بالدولة، مازال يجري التعبير عنه أثناء مناسبات كهذه. وحتى يتسنى تشكيل مجتمع ديمقراطي تعددي بشكل صحيح، سوف يحتاج المصريون لأن يستمروا بالبناء على ما يوحدهم.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 4064 - الثلثاء 22 أكتوبر 2013م الموافق 17 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً