العدد 4110 - السبت 07 ديسمبر 2013م الموافق 04 صفر 1435هـ

مانديلا... والمدارس من أجل إفريقيا

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

في حوار جميل بين طفل ونيلسون مانديلا، يسأل الطفل: الحركة العالمية من أجل الأطفال، قل نعم للأطفال، اسمك من فضلك، ما اسمك؟ مانديلا: اسمي؟! نعم... أنا شخص متقاعد، والآن يمكنك تسميتي السيد متقاعد! الطفل: السيد متقاعد؟! لا اسمك الحقيقي. مانديلا: اسمي الحقيقي، آه، نعم، اسمي الحقيقي الجد نيلسون مانديلا.

يتحدث مانديلا في هذا الحوار عن أن ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم قد تحدثوا ودعوا إلى احترام وإحقاق حقوق جميع الأطفال، ووجه الاهتمام الحقيقي في الأطفال لأنهم مع النساء وذوي الإعاقة هم الشريحة الأضعف في المجتمع (الفئات الأكثر عُرضة للانتهاك)، وإن أي بلد وأي مجتمع لا يهتم بأطفاله لا يمثّل أمة على الإطلاق، وأن علينا وضع الأطفال في صميم كل ما نقوم به، فهم الدافع وراء كل قرار نتخذه.

بلا شك، فقد استطاع مانديلا أن يحدث تغييراً ملموساً تجاوز حدود جنوب إفريقيا ليعمَّ القارة السوداء برمتها، عبر اهتمامه الكبير بحق التعليم، وتحديداً تعليم الأطفال، فذات مرة ألقى كلمة اعتبر فيها «التعليم أقوى سلاح يمكن استخدامه لتغيير العالم».

كان المناضل مانديلا صاحب مشروع ورؤية في تغيير واقع إفريقيا ليس فقط بكفاحه ونشاطه في مواجهة التمييز العنصري، وإنما من خلال اهتمامه بإنشاء المؤسسات التي تُعنى بتعليم الأطفال تعليماً جيداً، ففي 16 مايو/ أيار 2008 وقعّت كل من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) ومؤسسة نيلسون مانديلا وجمعية هامبورغ مذكرة تفاهم لتوطيد أسس الشراكة لتعزيز حملة «المدارس من أجل إفريقيا»، لضمان حصول ملايين الأطفال في إفريقيا على التعليم الجيد الذي من شأنه أن يغيّر حياتهم ومستقبل قارتهم، وتحسين البيئة التعليمية الآمنة التي توفر الحماية لهم، وبناء فصول دراسية جديدة أو ترميمها، وتزويد الأثاث المدرسي بما في ذلك السبورات والمقاعد الدراسية والكراسي ومواد التدريس والتعلم، وتوفير مياه صالحة للشرب ومرافق صحية منفصلة لكل من الفتيات والفتيان، وتحسين تعليم الإناث اللاتي يعانين من التمييز وصعوبة الوصول للتعليم، هذا إلى جانب توفير تدريب أفضل للمعلمين وأفراد المجتمع المحلي المشاركين الذين سيكون بوسعهم جعل المدارس أكثر ملاءمة للأطفال.

وتقوم مبادرة «المدارس من أجل إفريقيا»على تحقيق وبلوغ هدفين رئيسَين من الأهداف الإنمائية للألفية، وهما: تعميم التعليم الابتدائي، والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.

يُذكر أنه تمّ تأسيس صندوق نيلسون مانديلا للطفولة في العام 1995، وفي العام 1999، وبعد تنحيه عن منصبه كأول رئيس من أصل أسود لجنوب إفريقيا، أنشأ مؤسسة نيلسون مانديلا.

يمكن القول إن بصمات مانديلا التعليمية واضحة وستظل كذلك في مبادرة «المدارس من أجل إفريقيا»، فئمة شهادة مهمة للمدير الإقليمي لمنظمة اليونسيف لشرق وجنوب إفريقيا بير إنغباك، إذ يقول: «لا يوجد لأي استثمار آخر تأثير دائم مثل تعليم الأطفال، إذ يتمتع الأطفال الذين يرتادون المدرسة بصحة أفضل، وبدرجة أعلى من الاعتماد على الذات، ويمكنهم الحصول على مهنة بسهولة أكبر، ويعدُّ التعليم العلاج الفعال والوحيد للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية (الايدز)».

أمس الأول (الجمعة) أصدرت منظمة اليونسيف بياناً نعت فيه نيلسون مانديلا، وبأن اليونسيف فقدت بطلاً ومناصراً قوياً كافح من أجل الأطفال، فهو الذي حثّ رؤساء الدول في الدورة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأطفال في العام 2002 على إقرار زيادة الموارد المخصصة للخدمات الصحية والتعليمية المقدمة للأطفال.

كما أصدرت هيومن رايتس ووتش بياناً اعتبرت فيه رحيل نيلسون مانديلا خسارة فادحة ليس فقط بالنسبة لجنوب إفريقيا بل وللعالم، فليست جنوب إفريقيا بعد ما يقرب من عقدين من ديمقراطيتها، البلد الذي قال مانديلا إنه يأمل أن تكونه، لايزال الفقر وعدم المساواة متفشيين، وقطاعا التعليم والصحة غير كافيين، وتبقى جنوب إفريقيا منقسمة بسبب الفصل العنصري وعدم المساواة الاقتصادية العميقة.

كتكريم لجهود مانديلا وكفاحه من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة التمييز العنصري والترويج لثقافة السلام في شتى أرجاء العالم، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 يوم 18 يونيو/ تموز «اليوم الدولي لنيلسون مانديلا».

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 4110 - السبت 07 ديسمبر 2013م الموافق 04 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً