العدد 4111 - الأحد 08 ديسمبر 2013م الموافق 05 صفر 1435هـ

منيرة فخرو:هل ترى وجود تناقض جدي بين واشنطن وتل أبيب في هذا الملف؟

لا.... لا يوجد تناقض جدي... فالرباط الأميركي الإسرائيلي سوف يبقى

منيرة فخرو
منيرة فخرو

هل ترى وجود تناقض جدي بين واشنطن وتل أبيب في هذا الملف؟

لا.... لا يوجد تناقض جدي... فالرباط الأميركي الإسرائيلي سوف يبقى

منيرة فخرو

لا، لا يوجد تناقض جدي، فالرباط الأميركي الإسرائيلي سوف يبقى لاعتبارات كثيرة أهمها تنظيم اليهود لأنفسهم سياسيا وسيطرة اللوبي اليهودي «إيباك» وهو الأقوى بين سائر جماعات الضغط في واشنطن. ولكننا نلمس تطورا في مخاطبة إسرائيل ومخالفتها خاصة عند زيارة وزير الخارجية الأميركية أخيرا إلى إسرائيل الذي صرح بعدم شرعية المستوطنات. كما رأينا استماتة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لثني الولايات المتحدة عن موقفها بالنسبة للحوار الدائر الآن حول الملف النووي. وهذا في رأيي يعد تقدما كبيرا في سياسة الولايات المتحدة الخارجية. إضافة إلى ذلك تقتضي الإشارة إلى ازدياد المعارضة في داخل الولايات المتحدة وأوروبا ضد السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ورفض الاستيطان فيها. إذن، هناك حركة جنينية ترفض هذا الاحتلال وتضعف موقف إسرائيل داخل أهم معقل لها وهو الولايات المتحدة. ونحن نرى بعض نتائجها في فرض المقاطعة على منتجات الأراضي المحتلة، ما يذكر ببداية المقاطعة لحكومة جنوب أفريقيا العنصرية التي أثمرت عن تراجع نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) وحلول نظام ديمقراطي بديل مكانه. وما أعنيه هنا أن الأمور لا تجري دائما على هوى إسرائيل ورغباتها.

من ناحية ثانية، أقول إن ما يساعد على إنجاح ملف الانفتاح الأميركي الإيراني، بالنسبة لإيران، هو وجود مجموعات كبيرة من أساتذة الجامعات من أصول إيرانية داخل مراكز الدراسات الشرق أوسطية وهم يعملون بجد لإزالة الخلاف الأميركي الإيراني. أذكر أن رئيس أحد هذه المراكز في نيويورك قال لي ذات مرة: قد ينظر لقضاياكم بصورة مختلفة لو كان لديكم علماء وباحثون في تلك المراكز. فالباحثون العرب يمثلون نسبة ضئيلة مقارنة بأمثالهم من الإيرانيين. لذلك لا بد من تقوية الوجود العربي في الجامعات الأميركية.

البديل عن التقارب هو الحرب التي ستكون نتائجها رهيبة على المنطقة والعالم وسيسفر عنها ضرب المصالح الأميركية في الخليج كإغلاق مضيق هرمز وقطع النفط الذي هو شريان الحياة لسكان المنطقة قبل غيرهم. أعتقد أن واشنطن ستصر على موقفها في التقارب مع إيران خدمة لمصلحتها القومية وسوف تغلق هذا الملف الذي مضى على وجوده أكثر من ثلاثة عقود.

أما حول خيارات الدول الخليجية إزاء الهرولة الأميركية للانفتاح على إيران، فإنني أولا، لا أعتقد بوجود هرولة من قبل الولايات المتحدة على إيران بل خطة مدروسة من كل الزوايا، بعد نحو 35 سنة من القطيعة تبدل الوضع العالمي كليا: تلاشى الاتحاد السوفياتي وحلت مكانه روسيا القوية الغنية، وتشكل الاتحاد الأوروبي ليكون كتلة قوية، وبرزت الصين العملاق الاقتصادي القادم، والأهم من ذلك اضمحلال الجيل الذي قام بالثورة في إيران بسبب عامل الزمن وبروز جيل جديد من الإيرانيين يشكل الشباب غالبيته. هذا الجيل يتطلع إلى الحداثة ويتواصل عبر الفضاء الافتراضي مع أقرانه في أوروبا والولايات المتحدة. بل هو يتواصل مع الملايين من الإيرانيين الذين هاجروا مع قيام الثورة أو بعدها ويعلم جيدا كيف ستتغير حياته لو أعيد التواصل مع الغرب. إذن فإيران لديها حاجة ماسة للانفتاح على الغرب. ومن جهة أخرى، فالرئيس أوباما الحاصل على جائزة نوبل للسلام لا يود أن يبدأ حربا جديدة وبلاده في وضع اقتصادي حرج، ولا يريد استنزاف الخزينة بحرب لا يعلم أحد كيف ستنتهي. لذا فهو يعمل بشكل متواصل للتخلص من الأزمة المالية التي ورثها عن سلفه وقد بدأت بوادرها في الانفراج تدريجيا.

بالنسبة لخيارات دول الخليج، أقول نعم لديها خيارات على مستويات عدة أهمها، في نظري انفتاح تلك الدول على الداخل وليس الهرب من مشكلاتها والانغماس في حل مشكلات الخارج، بمعنى أن تبدأ بالنظر إلى تطلعات مجتمعاتها وإلى فئة الشباب بوجه الخصوص وإلى الفئات المهمشة الأخرى كالمرأة والأقليات الدينية والمذهبية. دول الخليج لا تحتاج إلى «ربيع عربي» كما حدث في بعض الدول العربية مرحليا على أقل تقدير بل تحتاج إلى إصلاح عبر إشراك مواطنيها في صنع القرار. فالجميع يعلم ثقل المشكلات التي تواجه تلك المجتمعات مثل قضية العمالة الأجنبية والبطالة بين صفوف الشباب وتدهور التعليم الحديث والفساد الإداري. وعلى المستوى الخارجي أيضا على دول الخليج أن تخفف من اعتمادها على الغرب وأن تنفتح على دول مثل الهند والصين وروسيا والبرازيل، فتلك الدول الناهضة ستخفف من اعتمادنا كليا على الولايات المتحدة والغرب. ولكن يجب ألا ننسى أن القواعد الأميركية والأسطول الخامس متمركز في الخليج، وقد يخفف وجودها من الخوف من الجارة إيران والتعامل معها نديا في المستقبل خاصة في المجال التجاري والاقتصادي، وكذلك في مجال السياحة الدينية حيث يزورها سنويا أعداد كبيرة من مواطني الخليج الشيعة كإتمام لواجباتهم الدينية.

وأخيرا، أن تبادر دول الخليج إلى فتح خطوط الحوار مع إيران والبدء في تقوية الروابط التجارية والسياحية، فإيران تحتاج إلى بناء البنية التحتية وتحتاج إلى رؤوس أموال يستطيع القطاع الخاص في المنطقة أن يلبيها. ولكن قضية الجزر الثلاث التي تحتلها إيران تأتي في مقدمة القضايا الشائكة التي توسع الخلاف بين الأطراف، ولا بد من حلها وإرجاع الحق إلى أصحابه ربما بعرضها على محكمة لاهاي الدولية.

* أستاذة جامعية وسياسية بحرينية.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:42 ص

      في خلافات حدودية بين دول الخليج

      وثلاث الجزر الإيرانية بالنسبة لإيران والإماراتية بالنسبة للإمارات والعلاقات التجارية قامة بينهما وراح تكون إلى الأفضل قريبا ومع عمان والكويت وقطر .... .

اقرأ ايضاً