العدد 4136 - الخميس 02 يناير 2014م الموافق 29 صفر 1435هـ

خلق السعادة

نبيل حسن تمام comments [at] alwasatnews.com

طبيب بحريني

يختلف مفهوم السعادة من شخص لآخر، البعض يراها بالمتعة التي يحصل عليها نتيجة امتلاك الأشياء أو سماع كلمات المدح في شخصه، وهذا النوع من السعادة قصير المدى، لأنها قد تتغير مع تغير الظروف التي خلقت السعادة، وهي غير ثابتة.

السؤال المهم والذي يجب أن يطرحه كل فرد منا على نفسه هو: هل أستطبع أن أنمي نفسي لكي أحصل على السعادة الدائمة؟ وللوصول إلى إجابات منطقية لهذا السؤال الهام، علينا أن نبدأ بفهم مبدأ هام وهو «فن إدارة العقل»، ويجب علينا أن نتفهم جيداً إدارة عقولنا لأننا نفكر كثيراً إلى الدرجة التي تضيع معظم طاقاتنا في التفكير إلى أن يصل العقل حد التعب في بعض الأحيان، لأن المسألة قد تكون صغيرة ولكن عقبنا ينظر لها بأنها كبيرة جداً. ولهذا وجب علينا أن نستوعب أنواع الذكاء وأهمها على الإطلاق هو «الذكاء الروحاني».

إن الذكاء الروحاني له جانبان، الأول هو استشعار الهوية أي معرفة «من أنا؟»، ويتلخص في كيفية وصف أنفسنا لأننا نرى العالم كما نحن عليه وليس كما يبدو هو. والجانب الثاني هو «الهدف» بمعنى لماذا أقوم بهذا الشيء وما هو الهدف من القيام به؟. وهنا يختلف تصرف الناس حيال أي حدث يواجهونه، فالبعض من ذوي الذكاء الروحاني العالي سيتصرفون بأسلوب مختلف عن البعض الآخر ذوي الذكاء الروحاني المنخفض، وحتماً ستكون النتيجة مختلفة في الحالتين.

ونخلص إلى أننا من نمتلك سعادتنا وليس الآخرين، سعادتنا تعتمد على ذكائنا الداخلي الروحاني وليس على المؤثرات الخارجية سواء من الطبيعة أو الأفراد. ولفهم هذه الفرضية وجب أن أحدد وأقرر ماهية الحياة التي أتبعها وأسلكها وأعيشها، هل أنا أعيش سلاماً داخلياً مع نفسي، هل أعيش بسلوك امتلاك المؤثرات الخارجية مثل الممتلكات، أم أعيش لأروي ذاتي الداخلية وهي كنوز الروح، حيث يكون السلام الداخلي شيئاً جوهرياً وليس ثانوياً.

إن العقل يشبه لحد ما الحديقة التي تحتاج إلى رعاية يومية من أجل أن تظهر بمظهر حسن وجميل، ولهذا وجب في نهاية كل يوم أن تفرغ عقلك من جميع الشوائب وتضع بذوراً تحوي أفكاراً جميلة في أرضية عقلك قبل النوم وتسقيها وتراعيها لأنها ستكون أول فكرة تراها في بداية النهار.

تساؤلات مشروعة بخصوص حياتنا اليومية وهي: كيف لي أن أضع معنى حقيقياً للحدث؟، ما هي الطريقة المثلى التي أرى بها الأمور؟، لأن البعض ينظر للحدث على أنه مشكلة، والبعض الآخر ينظر للحدث نفسه على أنه عقبة، وهنا يكمن الفرق في التصرف والنتيجة بين الأفراد. لأنك عندما تنظر للحدث كمشكلة فإن عقلك يراها مشكلة لا يمكن حلها، والعكس صحيح عندما تنظر للمشكلة كعقبة فإن عقلك سيفكر في العديد من الطرق لتجاوز هذه العقبة وسيستطيع أن يساعدك في تخطيها. وهذا كله يعتمد على مقياس مستوى معنوياتك وصبرك وقوة روحك الداخلية ومستوى ذكائك الروحي الذي تم شرحه أعلاه.

إن الحياة مدرسة، والأفراد هم الطلاب، والمدرسين هم الأشخاص «الصعبين» الذين يخلقون لك المشاكل والأحداث المؤلمة. فكيف ستتصرف مع هؤلاء وكيف ستتعلم منهم كيفية التعامل والحياة، وفي الوقت نفسه تحافظ على السلام الداخلي بداخلك بغض النظر عن جميع تصرفات الآخرين الصعبين. وهنا يكمن التحدي الذي يفرق بين الأفراد. ونخلص إلى قول «إذا أردت أن تطور حياتك فعليك أن تغير نظرتك للحياة، وأن خيار خلق السعادة بداخلنا هي في أيدينا، وليس في أيدي الآخرين أو المؤثرات الخارجية».

إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"

العدد 4136 - الخميس 02 يناير 2014م الموافق 29 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:33 م

      وراحة القلب في قلة الاهتمام

      يلخص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام سر السعادة سعادة القلب بقوله في حديث حكيم ذي معنى خلاق: "(...) وراحة القلب في قلة الاهتمام (...)". ركزوا على المعنى كي تعرفوا مفتاح الأمن الداخلي والهدوء النفسي والاستقرار الوجداني
      شكرا للدكتور نبيل تمام هذا المقال الشفاف

    • زائر 2 | 1:37 ص

      جمعة مباركة

      السعادة : إنها الصفاء القلبي ، والجمال الروحاني ، والنقاء الوجداني وقال شاعر شعبي : هذي السعادة حظوظ ماهي يالتمني عال الدرج ما يصعده مقيد الرجلين ويجد البعض السعادة في المفقود من الاشياء فيحلم لو انه يملك هذا ولو عندي ذاك فالاحلام الجميلة تشعرنا بالسعادة .

    • زائر 1 | 12:47 ص

      قد يكون مسرور أو فرح لكن كيف يكون سعيد وليس تعيس؟

      يقال لا شرف إلا شرفه الحقيقي كما لا سعادة حقيقيه في هذه الدنيا الفانيه وهذا ليس بسر ولكن الناس مختلفون في مفهوم لكن يقال المعن بيان! فقد يفرح أو يسر الناس بشيء جميل أو بإقتناء منزل أو زواج أو أولاد أو كثرة في المال ويقال ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور وما المال والبنون إلا زينتها وفتنتها. ويش وما عناء العيش يقال إلا للمنجانين! وأي سعاده في هذه الدنيا يعني يمكن تسميتها سعادة إذا كانو أصحاب السعاده ومنهم وزراء ووكلاء وزارات؟؟؟

اقرأ ايضاً