العدد 4155 - الثلثاء 21 يناير 2014م الموافق 20 ربيع الاول 1435هـ

مؤتمر السلام السوري يكشف خلافات عميقة بشأن الأسد

عبرت الحكومة السورية والمعارضة بغضب عن العداء المتبادل في أول لقاء لهما اليوم الأربعاء (22 يناير / كانون الثاني 2014) في مؤتمر السلام الذي ترعاه الأمم المتحدة حيث تبدى كذلك الخلاف في وجهات النظر بين القوى العالمية حول دور بشار الأسد.

واتهم زعيم المعارضة أحمد الجربا الرئيس السوري بارتكاب جرائم حرب على غرار الجرائم النازية وطالب وفد الحكومة السورية في الاجتماع الذي يستمر يوما واحدا في مونترو بسويسرا بالموافقة على خطة دولية لتسليم السلطة.

وأصر وزير الخارجية السوري وليد المعلم على أن الأسد لن يذعن لمطالب خارجية ورسم صورة مروعة لما وصفه بفظائع المعارضة المسلحة "الارهابية" التي تدعمها دول عربية وغربية حاضرة في الاجتماع.

وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي للصحفيين على هامش المحادثات "الاسد لن يرحل."

وكشفت الولايات المتحدة وروسيا اللتان تشاركان في رعاية المؤتمر عن خلافاتهما بخصوص الأسد خلال اليوم الذي يشمل كلمات رسمية في مونترو على بحيرة جنيف. ويأمل مسؤولو الأمم المتحدة أن يفضي المؤتمر إلى مفاوضات في جنيف بدءا من يوم الجمعة.

وتعكس المحادثات القلق العالمي المتصاعد من أن تمتد الحرب - التي قتلت أكثر من 130 ألف شخص وشردت الملايين - خارج سوريا وتؤجج التشدد الطائفي في الخارج.

وقال مسؤولون غربيون إنهم ذهلوا من النبرة التي تحدث بها المعلم الذي تحدى أيضا طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون أن يقصر كلمته.

وتساءل بعض الدبلوماسيين بخصوص إمكانية استمرار المفاوضات.

وكرر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وجهة نظر المعارضة بأنه لا يمكن "بأي حال" أن يبقى الأسد في السلطة بموجب بنود اتفاق جنيف 1 لعام 2012 الذي يدعو لتشكيل حكومة انتقالية. لكن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال إن كل طرف له دور واستنكر "التفسيرات الأحادية الجانب" لاتفاق 2012.

ودعت السعودية التي تدعم المعارضة السنية إيران وجماعة حزب الله اللبنانية إلى سحب قواتهما من سوريا. ولم تشارك إيران بعد رفض المعارضة والغرب دعوتها لامتناعها عن تأييد تشكيل حكومة انتقالية. وقال الرئيس الإيراني إن استبعاد بلاده يعني أن من غير المرجح أن تنجح المحادثات.

ولا يعقد كبير أمل على المؤتمر لاسيما من جانب المعارضين الإسلاميين الذين وصفوا زعماء المعارضة المدعومين من الغرب بالخونة لمجرد مشاركتهم فيه.

لكن مسؤولين غربيين قالوا أيضا إن الآمال في إجراء محادثات في جنيف بعد يوم الجمعة باتت في مهب الريح.

وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن موقف المعلم المتصلب "يثير الذهول والغضب" وأضاف أنه لا يمكن تحقيق تقدم مع دمشق "إذا لم يظهروا بعض الذكاء".

ووصف مسؤول فرنسي كلمة المعلم بأنها "استفزازية وعدائية" في حين وصفها دبلوماسي غربي بأنها "خطأ كبير" يظهر "غطرسة يغلفها جنون العظمة" يمكن أن تقوض المفاوضات.

وافتتح بان الاجراءات داعيا إلى السماح على الفور بدخول المساعدات الانسانية لكل المناطق المحاصرة.

وقال "بعد نحو ثلاث سنوات مؤلمة من الصراع والمعاناة في سوريا.. اليوم يوم أمل ضعيف ولكنه حقيقي" وأدان انتهاكات حقوق الانسان بوجه عام.

وأضاف "أمامنا تحديات كبيرة لكنها ليست من التحديات التي لا يمكن تخطيها."

لكن لم تظهر أي علامة على إمكان التوصل الى حل وسط بخصوص القضية الأساسية وهي ما إذا كان ينبغي أن يفسح الأسد الطريق لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

ويقول الأسد نفسه إنه يمكن أن يفوز في انتخابات جديدة في وقت لاحق هذا العام ومصيره محل خلاف بين موسكو وواشنطن. وتؤيد العاصمتان نتائج اجتماع جنيف 1 للقوى العالمية في 2012 لكنهما تختلفان بخصوص ما إذا كانت تعني وجوب رحيل الأسد الآن.

ودعا الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض وفد الحكومة إلى الانقلاب على الأسد قبل بدء المفاوضات وقال "نريد أن نتأكد إذا كان لدينا شريك سوري في القاعة مستعد أن يتحول من وفد بشار إلى وفد سوري وطني مثلنا. انني أدعوه إٍلى التوقيع على وثيقة جنيف 1 بحضوركم جميعا. الآن لنقوم بنقل صلاحيات الأسد كاملة إلى هيئة الحكم الانتقالية التي ستضع اللبنة الأولى في بناء سوريا الجديدة."

وردا على اتهامات الحكومة بأن مقاتلي المعارضة عززوا تنظيم القاعدة ومتشددين آخرين قال الجربا إن قوات الأسد هيأت الأوضاع لتنظيم القاعدة لينمو عن طريق استهداف جماعات المعارضة الرئيسية.

أما المعلم فقد دعا القوى الأجنبية إلى الكف عن "دعم الإرهاب" ورفع العقوبات المفروضة على دمشق.

وقال "في سوريا أيها السادة تبقر بطون الحوامل وتقتل أجناتها وتغتصب النساء أثناء حياتها وبعد مماتها ... في سوريا أيها السادة يذبح الرجال أمام أطفالهم تحت مسمى الثورة."

وأضاف أن مستقبل الأسد ليس مطروحا للنقاش وقال "لا أحد فى العالم له الحق فى إضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أى شيء فى سوريا إلا السوريون أنفسهم وهذا حقهم وواجبهم الدستورى وما سيتم الاتفاق عليه هنا أو فى أى مكان سيخضع للاستفتاء الشعبي فنحن مخولون هنا لنقل ما يريده الشعب لا بتقرير مصيره ومن يريد أن يستمع لارادة السوريين فلا ينصب نفسه للنطق" باسم الشعب السوري.

وقال منذر أقبيق المتحدث باسم المعارضة إن الأسد هو المشكلة مضيفا أن المعارضة تقول "ديمقراطية" وهم يقولون "الأسد" وتقول المعارضة "دولة" في حين يتحدثون هم عن رجل. وأضاف أن الأسد يجب أن يرحل من أجل بدء الانتقال إلى الديمقراطية.

وكرر لافروف معارضة موسكو لتدخل "أطراف خارجية" في شؤون سوريا الداخلية واستباق نتائج المحادثات بخصوص تشكيل حكومة انتقالية. وقال أيضا إن إيران التي لا تشارك في مؤتمر جنيف 2 يجب أن تكون جزءا من الحوار الدولي.

وتعارض موسكو جعل رحيل الأسد شرطا للسلام. وقال لافروف بشأن البيان الختامي لاجتماع جنيف 1 "جوهر هذه الوثيقة هو أنه ينبغي تحديد مستقبل سوريا من خلال الاتفاق المتبادل بين الحكومة والمعارضة."

وتحدث كيري أيضا عن الاتفاق "المتبادل" بين السوريين ولكن بشكل يستثني الأسد.

وقال "نرى خيارا واحدا فقط.. التفاوض على حكومة انتقالية تشكل بتوافق متبادل... هذا يعني أن بشار الأسد لن يكون جزءا من هذه الحكومة الانتقالية. لا يمكن بأي حال أن يستعيد رجل قاد ردا وحشيا على شعبه شرعية الحكم."

ولا تشارك إيران في مؤتمر جنيف 2 بعد أن سحب بان في اللحظة الأخيرة يوم الإثنين الدعوة التي وجهها لها بعد أن هددت المعارضة السورية بمقاطعة المحادثات إذا حضرت إيران.

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله اليوم الأربعاء إن المحادثات لن تنجح على الأرجح مضيفا "فنتيجة لغياب أطراف مؤثرة عن الاجتماع أشك في أن ينجح اجتماع جنيف 2 ."

ومع استمرار المحادثات في مونترو تواصلت الحرب في سوريا.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن اشتباكات وضربات جوية وقعت في أنحاء متفرقة من البلاد. وأضاف أن المدفعية الحكومية قصفت قرى في محيط دمشق واشتبك مقاتلو المعارضة مع الجيش في حي جوبر على الطرف الشمالي الشرقي للعاصمة. وأفاد نشطاء كذلك بوقوع اشتباكات في حماة وحلب وفي محافظة درعا بجنوب البلاد.

وتحدث الجربا ووزراء غربيون عن آلاف من الصور ظهرت عشية المحادثات توضح على ما يبدو تعذيب الحكومة لسجناء وقتلهم. وقال الجربا إن صور التعذيب ليس لها مثيل سوى في المعسكرات النازية أثناء الحرب العالمية الثانية.

ورفضت الحكومة السورية التقرير بوصفه غير موضوعي ويهدف لتقويض المفاوضات.

وفي دمشق حيث باتت ظروف الحياة صعبة في ظل القصف ونقاط التفتيش عبر السكان المنهكون عن أمل مشوب بالحذر في تحسن الأوضاع.

وقالت ربا وهي أم لطفلين "لا يمكن أن أقول إن هناك تفاؤلا في أي مكان بخصوص محادثات جنيف لكنها بداية." وأضافت "لا اعتقد انها ستتمخض عن الكثير لكن البديل هو عدم اجراء اي محادثات بالمرة وهذا ليس افضل كثيرا."

وقالت ناشطة معارضة تدعى سوزان أحمد "الناس يأملون أن تكون محادثات جنيف فألا حسنا لهم للعودة إلى بيوتهم. إنهم منهكون ويريدون أن ينتهي الأمر."





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً