العدد 4167 - الأحد 02 فبراير 2014م الموافق 02 ربيع الثاني 1435هـ

رجال أمن في تركيا ينفون ضربهم متظاهراً حتى الموت

نفى اربعة شرطيين اتراك يحاكمون لقتلهم متظاهرا شابا خلال موجة الاحتجاجات ضد الحكومة في حزيران/يونيو 2013، اليوم الإثنين (3 فبراير/ شباط 2014) الاتهامات الموجهة اليهم في اليوم الاول من محاكمة تجري وسط اجراءات امنية مشددة في مدينة قيصري (وسط).

وفي قاعة محكمة حولتها قوات الامن الى ما يشبه قلعة حصينة، توالى المتهمون الاربعة على الكلام لينفوا جميعا، امام عائلة الضحية، ضربهم اياه حتى الموت.

واكد قائد الشرطيين المتهمين سوان جيكونار للقاضي "كنت احمل هراوتي لكن لم يكن في حوزتي قضيب كما جاء في الاتهام (...) لم اعمد الى اي اعتقال ولم اضرب احدا (...) لم اكن موجودا هناك لحظة حصول الوقائع".

وتبنى اثنان من زملائه الرواية الدفاعية نفسها على الرغم من مشاهد كاميرات المراقبة التي ارفقت بالملف. وقال احد هذين الزميلين حسين انجين "لم اكن هناك، لا علم لدي بشان ما حصل، لا اعرف حتى عما تتحدثون".

وحده الشرطي الرابع مولود سلدوغان اقر بانه "وجه ركلة صغيرة" للضحية عندما كان على الارض.

ومنذ بداية جلسة المحاكمة، تحدت والدة الضحية امل قرقماز المتهمين الثمانية الذين مثلوا امام المحكمة الجنائية وهي ترفع صورة لابنها لتسألهم "كيف استطعتم ان تقتلوا علي؟ كيف استطعتم ضربه؟ الا تخجلون من انفسكم؟"

وطالبت والدة المتظاهر وهو في التاسعة عشرة من العمر ضرب حتى الموت خلال الحملة الاحتجاجية ضد الحكومة التركية في حزيران/يونيو الماضي باحقاق "العدالة" لابنها مع بدء محاكمة ثمانية اشخاص متهمين بقتله في قيصري (وسط) بينهم اربعة شرطيين.

وتابعت "لقد ارسلت علي لتلقي الدراسة في اسكيشهير واعيد لي في نعش، نحن هنا للمطالبة بالعدالة ولا شيء غير العدالة".

وانتشر حوالى الفي شرطي مجهزين بخراطيم المياه في محيط قصر العدل لاحتواء مئات الاشخاص الذين جاؤوا يعبرون عن تضامنهم مع الضحية علي اسماعيل قرقماز في هذه القضية التي تعتبر رمزا للقمع العنيف الذي امر به رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ضد المحتجين.

وقرأ المدعي العام مرة جديدة التهمة الموجهة الى المشتبه بهم وهي "القتل المتعمد" مطالبا بعقوبات بالسجن تتراوح بين ثماني سنوات ومدى الحياة.

وانتشرت قوات ضخمة ضمت مئات العناصر من شرطة مكافحة الشغب مجهزين بدروع في محيط المحكمة حيث تجمع مئات المتظاهرين بينهم حوالى 300 محام جاؤوا لدعم شقيق الضحية وهو من زملائهم، وقد تجمعوا مطالبين ب"العدالة من اجل علي اسماعيل" بحسب شعار كتب على احدى لافتاتهم.

وحظرت حكومة قيصري بشكل بات اي تجمع في المدينة "لاسباب امنية" ومنذ مساء الاحد منعت عدة حافلات تنقل عشرات الاشخاص بينهم العديد من الطلاب من دخول المدينة وتم ابقاؤها عند ابوابها، على ما افادت جمعيات دعت الى التظاهر.

وفي الثاني من حزيران/يونيو الماضي تعرض علي اسماعيل قرقماز لضرب مبرح بايدي مجموعة من الاشخاص فيما كان يحاول الهرب من هجوم للشرطة اثناء تظاهرة تطالب باستقالة اردوغان في مدينة اسكيشهير الجامعية الكبرى في غرب تركيا.

واصيب الطالب بجروح بالغة ونزيف في الدماغ وفارق الحياة في العاشر من تموز/يوليو بعد غيبوبة استمرت 38 يوما.

وصورت كاميرات مراقبة المتهمين الثمانية وبينهم اربعة شرطيين باللباس المدني، وهم ينهالون بالضرب على الشاب المطروح ارضا بعصي بيسبول وهراوات.

ولم تنتظر اطراف الحق المدني بدء المحاكمة لتندد بنقلها الى مسافة اكثر من 500 كلم من مكان حصول الوقائع مشددة على البعد "السياسي" للملف.

واعلن احد المحامين الخمسين عن عائلة الضحية اوزغور اونغيل امام الصحافيين "حاولوا السيطرة على القضاء من خلال نقل مكان المحاكمة، اليوم سنعيد وضع العدالة على السكة".

وقال احد زملائه ايهان اردوغان "لا يمكن فصل هذا الحادث عن تظاهرات جيزي، السلطة تخشى ان تفقد شرعيتها الدستورية وامرت بقمع مكثف للحكومة من قبل قوات حفظ النظام".

وقضية قرقماز هي من الملفات القضائية النادرة التي تفتح بحق قوات الامن التركية بعد حملة احتجاجات حزيران/يونيو 2013.

وبحسب رابطة اطباء تركيا فان الاحتجاجات التي انطلقت من ساحة تقسيم في اسطنبول وامتدت الى سائر ارجاء البلاد اوقعت ستة قتلى واكثر من ثمانية الاف جريح. كما اعتقل الاف الاشخاص.

ومن المقرر اجراء اول محاكمة لمتظاهرين في الربيع المقبل في اسطنبول وتشمل 255 متهما وقد وصفهم اردوغان ب"المخربين".

وتراجعت صورة رئيس الوزراء بشكل كبير اثر قمع المتظاهرين الذين كانوا ينددون بالتوجه "التسلطي" لاردوغان ورغبته ب"اسلمة" المجتمع التركي.

واردوغان الذي يحكم تركيا بدون منازع منذ العام 2002 يواجه مأزقا جديدا يطاول صورته وصورة حكومته جراء فضيحة سياسية مالية غير مسبوقة تستهدف عشرات المقربين منه في عدد من التحقيقات بالفساد.

وقبل شهرين من الانتخابات البلدية تسببت هذه القضية باستقالة ثلاثة وزراء وفرضت اجراء تعديل حكومي. ومع اقترانها بهشاشة الاوضاع المالية في الدول الناشئة، ادت الى تسريع تدهور العملة التركية وحركت مخاوف الاسواق بشان المستقبل الاقتصادي للبلاد.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً