العدد 4185 - الخميس 20 فبراير 2014م الموافق 20 ربيع الثاني 1435هـ

زهراء الزيرة: نجاح تجربة علاج صعوبات التعلم واضطرابات نقص الانتباه وفرط الحركة لدى الأطفال

التشخيص المبكر للحالة وبدء العلاج يحققان نتائج إيجابية

الزيرة: نشر الوعي بمجالات صعوبات التعلم وضعف الأنتباه هو الأساس الذي سارت عليه المؤسسة
الزيرة: نشر الوعي بمجالات صعوبات التعلم وضعف الأنتباه هو الأساس الذي سارت عليه المؤسسة

لا توجد إحصائيات أو دراسات ميدانية محلية تعطي نسبة ولو تقريبية للأطفال المصابين بصعوبات التعلم واضطرابات نقص الانتباه وفرط الحركة من ذوي الاحتياجات الخاصة في البحرين، غير أن هناك حالات كثيرة من دون شك تستلزم اهتمامًا ورعايةً خاصةً - ليس من جانب المعلمين والمعلمات فحسب - بل من جانب أولياء الأمور أيضًا.

في البحرين، نجحت مبادرة تأسيس المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة منذ العام 2002 في تقديم نموذج تربوي متقدم في علاج صعوبات التعلم، ومنها صعوبة القراءة (الدسلكسيا)، وكذلك اضطرابات نقص الانتباه وفرص الحركة لدى الأطفال، ولعل رئيس المؤسسة زهراء الزيرة تطلعنا من خلال هذا اللقاء على جوانب يجب على أولياء الأمور والعاملين في قطاع التعليم والتربية الخاصة معرفتها والتعامل معها.

والمؤسسة هي مؤسسة أهلية تقدم خدمات نوعية في مجال التربية الخاصة ونشر الوعي بكيفية التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب خدمات التشخيص والتقييم، البرامج العلاجية الأكاديمية والنفسية، وتقوم بإعداد البرامج والخطط الفردية للأطفال وتقدّم استشارات تربوية إلى جميع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

حقوق مشروعة في التعليم

هذا الركن المهم يمثل أحد مرئيات فلسفة المؤسسة، فزهراء الزيرة لخصت الفلسفة في أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هم أولاً وقبل كل شيء أطفال لهم حقهم الطبيعي في التعليم والعيش بكرامة، ومن حق كل فرد أن ينمّي قدراته التي حباه الله إياها لأقصى درجة ممكنة، وأن من واجب المجتمع والناس احترام الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير جميع الوسائل التي تساعدهم على الحصول على حقوقهم المشروعة في التعليم والعمل والترفيه، ويندرج تحت ذلك أيضأ التقييم الشامل للطفل وتطوير البرامج الشاملة والفردية التي تنمّي الجانب العقلي والنفسي والجسمي والروحي لهؤلاء الأطفال وتزويدهم بالمهارات والمعارف التي تتناسب مع قدراتهم والتي تمكّنهم من الاندماج في المدرسة والمجتمع مع أقرانهم.

أطفال أذكياء... محبطون!

الوعي، ونشر الوعي بحالات صعوبات التعلم وضعف الانتباه وفرط الحركة كان هو الأساس الأول الذي سارت عليه المؤسسة كما تقول الزيرة: «في البداية، وقبل ثلاث عشرة سنة في العام 2002، عندما كنت أدرس معلمات ومعلمي المستقبل في جامعة البحرين، وقفت عن كثب أثناء التربية العملية على حالات في الفصول الدراسية... كنت أرى أطفالًا يشع الذكاء من عيونهم، لكن حين تطلب منه المعلمة القراءة يخاف ويرتبك ولا يجيد القراءة، وقمت بتقييم أكثر من مدرسة وشخصت الكثير من الحالات حيث وجدتُّ بعض الأطفال أذكياء للغاية وعباقرة في الرياضيات لكنهم لا يتمكنون من القراءة، فدفعني الفضول إلى معرفة الخدمات التي يتم تقديمها لهذه الفئة لكن لم أجد مستوىً مرضيًا من الخدمات ولا تتوافر أية احصائيات فتوكلت على الله وبدأت بنفسي، وأدركت أن هناك حاجة شديدة إلى هذه الخدمات، وخصوصًا أن الأطفال أذكياء ويحتاجون إلى رعاية ويصابون بالإحباط؛ لأن عندهم قدرات لكن ليس هناك من يرعاها وينميها، فيصلون إلى الصف السادس ثم إلى المرحلة الاعدادية وهم يحملون مشكلتهم، وللأسف، يصل الحال ببعضهم إلى الجلوس في البيت لتعثر تحصليهم الدراسي».

وعندما بدأت المؤسسة عملها في مقرها السابق في منطقة العدلية لتقديم خدماتها إلى هذه الفئة من الأطفال، استعنت باختصاصيين من الأردن وبدأنا عمليات التقييم والتشخيص والبرامج العلاجية، ولأن الأعمال بالنيات، سارت المؤسسة منذ أول يوم بشكل طيب، ثم بدأ الناس يسمعون عن المؤسسة، وبدأوا يأتون إلينا، كما تواصلنا مع الإعلام والصحافة ونفذنا برامج توعية كثيرة، والحمد لله، ساهمنا في نشر الوعي أكثر بكثير من السابق، والآن أنا فخورة بالوعي الذي انتشر بين الناس.

أولياء الأمور... المبادرة الأولى

وفيما يتعلق بمدى تجاوب ومبادرة أولياء الأمور للتبكير في تشخيص وعلاج أطفالهم، توضح الزيرة أن أولياء الأمور لا يأتون إلا حين يستنفدون جميع الطرق في حل المشكلة، والبعض يعتقد أن الطفل سيتجاوز المشكلة مع نموه ويقارنون بينه وبين تجربة أخيه أو ابن عمه وهذه من الأفكار الخاطئة! فالأطفال الذين يعانون من الدسلكسيا مثلًا هم أطفال أذكياء ومؤشر الذكاء لديهم مرتفع ولابد من حصولهم على الطرق التي ترفع مستواهم، لهذا استعنت بالاختصاصيين من خارج البحرين للعمل سويًّا، ثم وجدت أن البعض لديهم حساسية من عنوان «التربية الخاصة» وبعض الأمهات يتخوفن من معرفة حاجة أطفالهن إلى برامج تربية خاصة، وهذا أيضًأ خطأ... فالتربية الخاصة درجات تشمل المتفوقين والمتخلفين دراسيًّا، وسعينا لتغيير هذه الفكرة ووجدنا التجاوب المثمر من جانب الأمهات والآباء مع تواصلنا معهم.

نظام تعليم فردي

وماذا عن تقييم نوعية الخدمة ذاتها؟، في هذا الشأن تقول زهراء الزيرة إن هناك متابعة شخصية لكل طفل على حدة، ويجرى تدقيق كل تقرير عن كل طفل في المؤسسة، ونبدأ بأول مقابلة مع الأهل بوجود الطفل ووالديه بالطبع، ونتكلم مع الطفل في مرحلة التشخيص الأولى ثم نأخذه إلى اللعب فترة وننفرد بأولياء الأمور لنسجل تقريرًا عن الطفل منذ قبل ولادته إلى لحظة إحضاره إلى المؤسسة، فقد يكون سبب مشكلة صعوبة القراءة (الدسلكسيا) أو ضعف الانتباه وفرط الحركة مرتبط بحالات جينية ربما ليست لدى الأب والأم لكنها قد تكون لدى فرد في العائلة، وحين نحصل من الأم على تاريخ الحالة نحولها للتقييم لمعرفة ما اذا كان الطفل مشتت الذهن طوال الوقت أم أنه يشغل نفسه في حصته الدراسية بحاجياته القرطاسية أو يسبب تعبًا لمعلميه ويشكل عبئًا على ذويه في إنجاز الواجبات المنزلية... من الطبيعي أن يكون الوضع غير طبيعي حين تقضي الأم منذ الساعة الرابعة عصرًا إلى الثامنة ليلًا مثلًا تلازمها فرط حركة وتشتت وعدم قدرة على القراءة.

إعداد تقرير خاص

وبالنسبة إلى التقرير الخاص بكل حالة، تشير الزيرة إلى أنه على رغم تأخر المواعيد بسبب ضغط العمل، فإننا نحرص على إعداد تقرير نناقشه مع الأهل، ثم نطلعهم على البرامج المراد تنفيذها لعلاج الحالة، وحين نبدأ في جلسات صعوبات التعلم فهي تشمل جلستين كل أسبوع تمتد إلى 55 دقيقة للجلسة الواحدة مع الاختصاصي، ونفصل أهداف البرنامج لكل طفل، وليست لدينا مناهج خاصة لكن نعتمد خطة تربوية فردية، وفي كل جلسة مع الاختصاصي نحرص على تحقيق هدف من الأهداف المتوخاة إلى أن نصل إلى مستوى أقران الطفل في فصله الدراسي، ثم هناك تقييم مستمر لتطور الطفل وبعد كل ثلاثة أشهر نكتب عنه تقريرًا نهائيًّا، فعلى سبيل المثال، بالنسبة إلى صعوبة القراءة، لدينا تسجيلات صوتية لقراءة الطفل في أول جلسة، وكيف تطور مستواه في نهاية البرنامج للمقارنة.

أثناء التحاق الطفل بواحد من البرامج، يتم التقاء الأهالي بمعدل مرتين على هيئة لقاء جماعي ونطرح نقاشًا عامًّا عن التعامل مع الطفل، بل وندعو أولياء الأمور غير المتابعين لتبادل الخبرات والتجارب بغرض نشر الشعور بالأمان والاستفادة من تجارب الآخرين.

وضعية الحالات المتعثرة

ما الذي يجب فعله بالنسبة للحالات المتعثرة؟ تجيب رئيس المؤسسة زهراء الزيرة بأن هناك دراسة للحالات المتعثرة كل ثلاثة أشهر مع الاختصاصيين لبحث أسباب عدم تطور الحالات خلاف ما توقعناه، ونناقش مع الاختصاصيين في التربية الخاصة والنطق والحركة ونضع تصوراً ثم نبلغ أولياء الأمور، ثم لدينا المثلث الذهبي وهو بين المؤسسة والمدرسة والبيت، وإلا، دون ذلك، فإن عملنا سيكون قاصرًا، بل ونتواصل مع الاختصاصي النفسي في المدرسة التي يدرس فيها الطفل، ونلتقي أولياء الأمور بين حين وحين ونشرح لهم تطور الحالة ويمكنهم متابعة أطفالهم في الجلسات العلاجية في فصولهم الفردية مع الاختصاصيين، وننمي كذلك مهارات أولياء الأمور في كيفية التعامل مع أطفالهم.

أما البرنامج النفسي لتعديل السلوك، فالأطفال الذي يعانون من هذه الحالة يحتاجون إلى قضاء 95 في المئة من البرنامج مع المتخصص، وهنا أود أن ألفت نظر أولياء الأمور إلى أن استخدام مفردات من قبيل: أنت شيطان... أنت غبي... أنت طفل مزعج، فهذا يشكل خطراً على الطفال، إذ إن بعض الأطفال يخزن هذه الأوصاف ويصف نفسه بها لأنه سمع أمه تقول له ذلك، والبرنامج الذي يمتد لساعة أسبوعية يشمل جزءًا مع الطفل وجزءًا مع الأهل كونهم بيئة الطفل، وفي بعض الحالات، يجب علينا تغيير سلوكيات خاطئة لدى الأم أو الأب أو كلاهما ولربما هما سبب رئيس في المشكلة، وحتى لا تخرج خارج السيطرة، نعمل معهم لتصحيح بعض الأفكار والسلوكيات والألفاظ، وفي هذا تجاوب كبير من جانب الأهل.

ومن المهم أن نشير إلى أن عدم علاج هذه السلوكيات لدى الأطفال بشكل مبكر، ومنها تشتت الانتباه وفرط الحركة وصعوبات التعلم، فإنها تبقى معهم كمشاكل إلى أن يكبروا وربما تجد زميلاً لك في العمل دائم الاستعجال ومشتت الذهن وتتأثر علاقاتهم الاجتماعية والزوجية ومع من حولهم بسبب إهمال علاجهم في الصغر.

وختمت الزيرة بالإشارة إلى إحدى الدراسات البريطانية التي ترى أن 60 في المئة من حالات الاضطراب النفسي وفرط الحركة ناتجة عن عدم معالجة المشاكل مبكرًا في الصغر، فيعيش الإنسان حياةً مضطربة وفوضى عارمة... فلنفكر في مستقبل هؤلاء الأطفال، وليست هناك مشكلة لا يمكن حلها.

فصول خاصة وفردية للحالات حسب تصنيفها
فصول خاصة وفردية للحالات حسب تصنيفها
رئيس المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة زهراء الزيرة
رئيس المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة زهراء الزيرة
لقاءات أولياء الأمور الدورية تدخل ضمن منهج العلاج
لقاءات أولياء الأمور الدورية تدخل ضمن منهج العلاج

العدد 4185 - الخميس 20 فبراير 2014م الموافق 20 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:53 ص

      ماذا عن تونس

      هل متوفر للطلاب بتونس هذا البرنامج؟ وكيف يمكننا التواصل؟

    • زائر 2 | 3:17 م

      سؤال

      ممكن تفيدوني بمكان هذه المؤسسة

    • زائر 1 | 2:51 م

      السلام عليكم

      يا ريت لو تتم مراعاة الأهالي بالنسبة للأسعار
      فأنت ذات سمعة ممتازة جداً و لكن لا نستطيع إدخال إبننا الذي نتمنى له الأفضل ..
      و لا توجد لدنيا مراكز في البحرين متخصصة كمركزك

اقرأ ايضاً