العدد 4187 - السبت 22 فبراير 2014م الموافق 22 ربيع الثاني 1435هـ

أين هي السعادة في زمن المال؟

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ما الذي يحفز البشر للعمل أو التواصل مع الحياة لكي يعيشوا ويسعدوا؟ وكيف يأملون السعادة؟ هل هو عشق المال وتجميعه أم هي التي قد توصلهم إلى السلطة والنفوذ وهو السلاح الأقوى للانتصار في الحروب غير المتكافئة؟ أم هنالك أشياء أخرى أغلى من كل أموال الدنيا ولا تُشترى بأي ثمن، وهي التي تُبهج النفس والسعادة الحقيقية والتي لا يراها الكثيرون، وتصعب رؤيتها أو لمسها لأنها جزءٌ من ذلك الخيال الإنساني الحالم بالكمال والمدينة الفاضلة،
ولاشك أن المال هو أحد الأسباب المرئية والشريان الرئيسي لأداء كل الوظائف وعصب الحياة. ولكن ما هو السر الذي يحفز أصحاب الملايين من البشر لمواصلة العمل وجمعه ودون كلل، هؤلاء ممن يملكون المال الوفير رغم أن مخزونه قد يزيد كثيراً عن حاجتهم، سؤالٌ يحيرني كثيراً، ولم أتوفق بعد للحصول على إجابة أكيدة، رغم محاولاتي، قد يكون تجميع المال تحفيزاً للوجاهة واللعب الطفولي بالحياة ولعب الكبار أكثر خطورة، أو لتقوية العزيمة وبأننا الأقوى، بما نتميز عليهم من المقتنيات والمراكز السلطوية في التحكم بمقدرات البشر أو وظائفهم والتي تكون في الغالب ماديةً، ولكن الغريب في الأمر أنه كلما ازدادت الثروة والمقتنيات والسطوة والسلطة والانغماس في المُتع والماديات، وارتياد المطاعم السبع نجوم والسفر بطائراتٍ خاصة، انتقص ذلك الإحساس بالسعادة، وتراءت بعيدة وأنه كلما حاول الاقتراب منها تبتعد عنه وتُصبح كالسراب في الصحراء القاحلة، وتراه يدور في حلقةٍ مفرغة.
وأعرف أن للسعادة ميزاناً آخر لا يدركه أصحاب الملايين وهي ضرورة وجود المبادئ الأساسية والإنسانية لفائدة البشر، سواء باحتضان قضية في الحياة يسعى ويجاهد من أجلها غير قضية جمع المال،، كمثل العلماء والمخترعين الذين اخترعوا وأبدعوا للارتقاء بخدمة البشرية، وهنالك المبدعون في الكتابة والفنون وأمور أخرى،
وتحفيز آخر، يتمثل فيمن ضحوا بحياتهم وأوقاتهم في سبيل تحرير أوطانهم من الذل والاستعمار مثل جمال عبدالناصر الذي قام بنشر الوعي والوطنية لتحرير وتوحيد الأمة العربية، ونيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا وغاندي في الهند وجيڤارا في كوبا... إلخ، وحالياً في محاولات مستمية لتكملة مشوار الربيع العربي لشبابٍ كرسوا حياتهم لمحاربة الظلم والطائفية وهم سعداء جداً وتراهم لا يملكون في جيوبهم قوت يومهم ولكن مبادئهم وقضيتهم هي التي تشع من عيونهم وتملؤهم السعادة الداخلية والتحفيز كلما حققوا انتصاراً مهما كان ضئيلاً. وإيمانهم القوي بأنهم سيحاربون الظلم، وأعطوا شبابهم وحياتهم ثمناً لذلك ولعشقهم الحياة، وسعادتهم يصعب وصفها لعمق معانيها ولا تُشترى بثمن،
فهؤلاء الشجعان والرموز وإصرارهم على تحقيق العدالة الربانية والتي توحي بها كل الكتب السماوية والأرضية ولولاهم على مَرِّ العصور لاندثرت الحضارة.
ومع الأسف الشديد أضحى المال أيضاً في يومنا يمول الجشع وأعمال الفساد وتخريب الأوطان، والتي تُدار بها خيبات الامة العربية من الأنظمة الفاسدة والقوانين المنحازة إلى الفئة الأقوى وأصحاب الأموال والتي تجمع مالاً تحتاجه، وتورط الأوطان وتدفع ثمناً للموت وهو النوع المريض من التحفيز، في استهلاك لا يؤدي إلى أي نوعٍ من الفرح ناهيك السعادة، ألا ترون معي المعاني المشوهة الكثيرة الفاسدة والجميلة للتحفيز على الحياة، وإنني اعترف بأنها تحفيزٌ غريب وغير متكافئ.
وأرجو المعذرة إذا لم أتمكن من إيصال مشاعري الخاصة كاملة في هذا المجال.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4187 - السبت 22 فبراير 2014م الموافق 22 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 8:13 ص

      المال نعمه

      السعادة في العطاء والمال رمز العطاء لمن يحب تجالخير ساعدنا يارب العالمين

    • زائر 6 | 8:10 ص

      المال وساخة الدنيا

      المال والبنون زينة الحياة الدنيا وفضل الله تعالى المال على البنون لانهم غدارون اما المال فببقى معك نا حييت ولكن اهم مشكله هو مالعمل به حينما يتراكم والانشغال به ايضاً مصيبه وتوزيعه ليس سهلاً كفانا الله شرور الدنيا

    • زائر 5 | 4:38 ص

      احبو

      احبو الطغات المال ونسو شرع الله ودائما يحاربون الله ويفعلون كل شى من تدمير الانسانيه لاجل مصالحهم المشتكى لله حقا الامة ابتليت بالجهل

    • زائر 3 | 3:24 ص

      منهومان

      منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب مال (من كلام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه)

    • زائر 1 | 9:55 م

      متى يلتفت العالم لهذه المنطقة

      أنظمة ليس لها قاعدة ديمقراطية متقدمة يتحكمون في مصائر شعوبهم كالعبيد متى نرى التغيير لدينا

اقرأ ايضاً