العدد 4202 - الأحد 09 مارس 2014م الموافق 08 جمادى الأولى 1435هـ

لـ «تعليم نحو مستقبل أفضل»

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

نظمت جمعية المنتدى بالتعاون مع نادي الخريجين محاضرةً بعنوان «نحو تعليم عصري وخلاق في مملكة البحرين»، للرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب جواهر المضحكي.

في بداية المحاضرة أشارت المضحكي إلى أن عنوان المحاضرة مثالي إلى حد كبير، وعليه فقد اتفقت مع الجهة المنظمة (جمعية المنتدى) بأن يكون العنوان البديل والأكثر واقعية هو لـ «تعليم نحو مستقبل أفضل».

جاءت هذه المحاضرة بعد مضي خمس سنوات على إكمال الهيئة دورة المراجعات الأولى في 202 مدرسة حكومية و83 معهداً و14 جامعة و30 برنامجاً أكاديمياً، والانتهاء من 5 دورات للامتحانات الوطنية.

من المنطقي أن نتساءل: يا ترى، أين كنا قبل إطلاق مشروع تطوير التعليم والتدريب في العام 2005؟ وما الذي تغيّر أساساً؟ وهل لامست دعوات إصلاح التعليم جوهر العملية التعليمية أم اهتمت بالشكل دون المضمون؟ وإلى أين نحن متوجهون في ظل التحديات الكبيرة التي تعصف بالتعليم في العالم بوجه عام؟

منذ إنشاء لجنة تطوير التعليم والتدريب، وكان الهدف منها الارتقاء بمهارات البحرينيين وتعزيز قدراتهم على تلبية متطلبات سوق العمل، وهو ما أشارت إليه المضحكي. وفي تصوري، فإن مواءمة مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل ليس من اختصاص صندوق العمل (تمكين)، عندما يقوم عدد من موظفي هذه المؤسسة بإجراء مسوحات أو دراسات بحثية لتحديد المهارات المطلوبة في سوق العمل البحريني وتشخيص حالات القصور، بقدر ما هي مسألةٌ تتعلق بالمراكز البحثية وحجم ما تنفقه الدولة في هذا المجال.

في تصريحات سابقة لوزير العمل جميل محمد حميدان، أشار إلى أن الخطة الوطنية لسوق العمل للعامين 2014 – 2015، تقوم على أربعة محاور أساسية، وهي: التوظيف المنتج والمستدام، والتدريب وتنمية المؤسسات، وتحسين ظروف العمل والعلاقات العمالية، وتحديث معلومات ومؤشرات سوق العمل، وبأن هذه الخطة وضعت بالشراكة بين وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل وتمكين ومجلس التنمية الاقتصادية ووزارة التربية والتعليم والجهاز المركزي للمعلومات والاتصالات ووزارة الصناعة والتجارة والإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة، وهي تهدف إلى تجسير الفجوات بين خطط مؤسسات إدارة سوق العمل لتتكامل مع بعضها البعض، بما يمنع كل أشكال الازدواجية في الجهد والنفقات.

أشار أحد الأساتذة بجامعة البحرين في مداخلة له عن وجود لبس وغموض عند الحديث عن ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل، فغايات التعليم أسمى من مجرد ربطه بتحولات سوق العمل، إذ أن وتيرة المتغيرات هائلة ومتسارعة في السنوات الأربع أو الخمس التي يقضيها الطالب في الدراسة الجامعية الأولى، بالتالي يكون من الصعوبة بمكان الاستناد إلى توصيات الدراسات المسحية وحصر التخصصات بما يتلاءم مع مخرجات سوق العمل.

كلام الأستاذ الجامعي ذكرني بملف العاطلين الجامعيين البحرينيين وهم بالآلاف، وأكثرهم من الإناث ومن تخصصات بعينها كالعلوم الإنسانية، وهذا يفتح الباب أمامنا لمناقشة جدوى تأكيدات المسئولين في الدولة بين الفينة والأخرى على تطوير الكفاءات الوطنية لتنافس العمالة الأجنبية الوافدة. هذه التصريحات لا نجد لها مكاناً في ظلّ تزايد أعداد المستشارين الأجانب وبيوت الخبرة العالمية.

قد لا نختلف بأن مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل ليست ظاهرة بحرينية ولا عربية، وإنما هي عالمية، إلا أن استمرار اتساع الفجوة لهو مؤشر خطير يهدّد مستقبل أبنائنا وبناتنا، خصوصاً الجامعيين منهم.

كما تناولت المضحكي أهم العوامل المؤثرة في التعليم، حيث أشارت إلى دور المعلم والطالب في النظم التربوية الحديثة، وتعزيز المناهج نحو تعليم مبدع، وبيئة التعليم والتعلّم، وبأن مستقبل التعليم يكون من خلال التفاعل بين المبادرات والأطراف ذات العلاقة: لجنة تطوير التعليم والتدريب، وزارة التربية والتعليم، مجلس التعليم العالي، وزارة العمل، صندوق العمل (تمكين)، المجلس الاستثماري للعمل، مجلس التنمية الاقتصادية. الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب.

كان لي ـ ولا يزال ـ رأي مغاير فيما يمكن أن نعتبره «جدلية الزيارات المبرمجة وغير المبرجمة للمؤسسات التعليمية»، وهي تمثل إحدى التحديات التي تؤثر على طبيعة العلاقة بين ما تقوم به فرق التقييم الخارجي التابعة لضمان الجودة من جهة، وفرق تحسين أداء المدارس من جهة أخرى رغم تكامل الأدوار فيما بينهما، فالأولى (الجودة) تأتي وفق جدول وموعد زمني مسبق، وهو ـ بنظري ـ كفيل بأن يحدث استنفاراً داخل المؤسسة التعليمية المراد تقييمها بأيام وربما لأشهر، للقيام بأدوار ومواقف تعتبرها الفئات المستهدفة شكلية وتجميلية لإرضاء اللجنة وبأن الأمور تمشي وفقاً لمعايير الجودة، لينتهي أثرها بعد مغادرة اللجنة المذكورة. رغم الاستنفار، فإن المضحكي لا ترى مبرراً في حصول تلك المدارس على تقدير «غير مرضٍ»!

أما الفرق الأخرى التابعة لوزارة التربية والتعليم (فرق التحسين) فتأتي من غير سابق موعد، لتقديم الدعم والمساندة للمدارس، والسؤال المطروح هنا: لماذا وجدنا مثلاً مدارس حصلت على تقييم «غير مرضٍ» وبعد يوم أو أيام معدودة فقط تمنحها هيئة ضمان الجودة «تقدير جيد» أو العكس؟

بعد خمس سنوات وأكثر على عمل الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب، أعتقد بأن على الهيئة مسئولية النظر إلى بُعدَي (التحصيل الدراسي والقيم المدرسية) أثناء عملية التقييم ليكون شاملاً، فبالقدر الذي نولي اهتماماً كبيراً بعمليتي التعليم والتعلّم، فإن القيم والسلوكيات ومبادئ حقوق الإنسان المراد تمثلها في المجتمع المدرسي تظل مهمة وهي على جدول أعمال زيارة الوفد التقني التابع لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى مملكة البحرين ولقائه بالمسئولين في وزارة التربية والتعليم، ومناقشة أوجه تقديم الدعم الفني والتقني التي يقدمها مكتب المفوضية وسبل الاستفادة منها في تعزيز وبناء القدرات للعاملين في قطاع التعليم وفقاً لأفضل الممارسات العالمية في مجال حقوق الإنسان.

هذا التوجه، دفعني لأسأل المضحكي في مداخلتي عن الدور المناط بها بعد تعيينها مؤخراً عضواً في مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، وكيف يمكن لها أن تساهم من خلال موقعها القيادي في الهيئة بالنظر إلى التعليم وضمان حق التعليم لجميع الموقوفين والمحكومين وإعداد برنامج تعليمي متكامل لإصلاح وتأهيل الموقوفين والسجناء، وذلك ضمن اختصاصات المفوضية بمراقبة السجون ومراكز التوقيف ومراكز رعاية الأحداث والمحتجزين والتحقق من أوضاع احتجاز النزلاء والمعاملة التي يتلقونها، لضمان عدم تعرضهم للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 4202 - الأحد 09 مارس 2014م الموافق 08 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 9:45 ص

      واقع التعليم

      ما يحدث هو استنزاف للطاقات لتصب في نهاية المطاف في بهرجات شكلية يكون نصيب التقدم والتطور هامشي جداً بحيث لا يأتي بنتيجة تذكر، وذلك يعود في أن واقع البيئات المدرسية بجميع أركانها لا تقوم على وعي الوزارة بهذه الأركان، وإنما بمصالح وتوجهات تتداخل فيها السياسة

    • زائر 2 | 1:33 ص

      QHC

      لماذا تحصل المدارس على تقدير من فريق الدعم مغاير الى ما تحصل عليه من فريق الجودة؟
      ورد هذا التساؤل في مقالك.
      لتكون الاجابة سهلة سأضعها في مثال. عملية المرتجعة مثل الصورة. فربما تؤخد لك صورة وانت تبتسم وبعدها بدقائق صورة اخرى وانت عابس.
      لذلك ختى فريق الجودة عندما يصدرون حكم ربما لو يتسنى لهم زيارة المدرسة بعد اسبوع او اكثر ربما يصدرون حكما مغايرا. هذا امر طبيعي.
      انا متابع لمقالاتك الجميلة والتي تعبر عن فهم وثقافة عالية.
      بالتوفيق.

    • زائر 1 | 10:40 م

      العائد

      ما هو العائد الذي حققته هذه البرامج بالنسبة لكلفتها؟ أعتقد أن الجواب سلبي والبرنامج ينبغي أن يتوجه للتطوير أولا بدلا من مراقبة المغلوب على أمره المسمى معلم. هل يعقل أن يطلب منك صياغة أهداف هي أعلى من المنهج وأهدافه حتى نرضي الجودة؟

اقرأ ايضاً