العدد 4216 - الأحد 23 مارس 2014م الموافق 22 جمادى الأولى 1435هـ

تهديدات السلم الأهلي وواقع العمل الأهلي في البحرين

عبدالله جناحي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إن التهديدات المحدقة بالسلم الاجتماعي واللحمة الأهلية والسيادة الوطنية في ظل الجمود السياسي الملازم للدولة الراعية، قد تجلّت بشكل فاضح وخطير في البحرين بعد اندلاع ثورات الربيع العربي وانطلاق الحراك الشعبي الكبير في البحرين في 14 فبراير 2011، والذي تمخض عنه أحد أكبر المخاطر الاجتماعية في هذه الجزيرة، والمتمثل بالاحتقان الطائفي الكبير الذي اعتقد بأنه التحدي الأساسي لأية استراتيجية وطنية صادقة وجادة تريد إدارة المخاطر الاجتماعية وتتنبأ بحدوثها لتمنع انفجارها وتقلل من آثارها.

وقد برز الكثير من المخاطر الاجتماعية بعد قمع الحراك الشعبي في 14 فبراير 2011، وإعلان حالة السلامة الوطنية (حالة الطوارئ) التي لاتزال آثارها تتفاقم في ظل غياب أية حلول سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية جادة.

الخلل السياسي الاقتصادي

وهنا نؤكد بأن الخلل الاقتصادي مرتبط بشكل وثيق بالخلل السياسي، فكلاهما يرفد الآخر، حيث أن التهميش السياسي يمثل الوجه الآخر للتهميش الاقتصادي، فالاستغناء أو الإقصاء الاقتصادي عن دور المواطنين الإنتاجي يعتبر عاملاً معززاً في استغناء الحكومات سياسياً عن المشاركة الشعبية؛ وفي المقابل لعب الخلل الاقتصادي دوراً أساسياً في المحافظة على هذه البيئة السياسية من حيث أنه عزز من سلطة الحكومات مادياً، ومن قدرتها على كسب رضا قطاعات واسعة من الشعب عبر توزيع فتات الريع. ولذلك فإن نجاح أية استراتيجية اجتماعية تعتمد على مفهوم التنمية الإنسانية المستدامة يحتاج في المقام الأول إلى ضرورة إعادة النظر في النظام الاقتصادي نفسه، فالاقتصاد الريعي لا ينتج إلا دولة كبيرة، «متضخمة النفقات والميزانيات، ومتضخمة اقتصادياً، واقتصاداً مجتمعياً صغيراً، وقدرات مالية لدى الدولة غير قائمة على جباية الضرائب، وهذه الدولة بالذات هي التي تمتلك خيار الاستغناء عن المشاركة الشعبية السياسية» كما يقول عزمي بشارة.

وبالطبع مثل هذه الدولة تمتلك أيضاً خيار الإقصاء أو الاستغناء عن الشراكة بين أطراف المجتمع، وهو الركن الأساسي لمفهوم إدارة المخاطر الاجتماعية.

واقع القطاع الأهلي

حسب أحدث البيانات المنشورة على موقع وزارة التنمية الاجتماعية في مملكة البحرين (بيانات شهر يوليو 2012)، فإن عدد مؤسسات المجتمع المدني كالتالي: المؤسسات الخاصة 45، الاتحادات 3، الجمعيات الخيرية 67، الصناديق الخيرية 18، الجمعيات الإسلامية 35، الجمعيات المهنية 65، الجمعيات الشبابية 22، الجمعيات الاجتماعية 130، الجمعيات التعاونية الاستهلاكية 22، الجمعيات النسائية 22، الجمعيات الخليجية 14، الجمعيات الأجنبية 50، الأندية الأجنبية 37، الجمعيات الحقوقية 14. وعند تحليل هذه البيانات، نقف على أن المؤسسات الخاصة المسجلة في الوزارة تعتمد على نفسها في التمويل وإدارة أعمالها، وتحصل على تبرعات من رجال الأعمال ومؤسسات القطاع الخاص، وتشمل مؤسسات خيرية ورعاية الوالدين والمعاقين ورعاية حالات العنف الأسري ومراكز شبابية وتنمية المجتمع والإرشاد الأسري والحقوقية. ورغم تعدد تخصصاتها إلا أن نشاطها محدود ومحصور في عدد قليل نسبياً من المواطنين الموجّه لهم هذه الخدمات.

وتشمل الاتحادات كلاً من الإتحاد النسائي وهو إتحاد انضمت له عدد من الجمعيات النسائية البحرينية، واختصاصه إقامة فعاليات ونشر الوعي بحقوق المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، والعمل على إصدار تقارير سنوية موازية للتقارير الحكومية حول الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها حكومة البحرين كاتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة (السيداو) وغيرها.

أما الاتحاد الثاني فهو إتحاد الجمعيات الاستهلاكية البحرينية التعاونية الذي يعتبر تجمعاً تنسيقياً بين الجمعيات التعاونية في عملية شراء السلع الاستهلاكية وتحديد أسعارها. والإتحاد الأخير هو الإتحاد البحريني للمعاقين الذين يعمل على تنسيق العمل بين الجمعيات البحرينية ذات العلاقة بالمعاقين.

الجمعيات الخيرية: وهي منتشرة في مدن وقرى البحرين، وتعمل على مساعدة الفقراء والأرامل واليتامى وتوفير احتياجاتهم سواء في شهر رمضان أو قبل بدء الموسم الدراسي أو في الأعياد، ومن اسم هذه الجمعيات وأهدافها، نراها تركز على العمل الخيري والرعائي فقط. أما الصناديق الخيرية فتقوم بذات مهام الجمعيات الخيرية ويشكلها أهالي منطقة أو قرية ،وتركز على أعمال الخير ومساعدة أهالي المنطقة، وفي ظل الاحتقان الطائفي تأثرت بعض هذه الصناديق بالظاهرة الطائفية.

وتأتي هذه الظاهرة نتيجة لموافقة الوزارة على تشكيل أكثر من صندوق خيري في المنطقة الواحدة، وخصوصاً في المدن والمناطق المختلطة مذهبياً، حيث يقوم أبناء كل طائفة بتأسيس صندوق خاص بهم، وهذا ما حذر منه بعض الباحثين منذ التسعينات، حيث أوضحوا بأن مثل هذه الإجراءات الرسمية ستخلق اصطفافات طائفية من جهة، وطأفنة للعمل الخيري من جهة ثانية.

وفي خطٍ موازٍ، تقوم الجمعيات الإسلامية، بدعم الأسر الفقيرة مالياً وعينياً، من خلال توزيع الزكاة والمساعدات على الفقراء وذوي الدخل المحدود.

اتحادات وجمعيات

الجمعيات المهنية: كالأطباء والمهندسين والمحامين وغيرها، تركز برامجها وأهدافها على الدفاع عن مصالح وحقوق أصحاب المهنة، وبالتالي فهي في مساحة بعيدة نوعاً ما عن المشكلات الاجتماعية المتعلقة بالأسرة والطفولة أو الفقر، اللهم إلا في مجال إقامة الندوات المتخصصة التي تركز على مشكلات الفقر أو الصحة أو الإسكان أو غيرها.

الجمعيات الشبابية: وتعمل على تنفيذ برامج موجهة للشاب ومشكلاتهم، ونشاطها محدود وتأثيرات فعالياتها عادة تكون في إطار شبابي ضيق.

الجمعيات الاجتماعية: وتعمل ضمن نفس أهداف المؤسسات الخاصة، إضافةً إلى جمعيات تهتم بالمدمنين ومحاربة المخدرات والتدخين ومساعدة مرضى السرطان والقضايا الثقافية والفنية وغيرها، وبعضها جمعيات خاصة بالأقليات الدينية والإثنية.

الجمعيات التعاونية الاستهلاكية: وهي متخصصة في بيع السلع الاستهلاكية والزراعية والتوفير والتسليف لموظفي الوزارات والشركات.

الجمعيات النسائية: وتهتم بقضايا المرأة، ولدى بعضها برامج تنموية لتمكين المرأة في العمل، وبرامج حماية المرأة من العنف أو حل المشكلات الأسرية والطلاق وغيرها. وتتعاون وزارة التنمية الاجتماعية مع بعض هذه الجمعيات بتوفير الدعم لتنفيذ المشاريع متناهية الصغر والموجّهة للأسر الفقيرة.

الجمعيات الخليجية: وتعتبر بمثابة اتحادات الجمعيات ذات نفس الأهداف في دول مجلس التعاون الخليجي، كجمعية الاقتصاديين الخليجيين أو الاجتماعيين أو الصحافيين، وبعض المهن التجارية.

الجمعيات الأجنبية: وتهدف إلى احتضان الجاليات الأجنبية المتواجدة في البحرين وإقامة فعاليات فنية واجتماعية لهم. وكذلك الأندية الأجنبية التي تحتضن العمالة المهاجرة حسب الجنسية، بجانب أن بعضها متخصص للطلبة العرب والأجانب الدارسين في جامعات البحرين، فضلاً عن أندية عالمية كنادي «الروتاري» و»ليونز»، إضافةً إلى أندية مغلقة لجاليات محدّدة أو لأعضائها المسدّدين لاشتراكاتهم السنوية حيث توفر لهم متطلبات الترفيه.

الجانب الحقوقي

الجمعيات الحقوقية: وتم الحصول على بياناتها من مواقع هذه الجمعيات، وهي تعمل في إطار الدفاع عن حقوق الإنسان وكشف الانتهاكات التي تمارس من قبل أجهزة الأمن بحق النشطاء السياسيين والحقوقيين، أو المواطنين المتهمين بالشأن السياسي، علماً بأن بعضها يتسم بموالاتها لسياسات الحكم والدفاع عن إجراءاته؛ وبعضها يتبنى مواقف القوى المعارضة السياسية ولها علاقات وطيدة مع المنظمات الحقوقية العربية والعالمية، وتقديم تقارير دورية موازية للتقرير الحكومي أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كما أن بعضها غير مرخص رسمياً ويعمل خارج البحرين.

وقد شكلت بعض هذه الجمعيات مع جمعيات واتحادات مهنية وأهلية أخرى «المرصد الأهلي لحقوق الإنسان» الذي يتكوّن من «الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان» و»الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين» و»الاتحاد النسائي البحريني» و»جمعية الشفافية البحرينية»، حيث يعمل المرصد على تسليط الضوء على قضايا حقوق الإنسان والعمالة والمرأة والطفولة والفساد المالي.

ومن الجانب الحكومي فقد قام بتأسيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التي مازالت تواجه تحفظات عديدة على تشكيلها وصلاحياتها التي تتعارض مع اتفاقية باريس، ولم تُفعّل بالشكل الحقوقي المنشود، رغم أن ميزانيتها (720) ألف دينار. علماً بأن هناك جمعية حقوقية متخصصة في القضايا المتعلقة بحقوق العمالة المهاجرة.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"

العدد 4216 - الأحد 23 مارس 2014م الموافق 22 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:07 ص

      هم السبب

      الاخوان هم السبب فى مشاكل البحرين وفى أزمة البحرين المالية والاقتصادية والحضارية وفى حقوق الانسان .

اقرأ ايضاً